الصرعات العجيبة والغريبة التي تحفل بها دنيا العروبة أكثر من أن تحصى، وهي بالتالي أكثر من الهم على القلب، وقد جرب الشعب العربي منذ عصر الإستقلال والحرية الممتد منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي وحتى اليوم مختلف الوصفات والماركات والعلامات التجارية! فلم يجدوا أسوأ صنعا، ولا أردأ معدنا من تلكم الأحزاب والجماعات المتدثرة برداء القومية العربية الواسع الفضفاض المهلهل والتي تسببت في المحصلة النهائية بذلك الكم الهائل من الهزيمة الحضارية التي نعيشها! والتي تزداد حفرتها إتساعا يوما بعد يوم؟، وإذا كان المثقفون والكتاب هم بارومتر أي أمة في الكون يقاس من خلالهم مستوى تلك الأمم الحضاري والسلوكي!، فإن إتحاد الكتاب العرب ببياناته وسياساته وتبعيته وهزاله وإرتباطاته بالأنظمة الفاشية والعسكرية والشمولية قد فشل في أول إختبار وأثبت لكل أصحاب النوايا الطيبة من أنه ليس سوى بؤرة إرهابية ومستنقع لتفريخ الإرهابيين!! وحجر عثرة أمام كل الجهود الحثيثة لإستئصال الإرهاب وتجفيف مستنقعاته الكريهة والضحلة، أقول هذا القول تعليقا على ما ورد من إدعاءات وتحريضات واقوال غير مسؤولة من ممثلي الثقافة العربية الرسمية مؤخرا وتحت مظلة (جامعة الدول العربية) وفي مقرها الرئيس في قاهرة المعز! حيث تم عقد مؤتمر ثقافي عربي تحت عنوان (الكاتب والمستقبل)!!، تبارى فيه القوم وحملة الأقلام من أجل (تكريم) و(تقديس) ما يسمى بالمقاومة العراقية؟؟ والتي لم يحددوا شكلها ولا معالمها الحقيقية في نفس الوقت والساعة الذي يتعرض فيه أبناء الشعب العراقي لأبشع عمليات القتل والخطف والتفجير ومحاولات إشعال الفتنة الطائفية ويسقط منه العشرات يوميا في الأسواق والمساجد ودور العبادة والمستشفيات؟ فكل تلك الدماء المسفوحة جزافا وبأيادي المجرمين والملثمين وحملة السواطير من ما يسمى ببلطجية المقاومة العراقية لم تحرك ساكنا في ضمير الكتاب والمثقفين العرب المشاركين في ذلك المؤتمر الخائن لعنوانه الذين تاندوا وتضامنوا للدفاع عن الأنظمة الفاشية البائدة أو التي في طريقها للرحيل القريب!، وخانوا شرف الكلمة ومسؤولية الضمير الإنساني ليكونوا أبواقا مثقوبة وأصواتا نكراء تمجد ثقافة التدمير والإنتحار وزرع الرعب والدمار وإبادة المدنيين والمستأمنين، والتهليل لمناظر الأجساد و الرؤوس المقطوعة وحيث كانت العاصمة الأردنية (عمان) آخر الضحايا في سلسلة مستمرة لا تنقطع؟ وبينما كان بيان (مثقفو العروبة المريضة) تحت الطبع كانت أجساد العراقيين في الحلة والمحمودية وبغداد تفرم في مفرمة الإرهاب البعثي والأصولي الخارجي!!.
ترى هل كان السيد (أحمد ماضي) وهو رئيس (رابطة الكتاب الأردنيين)..! وفيا لشعبه المصدوم من هول ومآسي الإرهاب وهو يدعو علنا ومن القاهرة إلى التضامن مع المقاومة في العراق؟؟ هل يعرف ذلك المثقف الأردني هول ونتيجة دعوته الباطلة تلك التي لا تنسجم والحد الأدنى مع ما يدور في الساحة الأردنية حاليا؟ ويقف على الضد تماما من كل إجراءات التحصين الوطني التي لجأ إليها الملك عبد الله الثاني!!، أليس تحت إسم وعنوان وشعارات وبهائم المقاومة العراقية التي يدعو للتضامن القومي معها حصل ما حصل في الأردن؟ أم أن ما يحصل في عمان إرهاب بينما ما يحصل في العراق حفلة شواء جهادية مقدسة!!، وسيستمر العجب في متابعة شعارات وتخريجات وإدعاءات وريث عرش ثقافة البعث السوري والذي خلف (الرفيق المناضل علي عقلة عرسان) قدس الله سره!! وهو السيد البعثي (حسين جمعة) رئيس إتحاد كتاب سوريا الذي أكد في بيانه وكلمته التحريضية الملقاة في ذلك المؤتمر القاهري العتيد على (عدم شرعية إسقاط نظام صدام حسين)!! ودعا أيضا لمساندة (المقاومة العراقية)؟؟ كل ذلك يحصل في القاهرة والنظام العربي الرسمي والأمانة العامة لجامعة الدول العربية كالزوج المخدوع تماما (آخر من يعلم)!! مما يؤكد حقيقة نظرية: (كله عند العرب صابون)!!.
لم نفاجأ بمواقف المثقفين العرب التدليسية وبروحهم الفاشية! وبتوجهاتهم الدموية المفرطة فهم بالنتيجة نتاج مؤسسة أمنية وسياسية عربية إتسمت بالفاشية ومعاداة الديمقراطية، والطيور على أشكالها تقع، وشبيه الشيء منجذب إليه!! وبعد بيان العار لمؤتمر (الكاتب العربي والمستقبل) تيقنت من طبيعة وشكل المستقبل الذي ينتظر العالم العربي؟ ولم يكذب شاعرنا القديم حينما قال : يا أمة ضحكت من جهلها الأمم...!.
إنه ليس مؤتمر مستقبل الثقافة العربية.. بل مؤتمر دعم البلطجية والقتلة وأهل الإرهاب التكفيري تحت مظلة الجامعة العربية!!! وعيش وشوف؟.
- آخر تحديث :
التعليقات