ثمة شيء واحد لا يمكنك اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة بوجود نقص لديها فيه، وهو الرؤية المستقبلية.

فقد كشفت دولة الإمارات عن خططها لزراعة نخيل التمر والخس فوق سطح المريخ بعد أن قالت في وقت سابق إنها ترغب في استكشاف الكوكب وإطلاق مسبار بحثي لدراسة طموحها "الاستيطاني" للكوكب الأحمر.

واحتل قطاع الفضاء مساحة كبيرة ضمن فعاليات معرض دبي للطيران وأنشطته ومؤتمراته ومناقشاته التي شارك فيها، ألفريد وردين، رائد الفضاء السابق لرحلات أبولو 15 التابعة لوكالة ناسا الفضائية الأمريكية.

وأعلنت الإمارات خططها للزراعة في الفضاء، قبل أن يغادر مسبارها الأرض إلى المريخ عام 2020 من اليابان، بالتعاون مع شركة "ميتسوبيشي" للصناعات الثقيلة.

وقال راشد الزعدي، كبير المخططين الاستراتيجيين في وكالة الفضاء الإماراتية :"ثمة أوجه تشابه بين المريخ والصحراء"، مضيفا أن "المشهد في الإمارات يشبه المريخ من حيث التربة"، لذا قررت الإمارات ضخ الأموال في مشروعين بحثيين هما زراعة نخيل التمر والخس والطماطم والفراولة على المريخ.

وأضاف :"حسنا عندما نصل إلى هناك، سنأكل".

وأشار إلى أن اختيار نخيل التمر كان بسبب رمزيته في المنطقة، في حين جاء اختيار النباتات الثلاثة الأخرى بناء على تأكيد العلماء قدرتها على النمو فوق سطح المريخ.

وعلى الرغم من أن كثيرا من هذه الأهداف قد تبدو خيالية، إلا أن هناك سببا اقتصاديا جوهريا وراء هذه الأفكار، نظرا لأن الإمارات، لاسيما دبي وأبو ظبي، تسعى إلى تعزيز الاقتصاد تمهيدا لنهاية عصر النفط.

وبدأت الإمارات بالفعل التوسع الهائل في مجالي السياحة والطيران، وكل ما يتعلق بهما من خدمات، في الوقت الذي تخطو فيه البلاد نحو قطاعي العلوم والتكنولوجيا الفائقة.

وقال عمران شرف، مدير مشروع في بعثة المريخ :"هناك 100 مليون شاب في منطقة الخليج، نريدهم أن ينهضوا بدور في المستقبل والوصول بالمنطقة إلى مستو جديد".

وأضاف :" إن الأمر يتعلق بإنشاء اقتصاد يعتمد على المعرفة والإبداع لا يعتمد فقط على النفط، لذا من المهم للغاية أن تكون لدينا مراكز علمية قائمة. لدينا الكثير من المهندسين، لكن ليس لدينا الكثير من العلماء، إن (مشروع المريخ) مهمة علمية بحتة".

ومنذ تأسيس وكالة الفضاء الإماراتية عام 2014، استثمرت البلاد أكثر من 5.4 مليار دولار في مشروع المريخ، من بينها مسبار بحثي كشفت النقاب عنه نهائيا في معرض دبي للطيران.

وقالت وكالة الفضاء إن القمر الصناعي طوره فريق إماراتي صرف، وسوف يبحث هذا الفريق عن المياه فضلا عن تقييم الأحوال الجوية الفضائية.

وبدأت الإمارات بالفعل العمل في مركز "سيتي ساينس المريخ"، وهو مركز بحثي مخصص لدراسات الكوكب، يضم قبابا ويقام على مساحة تصل إلى مليوني قدم مربع مجهز بسبل الإعاشة والمنشآت البحثية لدراسة الاحتياجات اللازمة من الغذاء والمياه والطاقة.

وقال شرف إن بعثة المريخ تضع الإمارات في ركب تسع دول فقط تدرس كيفية الوصول إلى الكوكب، مضيفا :"يعني ذلك أن استثمارنا في المنشآت والتعليم والعلوم والمختبرات والجامعات يلزم أن يكون هائلا".

وقال ألفريد وردين، رائد الفضاء السابق في رحلات أبولو 15، إن الأمر يحتاج إلى تعاون دولي، مشيرا إلى إعجابه بمشروع الإمارات الطموح، وما أنجزته البلاد حتى الآن.

وأضاف :"ثمة تحديات كبيرة تواجه البلد".

وقال يوسف حمد الشيباني، مدير عام مركز فضاء محمد بن راشد، إن الغرض من تقديم مزايا الاستفادة من الفضاء خلال معرض الطيران هو جذب الخبرات الدولية للمشاركة في المشروع.

وأضاف أن إبراز هذه المزايا خلال المعرض تمثل "فرصة للقاء شركات الفضاء الدولية الكبرى ومؤسساتها وبناء علاقات استراتيجية".

ووصف قادة الإمارات ما يسعون إلى تحقيقه بأنه "ملحمة تحدي". وإذا سارت الأمور حسب المخطط، فستكون الخطوة النهائية هي نزول الإنسان على المريخ في غضون مئة عام.

وقد لا يحدث ذلك، لكن على الأقل ستخلق الإمارات جيلا جديدا من العلماء في الخليج، وتعلم كيفية زراعة الكثير من الفواكه والخضراوات في الصحراء.