رغم رفع العقوبات ستفشل إيران في زيادة إنتاجها النفطي إلى 4 ملايين برميل يوميًا كما تعلن مرارًا. وكانت رفضت المشاركة في اجتماعات الدوحة التي عقدت في 17 الجاري لمناقشة تجميد النفط بحجة أنها لن تشارك ولن تناقش أي تجميد إلا بعد أن يصل إنتاجها اليومي إلى 4 ملايين برميل يوميًا.

لندن: لن تتمكن إيران من زيادة إنتاجها النفطي بالمعدلات التي تعلن عنها لوسائل الإعلام منذ رفع الحظر بعد الاتفاق النووي، وذلك حسب مصادر أوروبية وأميركية.

يذكر أن طهران قالت إنها سترفع صادراتها النفطية من 1.1 مليون برميل يوميًا إلى مليوني برميل، بعد شهور قليلة من رفع الحظر، لكنها لم تتمكن حتى الآن إلا من رفع صادراتها إلى حوالى 600 ألف برميل يوميًا. تعود عدم قدرة إيران على زيادة الإنتاج إلى أربعة ملايين برميل يوميًا إلى عوامل عدة، منها الفشل في استعادة أكثر من 7 مليارات دولار من الأموال المجمدة، والتي تزيد - حسب التقديرات - على 100 مليار دولار.

إضافة إلى الفشل في جذبها استثمارات ضخمة من شركات نفط عالمية، لا تريد المجازفة في إيران لدواعٍ سياسية. إلى جانب أن إيران فقدت معظم زبائنها خلال فترة العقوبات. وهناك تحليلات تذهب إلى أن بعض الشركات الغربية لا تريد التضحية بعلاقاتها القوية مع السعودية من أجل التعامل مع إيران.
وهناك مخاوف من أن تعود القيود لتكبّل إيران، بسبب تورطها في "الإرهاب" وانتهاك حقوق الإنسان وإطلاق صواريخ باليستية في انتهاك لاتفاقية الملف النووي.

زيادة طفيفة في التصدير
من الجدير ذكره أن صادرات إيران النفطية حتى بداية شهر نيسان (إبريل) الحالي شهدت ارتفاعًا بسيطًا لا يزيد على 200 ألف برميل يوميًا عن مستوياتها قبل رفع الحظر، لكن العقد الذي تم إبرامه مع الهند أخيرًا، والبالغ 400 ألف برميل يوميًا، رفع الزيادة في صادراتها إلى حوالى 600 ألف برميل يوميًا منذ رفع الحظر. 

كما اعترف مسؤولون إيرانيون بأن إيران تواجه صعوبات بشأن زيادة طاقة إنتاج النفط، وأن العودة إلى مستويات ما قبل الحظر ربما تأخذ فترة أطول مما كان متوقعًا في السابق. كما تواجه إيران صعوبات في تأمين الموافقة على الاستفادة من تسهيلات مصرية في مجمعات التخزين على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والتي تشارك السعودية في امتلاك تلك المجمعات.

صعوبات قانونية ولوجستية
لكن مخزونات النفط الإيرانية قبالة الساحل الايراني في الخليج ارتفعت بنسبة 10% منذ بداية العام، ووصلت الكمية المخزونة في ناقلات بحرية الى 50 مليون برميل، حسب بيانات وتحليلات الملاحة البحرية لشركة ويندوارد Windward.

من جهة أخرى قالت صحيفة الفانينشال تايمز البريطانية في أوائل هذا الشهر أن السعودية قد اتخذت خطوات لإبطاء الجهود الإيرانية الساعية إلى زيادة صادراتها النفطية، عبر منع الناقلات الإيرانية من عبور المياه السعودية الاقليمية. 

هذا في الوقت الذي تواجه ايران عقبات في مجالات تأمين الملاحة، اضافة الى عقبات مالية وقانونية، وذلك رغم رفع العقوبات عن صناعة ايران النفطية في كانون الثاني (يناير) تحت بنود صفقة الملف النووي الايراني، التي سمحت لايران باستئناف تصدير النفط الخام لأوروبا وغيرها. 

ومنذ رفع العقوبات استطاعت ايران بيع كميات محدودة من النفط الخام لأوروبا، وهذا يتضمن مبيعات صغيرة لشركة سبسا الاسبانية وتوتال الفرنسية والشركة الروسية ليتاسكو. في هذا الاطار تشير تقارير الملاحة البحرية الى أن 8 ناقلات نفط ابحرت من جزيرة "خرج الايرانية" في الخليج الى اوروبا مع حجز 12 مليون برميل فقط للإبحار في أواسط نيسان (ابريل) الحالي. 

قيود خليجية
وحسب سماسرة السفن ووسطاء ملاحة النقل البحري فرضت المملكة العربية السعودية قيودًا ضد دخول ناقلات النفط الايراني من موانئ سعودية وبحرينية. وجاءت التفاصيل في تعميمات تم توزيعها من قبل شركة ملاحة وتأمين لأعضائها في شهر شباط (فبراير) الماضي. 

من ضمن التفاصيل الواردة في التعميم ان الناقلات او السفن التي زارت ايران تحتاج موافقة مسبقة من السلطات السعودية والبحرينية قبل دخول المياه الاقليمية التابعة للدولتين. من جهة أخرى أعرب مسؤولون ايرانيون عن استيائهم وقلقهم من هذه الاشعارات، التي يتم تداولها في اسواق الملاحة والتأمين، ويقولون انها تزيد من حجم العراقيل التي تواجهها ايران في بيع نفطها في الخارج. ورفضت أرامكو والشركة الوطنية السعودية للنقل البحري (البحري) التعليق على الموضوع.

من جهة أخرى التوترات الديبلوماسية بين السعودية وايران، والتي استفحلت خلال الصراع السوري الدامي، قد أثرّت بشكل كبير على العلاقات التجارية ناهيك عن المنافسة الحادة بينهما في الاستحواذ على أكبر حصة من السوق في ظل انهيار اسعار النفط. كما إن ايران لا تستطيع الاستفادة من خدمات شركة سوميد للخزن والمجمعات وشبكة الانابيب والتسهيلات اللوجستية الأخرى التي كانت تستخدمها سابقا.

خدمات سوميد
تمتلك مصر 50% من تسهيلات سوميد، ودول الخليج والسعودية تمتلك 45%. ويعتقد بعض التجار ان السعودية تمنع ايران من الاستفادة من تلك الخدمات التي توفرها سوميد لاسباب سياسية. ويتوقع آخرون انه من المحتمل العودة الى عقود فترة ما قبل العقوبات، واستئناف استعمال ايران لخدمات سوميد.

كانت ايران في مراحل سابقة ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة اوبك، وهبطت الصادرات في العام الماضي الى 1.1 مليون برميل يوميا، اي نصف معدلات ما قبل العقوبات. وقال بيجان زنغنه وزير البترول الايراني في العاشر من نيسان (ابريل) الحالي ان صادرات ايران ارتفعت الى مليوني برميل يوميا، وهذا أعلى بكثير مما يتوقعه الخبراء.

كما ان القيود الأميركية المصرفية والتأمينية لا تزال قائمة، فيدفع مستأجرو الناقلات سعرا باهظا لشحن الخام الايراني بسبب أسعار التأمين العالية جدا. ويقول مراقبون ان بعض مشاكل ايران هي ايرانية بحتة، ولا علاقة للسعودية وغيرها فيها، مثل فرض شروط قاسية في عقود المبيعات، ورفضها منح العملاء خصمًا في الأسعار، مهما كانت الأسباب والعوامل، فان ترجمة التوقعات الى انتاج حقيقي ستأخذ سنوات، وليس شهورا.