إيلاف من بيروت: بعد الحديث عن احتمال انعقاد مؤتمر باريس 4، الذي من شأنه أن يشكل دعمًا ماديًا للبنان في العهد الجديد، يبقى السؤال الذي يطرح هل الظروف الدولية مؤاتية لانعقاد هذا المؤتمر، وهل لا يزال المجتمع الدولي يثق بلبنان بعد عدم تنفيذه للإصلاحات المطلوبة في مؤتمرات باريس السابقة؟

يقول الخبير الإقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة لـ "إيلاف"، إن هناك استحقاقين في العام 2017 والعام 2018، مع أرقام خيالية في هذين الإستحقاقين ما يعني أن لبنان بحاجة إلى الأموال، وإذا لم يعقد هذا المؤتمر فسيكون وضع لبنان المالي صعبًا جدًا، وفي دراسات حول الموضوع أجراها عجاقة، فإن العام 2017 يحتاج إلى استحقاقات مالية بالليرة اللبنانية مع فوائدها تصل الى 3,3 مليارات، اذا احتسبناها بالدولار، وبالدولار الأميركي هناك استحقاقات تصل إلى 4,62 مليارات دولار، والمجموع يصل إلى 7,92 مليارات دولار.

وفي العام 2018، هناك استحقاقات (أي رأس المال زائد الفوائد) بالليرة اللبنانية تصل 3,51 مليارات دولار، وبالدولار الأميركي استحقاقات تصل إلى 3,81 مليارات دولار، والمجموع يصل إلى 7,32 مليارات دولار.
وهذا، يضيف عجاقة، يوصلنا إلى الاستنتاج أن أكثر المبالغ التي استدانها لبنان كانت 4 مليارات دولار وقسّمها لبنان إلى أقسام عدة، وأكبر إصدار قامت به الدولة اللبنانية هو العام الماضي في مارس، وأتى بـ 2,3مليار دولار.

ولدى سؤاله من سيديّن لبنان 8 مليارات دولار في العام 2017؟ يجيب عجاقة هذا المبلغ يجب زيادة عليه العجز، بمعنى أن لبنان يستدين بحدود الـ 16,8% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2017.

أموال المصارف

ولدى سؤاله ألا توجد أموال في المصارف اللبنانية؟ لماذا لا تتم الإستدانة منها؟ يجيب عجاقة أن المصارف لديها خوف من خلال تعرضها المتصاعد للديون السيادية للدولة اللبنانية بشكل كبير، وهذا تدفع ثمنه المصارف، بوساطة تصنيفها الإئتماني، هنا تأتي أهمية مؤتمر باريس 4.

ولدى سؤاله هل الظروف الدولية ملائمة اليوم لانعقاد هذا المؤتمر؟ يجيب عجاقة أن لا أحد في السابق كان مستعدًا أن يساعد لبنان لأننا لم نكن نساعد أنفسنا، أما الآن وبعد انتخاب رئيس للجمهورية الدول اكثر استعدادًا لمساعدتنا لأنه لا يناسبها أن يشهد لبنان خضات مالية توصله إلى الحرب.&ولكن يبقى أن المساعدات لن تكون بكرم المساعدات السابقة.

لأن للدول مشاكلها المالية وسياسيًا هناك مؤشرات كالتهنئات التي حصل عليها لبنان بعد الانتخابات الرئاسية من قادة الدول تشير إلى استعداد الدول لتقديم مساعدات مالية للبنان.

وما يساعد على ذلك، يضيف عجاقة، تكلفة الحريري برئاسة الحكومة وتشكيلها، ورئيس الجمهورية ميشال عون يبقى رجلاً قويًا على الصعيد الوطني، ولديه ولاء للبنان، وتعرف الدول إذا دعمت لبنان مع الحريري وعون فهذا قد يجعلنا نقف على أقدامنا من جديد ونعزز مالية لبنان.

ويتابع عجاقة أن مؤتمر باريس 4 أهميته أنه سينقذ الدولة اللبنانية ماليًا لأنه سيوفر أموالاً نقدية والدولة لا تستطيع تأمينها لوحدها.

الإصلاحات المطلوبة

ماذا عن الإصلاحات المطلوبة التي لم يتم القيام بها في مؤتمرات باريس السابقة لدعم لبنان، هل يثق المجتمع الدولي بلبنان بعد إخفاقه في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منه؟ يجيب عجاقة أن التزاماتنا في مؤتمر باريس 3 لم يقم بها لبنان، وعلى رأسها الإنماء الإجتماعي والمناطقي، وباعتقاد عجاقة فإن مؤتمر باريس 4 ستكون الشروط إضافية فيه على لبنان.

وستكون للشروط المطروحة تداعيات اجتماعية كبيرة، وفي لبنان مع انعقاد مؤتمر باريس 4 لن يقبل المانحون إلا أن يضعوا شروطًا قاسية، وأهمها ستكون التشديد على الشق الذي يختص بالشأن الإجتماعي وكذلك ملف النازحين السوريين، والمجتمع الدولي سيفرض علينا أن نخلق فرص عمل للنازحين السوريين، وذلك لسببين كي يكف السوريون عن الذهاب إلى الغرب وأميركا، وثانيًا من أجل ان يكف السوريون عن الإنخراط في "الإرهاب".

وبعض الشروط الأخرى، يضيف عجاقة ستكون لها علاقة بالفساد والهدر بالإنفاق العام، وستحاول الدول أن تضغط على الدولة اللبنانية من أجل استقامة الأمور.