ايلاف من الإسكندرية: يفتتح الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية والدكتور يوسف زيدان مدير مركز ومتحف المخطوطات بالمكتبة، المؤتمر السنوي الرابع للمخطوطات في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، تحت عنوان quot; المخطوطات المترجمــةquot;. يستمر المؤتمر لمدة ثلاثة أيام يناقش فيها دور حركة الترجمة في حماية التراث والمخطوطات المترجمة من اللغات المختلفة إلي اللغة العربية، وذلك بمشاركة 50 باحثا من 30 دولة عربية وأجنبية.
وقد صرح الدكتور يوسف زيدان بأن فكرة المؤتمر جاءت امتداداً لمؤتمرات مركز المخطوطات الدولية الرامية إلى الكشف عن الجوانب المجهولة والمهجورة من التراث العربي الإسلامي، ويأتي انعقاد هذا المؤتمر على نسق ما سبقه من مؤتمرات: المخطوطات الألفية 2004، المخطوطات الموقعة 2005، المخطوطات الشارحة 2006 .. هادفاً إلى الكشف عن جانبٍ مهم من تراثنا العربي المخطوط، وعلى وجه الخصوص علاقته بما سبقه، وتلاه من تراث الأمم.
وقد لفت د. زيدان إلي أن الترجمة لم تكن السبيل الوحيد للتفاعل بين الحضارات، فهناك أيضاً سبل التجارة التي يحتل فيها طريق الحرير مكانة خاصة، وهناك انتشارُ الديانات والمذاهب الروحية التي اتخذت سبلاً تثير الدهشة، وهناك الحروب والمعارك التي خاضتها الجماعات الإنسانية أملاً في الثروة والمجد المراوغ. وإذا أمعنا النظر، فسوف نجد تسانديةً وتفاعلاً داخلياً بين هذه السبل جميعها، فالتجارة الدولية والاتجاهات الدينية والحروب الدامية والترجمات المتوالية بين اللغات المتماسة حضارياً، هي كلها عناصر حضارية، ترتبط على نحو قد يظهر جلياً، وقد لا يبدو للعيان مع النظرة الأولى .
ويضيف أن الترجمة تظل أحد أهم العوامل التي أَثْرت تاريخ الإنسانية وأَثَّرت فيه، سلباً وإيجاباً! فعن طريق التراجمة استمرت اليهودية والمسيحية، وانتقل التراث اليوناني إلى السريان ثم إلى العرب، ومن ثم إلى اللاتينية واللغات الأوروبية المعاصرة. ومع غياب الترجمة، انطمس تراث هائل دونته الأمم بعدة لغات اندثرت مع أهلها: المصرية القديمة، الحبشية، البهلوية، الآرامية .. وغيرها من لغات الأقوام الذين غابوا في التاريخ قبل قرون خلت، أو بقوا في الزمان على هامش التحضر الإنساني.
ويؤكد د. زيدان أن الترجمة كانت دوماً، وستظل، معيار بقاءٍ وعامل إِثراءٍ لحضارة الإنسان. ومن هنا قد جاءت فكرة هذا المؤتمر داعيةً إلى العكوف المتأني على قضية الترجمة فى عمومها وتفصيلاتها، لاستكشاف ما يتعلق بهذه القضية الحضارية الكبرى.
وسوف يلقي الدكتور زيدان خلال الجلسة الافتتاحية، محاضرة عن مفهوم المخطوطة المترجمة، مشيراً إلي الدور الذي لعبته الترجمة في عمليات التفاعل بين الحضارات الإنسانية، كمعبر رئيسي لاقتباس اللاحق من السابق، وتفعيل التلاقح الحضاري بين الثقافات التي تعاصرت أو تتابعت. فعن طريق ترجمة النصوص -التي كانت مخطوطة، بالطبع، في الأزمنة القديمة- عرف العرب المسلمون الذخيرة الحضارية للأمم الأسبق تحضراً. وعلى وجه الخصوص اليونان التي انطوى تراثها على أصول كثيرة من مصر القديمة وحضارات الشرق.
و يعقب المحاضرة الافتتاحية، افتتاح معرض المخطوطات المترجمة بقاعة المؤتمرات. ومن خلال جلسات المؤتمر وأوراقه ومناقشاته يلقي المؤتمر الضوء على تلك الوصلات الخفية بين العوامل التي أدت إلى نشاط الترجمة التراثية في أزمنة معينة.
وسوف تشهد الجلسة الأولى محاضرة للعالم الكبير الدكتور رشدي راشد، حول ترجمة النصوص العلمية بين اللغات اليونانية والعربية واللاتينية. أما في الجلسة الثانية والتي يرأسها أ.د. علاء لولح من سوريا . ويتحدث فيها أ.د. ريجيس موريلون (فرنسا) عن ترجمات المجسطي والاقتصاص لبطليموس، أ.د. بسكال كروزيه (فرنسا) عن كتاب الأصول لإقليدس في اللغة العربية. ويكشف أ.د. لويجي مايرو (إيطاليا) عن اكتشاف أجزاء يونانية مفقودة من كتاب المخروطات لأبولونيوس؛ في مصادره العربية .
ويرأس الجلسة الثالثة أ.د. مجدي ناجي(مكتبة الإسكندرية)، وتتحدث فيها أ.د. هيلين بيلوستا (فرنسا) عن الترجمات العربية لكُريَّات مينلاوس، ويتناول أ.د. شيكارا سكاكي (اليابان) المخطوطات الرياضية المترجمة من الصينية إلى اليابانية، مقارنة بنظيراتها المترجمة من اليونانية إلى العربية. ويتحدث د. روبرت موريسون ( الولايات المتحدة الأمريكية) عن دلائل جديدة علي نقل علم الفلك من العربية إلي العبرية.
وفي الجلسة الرابعة ، والتي يرأسها أ.د عبد الله يوسف الغنيم ( الكويت)، يتحدث أ.د. أحمد شوقي بنين ( المغرب ) عن ترجمة فهرس مخطوطات الإسكوريال إلي اللغة العربية. بينما يتناول أ.د.كمال نبهان (مصر)أقدم مشروع ببليوغرافي للترجمة إلى العربية.
وتستهل فعاليات اليوم الثاني، بالجلسة الخامسة التي يرأسها د. محمد صالح (مصر)، ويتحدث فيها أ.د.كوستانتين كانافاس (ألمانيا/اليونان)، عن أنماط الترجمة غير المنتظمة في السيمياء العربية: ابن عُميل نموذجاً، ويتتبع أ.د. محمد صالح الضالع (مصر) من خلال ورقته البحثية أثر انتقال العلم العربي إلى أوروبا وبواكير الكلام الاصطناعي، ويقدم د. رفعت هلال (مصر) نماذج من المخطوطات المترجمة في دار الكتب المصرية.
ويرأس الدكتور محمد علي الكردي ( مصر) ، الجلسة السادسة التي تتحدث فيها أ.د. أميرة مطر (مصر)عن أثر ترجمات كتاب الجمهورية لأفلاطون، ويشير أ. عصام الشنطي (مصر/ الأردن) من خلال ورقة بحثية إلي مشكلات الترجمات العربية لكتاب أرسطو في الحيوان. ويتحدث د. أحمد شحلان ( المغرب ) المخطوطات الرشدية العبرية: فعل الترجمة ونتائجه.
وبرئاسة د. فيصل الحفيان (سوريا/مصر)، تضم الجلسة السابعة أ.د. أحمد هبو (سوريا) الذي يتناول جذور العلاقة بين اللغتين السريانية والعربية، ود. مجدي عبد الرازق (مصر) الذي يتتبع حركة الترجمة من القبطية إلى الحبشية وأثرها في الفكر المسيحي الأثيوبي، أما أ. هزار أبرم (سوريا) يتحدث حول موضوع الترجمة المبكرة للنصوص الأدبية: قصة أحيقار نموذجاً.
ويرأس الجلسة الثامنة، د. محمد الفحام (مكتبة الإسكندرية) ويتحدث فيها د.جوتهارت شتروماير (ألمانيا) رسالة حنين ابن إسحاق في ترجماته لجالينوس: وثيقة في التاريخ الثقافي، كما يتحدث د. محمود مصري (سوريا) عن ترجمات كتب الطب الوقائي من اليونانية إلى العربية، ويناقش أ.د. مرناز كاتوزيان صفدي (فرنسا) رسالة الرازي في الجدري: تاريخ من النقل و الابتكار.
أما الجلسة التاسعة فيرأسها أ. د. محمد صابر عرب( مصر)، ويتحدث فيها د. مجدي عبد الرازق والذي يتناول حركة الترجمة من القبطية إلي الحبشية وأثرها في الفكر المسيحي الأثيوبي. أما أ.د. سميرة عاشور ( مصر) فسوف تناقش حركة الترجمة من البهلوية إلي العربية وأثرها في الطبري والمسعودي، كذلك يعرض د. مجدي عجمية للرسائل الديوانية بين الفارسية والعربية ، والألفاظ المتقابلة بين اللغتين.
وتستمر فعاليات المؤتمر وتبدأ أولي جلسات اليوم الثالث، والعاشرة خلال المؤتمر والتي يرأسها أ. محمد قجة( سوريا) وسوف يتحدث فيها أ.د. رشيد بنحدو (المغرب) الذي يشارك بورقة بحثية بعنوان quot; لا براءة في الترجمة: الترجمة من منظور جمالية التلقيquot; ، كما يتحدث أ.د. محمد فكري (المغرب) عن أسئلة الأصل والنسخة والتلقي في المخطوط والترجمة، ويتعرض د. محمد يسري ( مكتبة الإسكندرية) لموقف العلماء المسلمين من حركة الترجمة ونقل علوم الأوائل.
تعقبها الجلسة الحادية عشرة، والتي يرأسها أ.د. جمال حجر ، ويتحدث فيها أ.د. بيتر جران ( الولايات المتحدة) عن مقامات حسن العطار في اللغة الإنجليزية، أ.د. يان ويتكام(هولندا)، انتقال التراث العربي المخطوط إلى جنوب شرق آسيا.
ثم تليها الجلسة الثانية عشرة ، ويرأسها أ.د.حامد طاهر (مصر)، ويتحدث فيها أ .د. رضوان السيد ( لبنان) عن النص الكلامي العربي في اللغة الألمانية ( ترجمة هورتن نموذجا)، ويتناول د. أندرو بيكوك ( المملكة المتحدة ) السياسة وترجمة المخطوطات التاريخية في الحضارة الإسلامية. أما أ.د. محمود الحمزة ( روسيا/ سوريا) فيناقش دور الترجمة والاستعراب في التفاعل الثقافي بين العرب والروس.
في الجلسة التي تليها، والتي يرأسها د. صلاح فضل ( مصر ) يتحدث د. محمود علي مكي ( مصر) عن ترجمات يهود الأندلس للتراث العربي ، أما د. أيمن فؤاد سيد ( مصر )، فيعرض من خلال ورقته البحثية لموضوع الترجمة العربية لتاريخ العالم لأوروسيوس.
وبالجلسة الرابعة عشرة تبدأ فعاليات اليوم الرابع ، ويرأسها أ.د محمود نحله( مصر)، ويتحدث فيها أ. عادل صلاحي ( المملكة المتحدة) عن تأثير ترجمة القرآن في الثقافات الأجنبية، أما أ.د. محمد محمود أبو غدير( مصر)، ترجمات معاني القرآن الكريم إلي العبرية: الدوافع والأغراض. أما أ.د. أحمد هويدي ( مصر ) فيعرض لترجمات العقد القديم إلي العربية.
تعقبها الجلسة الخامسة عشرة، والتي يرأسها القمص بيجول السرياني ( مصر) ويتحدث فيها أ. د. جاك جران هنري ( بلجيكا) عن الترجمة العربية لخطب القديس جريجوريوس اللاهوتي. بينما تتحدث د. إميلي كوترل ( فرنسا ) سيرة فيثاغورس بين الأصل اليوناني والترجمات السريانية والعربية .ويستعرض د. وجيه ميخائيل ( مصر ) تطور اللغة الكنسية العربية بين العصر الإسلامي المبكر والواقع المعاصر.
وتختتم فعاليات المؤتمر بالجلسة السادسة عشر ، والتي يرأسها أ.د. يان هيننجسون ( السويد / مصر ) ويتحدث فيها الأنبا بيشوي ( مصر ) عن مشكلات فهم مصطلحات اللاهوت المسيحي بين السريانية واليونانية واللاتينية والعربية. كما يتناول المطران يوحنا ابراهيم ( سوريا ) الترجمات المبكرة بين السريانية والعربية وأثرها علي ثقافة اللغتين. ويتوج المؤتمر بجلسة ختامية يلقي خلالها الدكتور يوسف زيدان الكلمة الختامية للمؤتمر .
- آخر تحديث :
التعليقات