كانوا ينبعثون من كل مكان.
يتدفقون من البيوت والأزقة،
يتقاطرون إلى الشارع الكبير.
يلفحهم هواء شديد البرودة وتظللهم سحابات كثيفة.
تداعبهم بين الحين والأخر قطرات مطر تحدث بتساقطها نغمات أشبة بهمس حبات الذرة المتقافزة في إناء الزيت.
رجال مسرعون، تقودهم خطوات منتظمة.
أمهات مأخوذة بالواجهات الزجاجية وأطفال شاردي الذهن يعتريهم الملل.
عربات متراصة، أصوات متدفقة، بيوت ومحلات متلاصقة. بائع صحف ينادي...

صرخ أحدهم...

فوقف الزمن.
ذرات الغبار التي تحملها الرياح ظلت واقفة.
تسمرت يد امرأة ممتدة إلى معطف ابنها الصغير.
أفواه مفتوحة، عيون مغلقة، حبات مطر معلقة....
عواء قطة تستجير من كلب، يد تنساب لتلامس أخرى.
قلم يداعب القرطاس بأسطر..
لم يتحرك شيء..
لم ينبس أحد...
......
صرخ أحدهم
........
فتلاشى السكون.
أكملت المرأة تهذيب معطف ابنها.
تابعت الأفواه حديثها.
تلاقت الأعين.
تداعبت الأيدي.
اشتكت القطة
سطر القلم وانهمر المطر
لم يقل أحد شيئا...
لم يعلم أحد شيء...ا
........
لماذا صرخ...؟


قاص وكاتب من ليبيا
[email protected]