في أقلّ من عام كسرت العملة الإيرانية أرقاما قياسية في الهبوط أمام الدولار مستقرة عند حافة الخمسة آلاف تومان، أو الخمسين ألف ريال.
بين التومان والريال صفر زائد لصالح الأخير، يحذفه الإيرانيون في تعاملاتهم، لكنه صامد على الأوراق الرسمية وحتى على أوراق العملة، ومن المتوقع أن يحذف بشكل رسمي قريبا بعدما أقرت الحكومة اعتماد التومان عملة رسمية للبلاد في تموز/ يوليو 2018.
خلال أقل من شهر ارتفع الدولار 400 تومان ليصل إلى 4985 يوم 13 فبراير/شباط 2018، وبذلك يكون رسميا قد قفز خلال أقل من عام على إعادة انتخاب الرئيس حسن روحاني لولاية ثانية ألف تومان.
ولهذا أسبابه التي لا يمكن حصرها في الجانب الاقتصادي فقط.. الأبواب في إيران تفتح على بعضها البعض، وللسياسة باب على الإقتصاد والعكس صحيح.
في بازار طهران لصوت الرئيس الأميركي دونالد ترامب وهو يصرح حول الإتفاق النووي وقع كبير. تهديد ترامب بإلغاء الإتفاق والردود الإيرانية عليه كلها تلعب دوراً في صياغة المشهد الإقتصادي للبلاد.
القاعدة الإقتصادية تقول، كلما زاد الطلب إرتفع السعر، والقاعدة الإيرانية تقول كلما إرتفع صوت ترامب أكثر كلما تأثرت العملة الإيرانية سلباً، ولهذا صلة بمستوى التوقعات من الإتفاق، أكثر منه مما قد يقوم به الرئيس الأميركي تجاه إيران في حال سقوط الإتفاق.
هل يفي الرئيس الإيراني حسن روحاني بتعهداته بعد فوزه الكاسح في الانتخابات؟
مفتاح الفوز
كان الاتفاق النووي مفتاح حسن روحاني للفوز في الدورة الأولى عام 2013 رئيسا للجمهورية الإسلامية الإيرانية. وعود السياسي المخضرم ومؤسس تيار الإعتدال رفعت من منسوب التوقعات في الشارع لذا رسم الإعلان عن الإتفاق في تموز يوليو 2015 للإيرانيين مشهدا ظنوا فيه أنهم قادمون على مرحلة رخاء غير مسبوق، وهو ما لم يتحقق.
إيران في عهد روحاني: أهم التحديات
عام فقط فصل بين دخول الإتفاق حيز التنفيذ وبين تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية. بعد ذلك دخل الإتفاق حيز التهديد، بالتالي دخل الإيرانيون مرحلة التشكيك. أول مظاهر حالة القلق العامة تمثل في الطلب المتزايد على الدولار وسحب الودائع خوفا من إنهيار العملة، الأمر الذي أدى إلى إفلاس مؤسسات مالية لم تستطع الإيفاء بطلبات المودعين.
ترامب: إيران تنتهك روح الاتفاق النووي
في السنوات الماضية وصلت معدلات الفائدة على الودائع في بعض المصارف إلى أكثر من 20% سنويا. دفع هذا الأمر بالكثير من الإيرانيين لوضع أموالهم في المصارف مقابل دخل ثابت يسمح لهم بحياة مستقرة. حتى إيجار المنازل إرتبط بمعدلات الفائدة، فكان أصحاب المنازل يفضلون الحصول على مبلغ مقطوع من المستأجرين يضعونه في المصارف مقابل السكن على الحصول على أيجار شهري.
كان هذا المبلغ والمسمى ب "الرهن" يعاد للمستأجر متى قرر ترك المسكن، بذلك يربح مالك المسكن الفائدة دون أي مترتبات على المستأجر، اللهم إلا في حالة انهيار العملة، كما هو الحال اليوم. ولذا فالاضطراب في الأسواق المالية يوثر حتى على سوق العقارات لأن المؤجرين والمستأجرين يكونون أكثر ترددا في الدخول في مغامرات غير محسوبة.
احتجاجات في إيران ضد ارتفاع الأسعار والبطالة
الرئيس الإيراني: للمواطنين الحق بالاحتجاج، ولكن بلا تخريب
موجة غضب
كل ما سبق كان سببا في اشتعال موجة غضب واسعة في نهاية العام 2017 في مدن إيرانية عدة، بدأت بعناوين اقتصادية اجتماعية ورفعت فيها شعارات مناهضة للمؤسسة الحاكمة.
وفي حين عُرف للتظاهرات محفزاتها السياسية الداخلية المرتبطة بالصراع الإصلاحي-الأصولي، فإن خروجها عن السيطرة وتحولها لمساحة للاعتراض على النظام حولها إلى مواجهة بين المحتجين والسلطات.
وانتهت موجة الغضب خلال أسبوعين وقد سقط خلالها أكثر من 22 قتيلا واعتقل المئات من المحتجين، جرى إطلاق سراحهم على دفعات لاحقا. المشهد دفع بالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي والرئيس روحاني لمخاطبة الإيرانيين عبر وسائل الإعلام، وفي حين ربط خامنئي بين الاحتجاجات وما وصفه بالمؤامرة الخارجية، فهو كما روحاني سلما بأن للاحتجاجات جذورها الداخلية المرتبطة بالتراجع الاقتصادي وبعدم تقديم الحكومة الحلول الجذرية للأزمات التي تواجه المجتمع الإيراني.
التعليقات