الكويت: يعتبر دعم وتطوير القطاعات الاقتصادية الوطنية المنتجة من أولويات العمل الحكومي حاليًا في الكويت للوصول الى اقتصاد معاصر يرتكز على التنوع والاستدامة والحداثة بعد 18 عامًا من الآن، وذلك ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي الهيكلي والبنيوي التي رسمت الحكومة ملامحها في ركيزة الاقتصاد المتنوع المستدام وفق رؤية (كويت 2035).
ويعد تحقيق هدف الاقتصاد المتنوع المستدام مسؤولية مشتركة بين كل الأطراف المعنية بعملية التنمية من حكومة وبرلمان وقطاع خاص انتهاء بالمواطن نفسه، إلا انه يواجه عددًا من التحديات أهمها انخفاض حجم الاستثمارات الخاصة سواء الوطنية أو الأجنبية، والذي ألقى بظلاله على وضع البلاد، حيث احتلت مركزًا متأخرًا لا يليق بها في مؤشر ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي.
وتبرز في هذا الصدد، حاجة البلاد الملحة لوجود خريطة استثمارية واضحة للمستثمرين، توضح القطاعات ذات الميزة التنافسية والفرص الاستثمارية، وضرورة توفير التشريعات اللازمة لإيجاد بيئة عادلة للمنافسة الاقتصادية وأهمية تقليص الإجراءات المتعلقة ببدء تنفيذ الأنشطة الاقتصادية وفك التشابك في الاختصاصات بين الجهات المختلفة، إضافة الى زيادة الخدمات المعرفية.
وسيساهم القطاع الخاص بقيادة الاقتصاد الوطني بعد هذه الاعوام الـ 18، وفق عدة صيغ، منها الشراكة مع القطاع العام أو عبر إدارة مرافق الدولة أو عبر عمليات تخصيص، حيث تم تأسيس العديد من الجهات والهيئات المختصة والمعنية بهذا الشأن منها هيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص وهيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر وهيئة أسواق المال والهيئة العامة للتخصيص والصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وعبر هذه الخطط والهيئات، سيتحقق الاقتصاد المتنوع المستدام الذي يعرف بأنه اقتصاد ترتكز دعائمه على تمكين القطاع الخاص وزيادة عدد المشروعات الصغيرة والمتوسطة وجذب الاستثمارات الأجنبية لاستقطاب التقنيات الحديثة إنتاجياً وإدارياً.
وتلامس ركيزة «الاقتصاد المتنوع المستدام» المواطن بصورة مباشرة في حياته اليومية، لذا كان اهتمام الحكومة الكويتية بها واضحاً وجلياً.
وللتغلب على التحديات والمعوقات التي تواجه تحقيق أهداف ركيزة الاقتصاد المتنوع المستدام، تم تحديد 5 برامج للعمل، يضم كل برنامج عددًا من المشروعات لها خصائص معينة يتم اختيارها وفقًا لمعايير محددة، وهي برنامج تهيئة بيئة الأعمال للقطاع الخاص وبرنامج تنويع القاعدة الإنتاجية وزيادة معدلات الاستثمار وبرنامج تطوير السياحة الوطنية وبرنامج الاقتصاد المعرفي وبرنامج الإصلاح المالي والاقتصادي للدولة.
التغلب على المعوقات
ويهدف برنامج تهيئة بيئة الأعمال في القطاع الخاص الى التغلب على المعوقات التي تواجه هذا القطاع، والعمل على زيادة نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، اضافة الى توفير فرص عمل جديدة للمواطنين من خلال فك التداخل في الاختصاصات وتفعيل مبدأ النافذة الواحدة والسعي إلى تبسيط الاجراءات وتقليل الدورة المستندية وتفعيل انجاز الاعمال إلكترونيًا.
أما برنامج تنويع القاعدة الانتاجية وزيادة معدلات الاستثمار، فإنه يهدف الى زيادة نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي وتخفيض الاعتماد على القطاع النفطي بغية تنويع مصادر الدخل، وتشارك في اعداد هذا البرنامج جهتان، هما برنامج اعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة ومؤسسة البترول الكويتية.
ويشارك برنامج اعادة هيكلة القوى العاملة بمشروع إنشاء حاضنة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، الذي يسعى الى زيادة مساهمة قوة العمل الوطنية بالقطاع الخاص، أما مؤسسة البترول فتشارك بعدد من المشروعات المهمة، منها مشروع الوقود البيئي، ومشروع مجمع التكرير المتكامل الذي يلبي متطلبات السوق المستقبلية المتنوعة.
ونظرًا لأهمية القطاع السياحي كأحد مصادر تنويع الدخل، فقد تم تخصيص برنامج خاص يعنى بتطوير السياحة الوطنية، حيث يستهدف تشجيع الاستثمارات في الانشطة السياحية بمختلف مناطق البلاد والاستغلال الامثل للمرافق والخدمات السياحية في تطوير القطاع السياحي، وزيادة قدرته التنافسية.
ومن البرامج المهمة التي تتضمنها الركيزة برنامج الاقتصاد المعرفي، الذي يهدف الى زيادة الميزة التنافسية للمنتجات الوطنية لعرضها في الاسواق العالمية وزيادة الصادرات غير النفطية وزيادة الايرادات العامة غير النفطية.
أما البرنامج الاخير الذي تتضمنه الركيزة، فهو برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي للدولة، الذي يستهدف زيادة كفاءة وفاعلية القطاع العام عبر ترشيد الإنفاق الجاري وزيادة فاعلية الإنفاق الاستثماري من خلال اختيار المشروعات ذات الأثر التنموي المرتفع، اضافة الى زيادة الايرادات العامة عبر تطوير النظام الضريبي ومراجعة وترشيد أوجه الدعم الحالية وإعادة هيكلتها.
التعليقات