-1-
لا يختلف اثنان على ما تمتاز به فضائية "الحرة عراق" من اولوية اعلامية ليس في الاخراج والتقنيات المتطورة حسب بل في حسن الاختيار للموضوعات وقوة في الاداء وحيادية في الموقف وطرح للرأي والرأي الاخر بكل حرية.. ناهيكم عن افضل ما توّصل اليه الاعلام المعاصر من تكنولوجيا عالية المستوى تضاهي ما تقدمه الفضائيات الاخبارية والثقافية والاعلامية العالمية المعاصرة.. فضلا عن دور هذه الفضائية في بروز نخبة من افضل الاعلاميين العراقيين الشباب الجدد الذين يتمتعون برصيد عال من قوة الثقافة وحيادية الموقف وادب اللياقة وحسن الالقاء وسرعة البديهة وحسن المظهر.. وسواء احبها العراقيون ام كرهوها، فهذه القناة الفضائية تستقطب اليوم انظار العراقيين كزنهم يجدون فيها بغيتهم الاعلامية.
-2-
وهنا لابد ان اتوقف قليلا عند اسماء لامعة كان اصحابها قد ساهموا نضاليا وسياسيا من اجل العراق في السابق وتمتعوا برصيد حيوي من الثقافة التي يفتقدها اعلاميون آخرون.. انني اشيد هنا بالاخوة الاعلاميين العراقيين: سالم مشكور وعلي عبد الامير وعباس الخفاجي وسرمد الطائي وداليا العقيدي.. وغيرهم ممن فاتني ذكرهم.. اذ انهم يتمتعون حقا بخصال افتقدها غيرهم من العراقيين، وان لهم القدر الواضح من الحيوية الجاذبية اولا والمواقف الحيادية ثانيا والثقافة المدنية ثالثا. وقد نجحوا حقا في استقطاب ومعالجة موضوعات مهمة خصبة يحتاجها العراقيون كثيرا في مثل هذه الاونة الصعبة التي يمرون بها من تاريخهم.
-3-
لقد انتبهت الى اشياء عدة فرضتها علينا جميعا فضائية الحرة عراق وهي جزء لا يتجزأ من مشروع فضائية الحرة التي تنطلق من واشنطن دي سي في الولايات المتحدة الامريكية، وسواء يتكهرب البعض من سماع اسم "الحرة" ام يعجب البعض الاخر بها ، فكل من الاثنين يراقبانها دوما. انني اذ اقول كلمة حق بشأن مقارنة هذه الفضائية ببقية الفضائيات العراقية، احس بمدى القوة الاعلامية الجاذبة والطاغية للحرة عراق في تأثيرها المباشر في العراقيين سواء اولئك الذين يصفقون اليوم للنظام السياسي الجديد في العراق.. ام اولئك الذين يأخذون موقف المعارضة السياسية منه. وكم اتمنى على بقية الفضائيات العراقية التي انطلقت بعد سقوط النظام السابق ان تحذو حذو الحرة عراق في امور عدة اهمها حسن التنظيم وبراعة الاختيار والمصداقية والحيادية في عرض الملفات والمواقف..
-4-
انني اذ اكتب كلمتي هذه التي تجيئ معبّرة عن اعجاب ليس بالبرامج السياسية والاخبارية التي تذيعها الحرة عراق حسب، بل ان الذي دعاني الى نشر هذه الكلمة انتقال الحرة عراق قبل ايام من نهجها في المعالجات السياسية الى نهج جديد في اظهار تراث العراق الفولكلوري والاجتماعي الثر وعرضه بافضل وسيلة علمية وتوثيقية واعلامية للعالم.. ان ما تقدّمه الاعلامية العراقية داليا العقيدي في برنامج لاختيار افضل اغاني العراق في القرن العشرين خلال شهر رمضان الفضيل ، وبطريقة رائعة ومؤثرة ليس لدى العراقيين حسب، بل اشعار العالم لأول مرة بما في العراق من ثروة غنائية وموسيقية بالاعتماد على التوثيق العلمي وتعليقات اللجنة الفنية وحسن تذوق ما في العراق من كنوز ثقافية وحضارية لم يمتلك عشر معشارها الاخرون، واتمنى ان تكون لي وقفة تقييمية للحصيلة التي سينتهي اليها هذا البرنامج الحيوي الذي سيختار اجمل ما ابدعه العراقيون من اغان في القرن الماضي.
-5-
وأخيرا، انني اذ اكتب هذا اجد من الضرورة توضيح ما كان من تأثير قوي للحرة عراق اعلاميا في المحيط العربي الواسع الذي بقي حتى يومنا هذا يجهل ما لدى العراقيين من ثقافة قوية بشتى اصنافها وذلك بسبب بدائية الاعلام العراقي نفسه وسذاجته حتى اليوم! ان ما يعجبني حقا في الحرة عراق ايضا انها تستضيف كل اطياف العراق وتتركهم يتكلمون بكل حرية، اذ يشعرون لأول مرة انهم في فضاء من نوع جديد.. تحية مني الى الحرة عراق متمنيا ان تؤدي مهامها على احسن وجه من اجل خدمة العراق والعراقيين وهم في غمرة من تاريخ صعب يمرون به.. وأخص ايضا بالذكر فضائية الحرة الام والقائمين على ادارتها، فقد اثبتت جدارتها وسط التيه الاعلامي العربي المعاصر.
كاتب المقال باحث اجتماعي ومؤرخ عراقي يقيم ما بين كندة والامارات
التعليقات