أحمدعبدالمنعم : لا نبالغ إن قلنا أن شارع عبدالخالق ثروت قد بات واحدا من أشهر شوارع المحروسة . الصدفة وحدها منحته هذا الشرف بعد أن استضاف على ناصيته ndash; دون ترتيب - تجمعات قوى المعارضة المصرية بكافة أطيافها . في هذا الشارع الشهير مبنى شاهق الارتفاع يمزج فى طرازه المعماري بين شموخ المباني الفرعونية وأناقة المعمار الحديث .. هو مبنى نقابة الصحافيين والى يمينه يقع مبنى نقابة المحاميين والى يساره مبنى نادي القضاة.
حقا كانت مجرد مصادفة أن يجتمع أصحاب الصوت العالي في مكان واحد ما أعطاهم قوة اضافية لم يخطط أحدهم لها حتى أطلق البعض عليهم quot; مثلث الرعب quot; للحكومة المصرية .. لا يمر يوما ولا ينقضي أسبوع دون أن يخرج من تلك البقعة الساخنة ما يؤرق الحكومة ويزلزل أركان نظام هش !
فالى جانب القضاة والمحاميين والصحافيين تحولت تلك المنطقة الواقعة في أكثر المناطق حيوية في وسط القاهرة الى نقطة التقاء المعارضة المصرية بأطيافها المختلفة حينا والمتناقضة أحيانا .. فهي تجمع اليمين واليسار ..الأقباط والاخوان والمسلمين .. العلمانيين والحالمين بدولة دينية .. جميعهم اجتمع على قلب رجل واحد ضد النظام الذي ظل جاثما على صدورهم طيلة السنوات الماضية.
ما أن هدأت معركة انتخابات نقابة المحاميين التى حصد فيها تيار المعارضة النصيب الأكبر من الأصوات ليحتل الناصريين والاخوان المسلمين غالبية مقاعد المجلس حتى اشتعلت معركة النظام مع القضاة على خلفية نشر قائمة بأسماء القضاة المتورطين فى عمليات تزوير انتخابات مجلس الشعب الأخيرة والتي انتهت باحالة قاضيين الى لجنة اصلاحية..وقبل أن تهدأ نار المواجهة بين الحكومة والقضاة حتى دخل الصحافيين خط المواجهة مستندين الى مجلس نقابة يغلب عليه صوت المعارضة الناصرية والاخوانية ..
ورغم أن أغلب الصحافيين ndash; ومعهم القضاة ndash; في ظاهرها تتعلق بتحسين أوضاع مهنية مثل قانون السلطة القضائية بالنسبة للقضاة والغاء الحبس فلا قضايا النشر وزيادة الرواتب بالنسبة للصحافيين الا أن تلك المطالب أخذت منحا سياسيا بصورةلافتة في ظل اصرار الحكومة على تجاهلها فتحول الأمر الى تحد بين النظام والمعارضة وبات صراع وجود لا مجرد خلاف فى وجهات النظر .
كل تلك المعرك الصاخبة تدور فى منطقة لا تتعدى مساحتها بضعة أمتار وتحديدا على سلم نقابة الصحافيين الذي اصبح قبلة لكل التيارات المعارضة وبات صداعا للنظام الذي لم يجد حلا سوى تحويل تلك المساحة الى ثكنة عسكرية ينتشر فيها مئات وأحيانا آلآف الجنود للتعامل مع أى تظاهرة قد تندلع بين لحظة وأخرى .
لم يكتف النظام بتحويل المنطقة الى ثكنة عسكرية بل مارس القسوة بدرجة لم يصل اليها منذ سنوات خاصة خلال الأسبوعين الماضيين حتى بلغ عدد المعتقليين 300 شخص اضافة الى السحل والتنكيل بالمتظاهرين الذين أفلتوا من الاعتقال .. كلما اطمئن النظام الى ضعف جبهة المعارضين بعد كل تلك الاعتقالات اذ به يفاجأ بتظاهرة أكبر عددا وأكثر حماسا .
ربما لوامتلكت الحكومة المصرية مصباح quot; علاء الدينquot; فسيكون مطلبها الأول من المارد الذي يسكن داخله ازالة تلك البقعة الساخنة من أرض المحروسة والقاء القضاة والمحاميين ومعهم الصحافيين فى بئر سحيق الى غير رجعة .. حتى وان تحقق ذلك المستحيل فلن يجدي نفعا مع نظام هرم .. فحينها سيتحول كل شبر فى مصر الى بقعة أكثر سخونة.
التعليقات