( 1 )
في صباحٍ عجيب
هبطتُ في بلادِ الكنغر
وهبطتْ معي نقطتي مضيئةً سوداء
وحرفي طائراً أخضر
هبطتُ أحملهما بكفّي مسرورا
أحملهما كأيّ كائنٍ خرافي
ظنّ انّه وصلَ الجنّة .

( 2 )
مثل هذه البداية: الخطأ
ستقود ُ، حتماً، الى النهاية: الخطأ
هكذا قالَ الفلاسفة
وماكذبوا!

( 3 )
كيف ؟
أنا لم أهبط في بلادِ الكنغر
ومعي حرفي ونقطتي
بل هبطتُ في بلادِ الجَمَل
ثم انّ نقطتي لم تكن معي
لأنني حين نزلتُ الى الأرض
مختبئاً تحت صرختي الأولى
طارتْ نقطتي عاليا .
وقيل انها طارتْ
حين بلغتُ سنَّ البلوغ .
ثم انّ حرفي
كان طائراً بلونِ الذهب .

( 4 )
ذلك يجعل الصورة أكثر وضوحا:
النقطة ُسوداء
( أهي سوداء أم بيضاء ياالهي ؟ )
والطائرُ ذهبيّ ذهبيّ حدّ اللعنة!

( 5 )
لاأستطيع أن أستمرَ في كتابةِ القصيدة
فلقد قالَ الفلاسفة:
الشعرُ لاقيمة له
إذ لامعنى يُنتَظَرُ منه!

( 6 )
وقالَ البلاغيون
وأحدهم قابلني في شبابي
وصرخ بوجهي:
احذرْ أن تكتبَ شعراً فيه معنى!
قلتُ: فهل أكتبُ شعراً لامعنى فيه ؟
قال: ولاهذا أيضا!
وأشاح بوجههِ القاسي عنّي .

( 7 )
لكنّي كنتُ مُحبّاً
مُحبّاً من العيار الثقيل
كنتُ أحبّ نقطتي
وأريدها أن تبتهجَ وتبهجني
والاّ فالقبر خاتمة القصة كما تعرفون
وكنتُ أحبّ حرفي
وأريده أن يحلّقَ عالياً عاليا
حتى يلامس السماء
ففي السماء
كما قال لي طائري
واثقاً ذات مرّة:
لاتوجد الاّ المحبّة!

( 8 )
وإذن، تعالوا نراقب هذه اللعبة:
الطائرُ التقط النقطة
كانت النقطة مضيئة ًسوداء
ثم رحلَ بعيداً بعيدا
حتى ضاع في الغابات
( أهي غابات من الأشجارِ أم من السيقانِ ياالهي ؟ )
كان المشهد ُعذباً وعَذابا
الذهبيّ التقط الأسود
الحياة ُ التقطت اللذة
وتعالوا نراقب ماحصل:
سقطت النقطة ُمن فم الطائر
فسقطَ الذهبيّ خلفها
حتى ارتطم بالأرض
ومات .

( 9 )
نهاية محزنة حقا!
أيجب أن يموت َالذهبيّ
ويعيش الأسود ؟
لكنْ إذا فَلْسفْنا المشهد
سنقول:
لابدّ أن يعيش الذهبيّ
لأنّ الذهبيّ هو الحياة
هو الطائر
هو الجناح
ولابدّ أن تموت النقطة
لأنها سوداء .

( 10 )
هذه كلّها مجرّد أكاذيب!
لأنّ النقطةَ كانتْ بيضاء
والطائرحملها بقلبهِ، ليس بمنقاره
وطار بها أعلى فأعلى
حتى سقطَ الذهبُ منه
ريشةً فأخرى
على رأسي المدهوش،
رأسي المحدّق في الأعالي
حيث لاتوجد الاّ المحبّة!

www.adeb.netfirms.com
[email protected]
شاعر عراقي يقيم في أستراليا