تراجعت الاسهم الصينية مجددا الثلاثاء وسط مخاوف من تباطؤ اقتصادي بعد الانهيار الذي اجتاح الاسواق العالمية يوم "الاثنين الاسود"، الا ان الاسواق الاوروبية والاميركية استعادت بعضا من عافيتها بفضل عمليات اقتناص الفرص ومجموعة الحوافز التي أطلقتها الصين.&

ويبدو ان قلق الاسواق المرتبط بانخفاض البورصات الصينية بدأ يتراجع بعد أن شهدت الأسواق العالمية هبوطا حادا الاثنين وسط حالة من الهلع.&

فقد اعلن البنك المركزي الصيني إجراءات لتحفيز الاقتصاد بينها خفض اسعار الفائدة ونسبة الاحتياطي الالزامي للبنوك بهدف دعم اقتصادها الذي يعد ثاني اكبر اقتصاد في العالم.&

الا ان السوق الصينية واصلت انهيارها الثلاثاء.

فقد اغلقت بورصة شنغهاي على تراجع نسبته 7,6 بالمئة بعد انخفاضها 8,5 بالمئة امس الاثنين، وهي اسوأ خسارة لها منذ عقدين.&

وبذلك تكون بورصة شنغهاي قد خسرت كل ارباح السنة وعادت الى ما دون المستوى الذي كانت عليه في 31 كانون الاول/ديسمبر 2014.

وبقي الدولار ضعيفا الثلاثاء فيما تعاني أسعار النفط من الانخفاض بعد أن تدنت الى ما دون 40 دولارا للبرميل، للمرة الأولى منذ ست سنوات.

الا أن الأسهم الاوروبية التي عانت من أسوأ هبوط لها الاثنين منذ الازمة المالية في 2008، استعادت أنفاسها بسبب سعي المستثمرين لاقتناص الفرص بعد اجراءات التحفيز الصينية.

كما سجلت البورصات الاميركية انتعاشا الثلاثاء حيث حقق مؤشر داو جونز للاسهم الصناعية ارتفاعا بنسبة 1,9% بعد 15 دقيقة من بدء التداول.&

وكسب مؤشر ستاندرد اند بورز 2,04%، كما احرز مؤشر ناسداك 2,40%.&

&وقال كريغ ايرلام من شركة واندا للتداولات ان "عمليات البيع الكبيرة الاثنين كانت مبالغة، الا ان المخاوف ما تزال ماثلة. فالاقتصاد الصيني لا يزال يتباطأ، وكلما شاهدنا الاسواق الصينية تنهار، زاد قلق المستثمرين".&

واضاف "لقد شهدنا في السابق كيف ان هذه الانهيارات الكبيرة يمكن ان تكون بمثابة انذار بركود اقتصادي عالمي، وبالنظر الى هشاشة العديد من الاقتصادات، فسيكون من السذاجة الاعتقاد ان الامر لن يتكرر".&

ومنذ فترة طويلة يثير تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين -- ثاني اكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة -- قلق المستثمرين، الا ان خفض بكين المفاجئ لقيمة عملتها قبل اسبوعين، عقب مجموعة من البيانات الاقتصادية الضعيفة، اثار حالة من الهلع في الاسواق.&

وتعتبر الصين اكبر دولة تجارية في العالم، كما انها محرك رئيس للنمو الاقتصادي العالمي، وبالتالي فإن اي مؤشرات على ضعف اقتصادها خاصة وسط توقعات بان يرفع البنك الاحتياطي الفدرالي الاميركي اسعار الفائدة للمرة الاولى منذ عشر سنوات، اثار المخاوف من ركود عالمي.&

واغلقت بورصة طوكيو على انخفاض نسبته حوالى 4 &بالمئة في اليوم السادس على التوالي من الخسائر، بينما انتزعت اسواق هونغ كونغ وسيدني وسيول بعض المكاسب.&

اما في اوروبا فقد استعادت الاسواق انفاسها وحققت بورصات فرانكفورت وباريس ارتفاعا بنسبة تزيد عن 4,5%، بينما حققت بورصة لندن مكاسب بنسبة 3,5%.&

وقال المحلل كونور كامبيل من شركة "سبيرديكس" ان "التحول استمر الثلاثاء (...) حيث عاد كل مستثمر شجاع الى المؤشرات الاوروبية في محاولة لاستعادة ما خسره يوم الاثنين".&

وقال بيرنارد او من شركة "اي جي ماركتس" انه لا يوجد "عامل واضح" لانهيار البورصات العالمية".&

واشار الى ان "مجموعة الاخبار الاقتصادية الجيدة قد تساعد في تبديد المخاوف بان النمو العالمي يتدهور. وبالتاكيد فان اي تحسن في الاقتصاد الصيني سيكون موضع ترحيب".&

واعلن البنك المركزي الصيني خفض معدلات فائدة الاقراض والايداع بنسبة 0,25%، كما خفض نسبة الاحتياطي الالزامي للبنوك بمقدار 0,50 نقطة مئوية. ويبدأ سريان هذه الاجراءات الاربعاء وتأتي بعد عمليات خفض مماثلة في اواخر حزيران/يونيو.&

وبهذا يكون المركزي الصيني قد خفض اسعار الفائدة خمس مرات منذ تشرين الثاني/نوفمبر في الوقت الذي تحاول السلطات تجنب تراجع قوي في النمو الاقتصادي.

وصرح بيتر ديكسون الخبير الاقتصادي العالمي في "كوميرزبنك" في لندن "اصابت المستثمرين حالة من الهلع امس (...) والخطوات التي قام بها البنك المركزي الاوروبي ستساعد في تخفيف ذلك".&

واضاف ان "الاسواق بدأت تدرك ان هذه مشكلة تتعلق بالصين وليس بأوروبا وحدها. وهذه مسائل خاصة تتعلق باساسيات في اسواق اخرى ولا تعكس الوضع في اوروبا".

&وكانت البورصات الصينية ارتفعت بنسبة 150 بالمئة خلال عام مدفوعة بمديونية كبيرة من دون ان يكون ذلك مرتبطا بالاقتصاد الفعلي، قبل ان تتراجع اعتبارا من منتصف حزيران/يونيو رغم الجهود المتكررة التي قامت بها بكين.

وذكرت بكين الاحد انها ستسمح كذلك لصندوق المعاشات الحكومي الضخم -- الذي يمتلك اصولا بقيمة 3,5 ترليونات يوان (546 مليار دولار) بنهاية 2014 -- بشراء الاسهم. والثلاثاء قال البنك انه ضخ مبلغ 150 مليار يوان في سوق المال لتسهيل السيولة في خطوة وصفها الاعلام الرسمي بأنها اكبر عملية ضخ مالي منذ كانون الثاني/يناير 2014.&

وفي سوق لندن للعملات بلغ سعر الدولار 119,65 ين بارتفاع عن سعر 116,19 ين الاثنين والذي كان أدنى معدل له منذ سبعة اشهر.&

وزادت قوة الين هذا الشهر مع ميل المستثمرين الى شراء هذه العملة في اوقات الاضطرابات الاقتصادية.&

اما اليورو فقد هبط الى 1,15 للدولار و138 للين في لندن مقارنة مع 1,16 للدولار و137 للين في وقت متأخر من الاثنين في سوق نيويورك.&

وانتعشت اسعار السلع بعد انخفاضها الشديد الاثنين، رغم ان النفط لا زال يعاني من الضغوط مع توقعات التجار بتخمة عالمية تستمر سنوات عديدة.&

وبلغ سعر خام غرب تكساس الاميركي تسليم تشرين الاول/اكتوبر 39,58 دولارا للبرميل، بعد ان انخفض الى ما دون 40 دولارا الاثنين لاول مرة منذ ست سنوات. ووصل سعر خام برنت بحر الشمال تسليم تشرين الاول/اكتوبر 44,01 دولارا في تعاملات منتصف النهار في لندن.