تنعكس أزمه الإنتخابات التي تمر بها السلطه الفلسطينيه على الوضع الإقتصادي.. بحيث تتوقف كليا العجله الإقتصاديه التعيسة أصلآ بدون أية بادره أمل لإنفراجها.. ويبقى الحديث والإجتماعات التي لا تنقطع مابين السلطه وحماس والجهاد الإسلامي وكتائب الأقصى وغيرها.. حوالي 13 فصيل في رقعه جغرافيه صغيره ومحدوده.. والجميع يتشبث برأيه على أنه الأصوب والأفضل للمسيره الثوريه... ويبقى الشد والمد مابين الجيل القديم.. الذي فضل البقاء في الخارج لأنه لن يدخل فلسطين إلا بعد التحرير الكامل..وبين ذلك الذي رضي بالتحرير حتى ولو المرحلي حتى لا يكون عبئا على الدول العربيه بعد تشرد زاد عن الخمسون عاما خلالها أغتنى من أغتنى بالدجل..و بإسم النضال.. وبقي اللاجىء قابعا في بؤس المخيمات في فتره كانت بها بيروت تزهو بالسيارات الفارها للمناضلين.... في ذات الوقت بقى الإنسان الفلسطيني المحتل يدور كعجلة الطاحون يأكل الإحتلال قلبه ورزقه وحياته.. والآن أتى دور الجيل الجديد.. جيل المستقبل..جيل الإنتفاضات.. وجيل المقاومه.. وغيرها.. شباب ملأى بالحماس.. والأمل في التغيير.. في الحياة الأفضل.. ولكن ينقصهم خبرة الزمن.. و كيفية التعامل الدولي.. لأنهم حرموا من فرصة الحياة المتوازنه.. وحرموا من أي شكل من أشكال الإستقرار السياسي.. والإقتصادي.. مندفعين بقوتهم الجسديه وعنفوان شبابهم..وشعارات القياده الراحله.. ياجبل ما يهزك ريح....
ثم يأتي دور المثقفون الذين تقع على عاتقهم مسؤولية قول كلمة حق.. ومسؤوليه حياة ومستقبل هذا الجيل.....
يذهلني منهم الصحفييون المرموقون حين يطلبون من الشعب الفلسطيني الصمود والتمرد وتحمل كتاباتهم التحريض المستتر. والعلني.. لإنتفاضة جديده.. مباركه.. لصواريخ القسام المحلية الصنع التي تنافس الآله العسكريه الإسرائيليه..التي هدمت مئات من البيوت وشردت الآف العائلات... وبرغم حملهم جوازات السفر الغربيه التي تتيح لهم دخول إسرائيل بسهوله.. و عن طريق الأردن.. حتى ولو لمساندة الإنسان الفلسطيني القابع تحت مذلة الإحتلال.. لم يطأوا قدما لزيارة الأرض المحتله... لأنهم لا يريدون أن يروا جيش الإحتلال الإسرائيلي.. ولن يعودوا إلا بعد تحرير كامل التراب الفلسطيني... يعشيون في قصور من الأوهام في بيوتهم الفاخره وفي أمن حياتهم وأبنائهم.. يعيشون على أحلام الشعارات الرنانه. إبتداء من التشكيك ورفض الإعتراف بالمحرقه اليهوديه.. لمنع أي شكل من أشكال التعاطف الإنساني مع الآخر.. وإنتهاء بحلم زوال إسرائيل من الوجود.. ثم التمسك بكل الثوابت الفلسطينيه..... في ذات الوقت الذي اعتاد فيه الشارع الفلسطيني على حبس أنفاسه لتعدد الأزمات التي يمر بها.. ومحاولة التأقلم وقبول الدوله الإسرائيليه... ليس هم القياديون الذين يحبسون الأنفاس وانما ابن الشارع الذي يزحف للسعي لقوت أطفاله.. وحتى مع رفضه لها. وخلال الإنتفاضه يتمنى فرصة عمل داخل الخط الأخضر... وإعتاد وعود التعامل مكرها أم راضيا لمواجهة واقع وجود الجندي الإسرائيلي... كلاهما يخاف الآخر.. وكلاهما يتوجس من ماذا سيحدث بعد.. وكلاهما يريد الحياه.. ومواجهة هذا الواقع هو نوع من الجهاد اليومي من أجل الحياة.. ولكنه جهاد من نوع أرقى لإنتزاع الحقوق من قتل النفس.. ولكن....؟؟؟؟؟
هل أشكر هؤلاء الصحفيون على تحريضهم.... أم أشكر قيادة الرئيس الفلسطيني السابق. والرئيس الإسرائيلي الحالي.. كلاهما نجح في قتل الروح الإنسانيه لكلا الشعبين.. نعم هناك إحتلال.. بربري ووحشي ولا يحترم الإراده الدوليه.. وماضي قدما بآلته العسكريه لقتل الروح الفلسطينيه.. ولكن من الذي يدفع الثمن سوى أبناء الكادحين.. وكيف من الممكن التعامل معه في ظل المتغيرات الدوليه.. نعم هناك إزدواجيه دوليه.. ولكن الكثيرون ممن هم تحت الغحتلال يتمنون التعامل مع هذه الإزدواجيه للحصول على الممكن.. الذي أضاعته القياده السابقه مرات عديده بالمراوغه.. نصرة لفرديتها وليس نصرة للحقوق الفلسطينيه..
السياسه في المقهوم الدولي هي فن الممكن بدل المستحيل.. وفي الحاله الفلسطينيه حاليا هي فن المقاومه السلبيه ومقابلة العنف الإسرائيلي الوحشي بلا عنف يستخدمه شارون لهدم ما بقي من البيوت.. فن تخجيل اليهود في كل مكان في العالم.. وبأن ما تتبعه السياسه الشارونيه ستجلب لهم نقمه دوليه عاجلآ أم آجلآ.. فن التخلص التدريجي من حالة البؤس الفلسطينيه للنهوض بالذات الفلسطينيه لتخرج من قوقعة الجهل.وإستعمال الطرق السلميه للدفاع المنطقي والمعقول والمقبول دوليا لإحراز التعاطف الكامل للحقوق.. إبتداء من المنطلق الإنساني.. إلى الحقوق السياسيه المبنيه على حق المساواة الإنسانيه..
القياديون سواء من في السلطه أم في حماس يستطيعون الإنتعاش مابين فترة وأخرى حين الخروج كوفود رسميه أو مدعوون من أقطار عربيه اخرى لتعطيهم قدره على الصمود.. وأيضا تعطيهم الخبره في كيفية التعامل الدولي. وأن العالم تغير ويتغير باستمرار.... معظم هذه الزيارات تنتهي في شوارع هذه البلدان لشراء حاجيات أبناؤهم الصغار.. أما أبناؤهم الكبار فهم في منأى عن كل هذه الأخطار المحدقه بالإنسان العادي لأنهم يدرسون أو يعيشون في أقطار غربيه وشرقيه.. وبالتالي فإنه من السهل التشدق بكل الشعارات.. ومن السهل الإنزلاق إلى التحريض المباشر على الصمود والتغني بأشكال المقاومه..
والآن يمر الشارع الفلسطيني بأحرج أوقاته.. لأنه وقبل هذه الإنتخابات سيحدد موقف فيه إما حياة أو موت القضيه الفلسطينيه.. يتبعه قرار دولي في أهلية هذا الفلسطيني لإختيار الأصلح لنفسه وللعالم حوله.. لقيادته إلى بر الأمان.. ولو لفتره زمنيه معينه يضمن فيها التغيير الجذري لهذا الإنسان للإنتقال من حالة العنف المستمره إلى اللا عنف والذي أصبح معروفا بأنه يؤتى ثمار أفضل وأرقى من إستعمال الآله العسكريه.. على هذا الخيار إما أن تلغى الإنتخابات أو يتم تأجيلها.. وفي الحالتين الخاسر الوحيد هو الإنسان الفلسطيني..
الإنسان الفلسطيني يعرف كل الحقيقه..يعرف بأن إقتصاده الشحيح ليس بسبب قلة المعونات الدوليه. ولكن بسبب الإنفاق الغير رشيد.إلى جانب الفساد والإختلاسات.. والخوف كل الخوف أن يقبل الإنسان الكادح برشوه مثل تلك الرشوه التي قام بها رئيس ايران الحالي.. حين وعد المواطنين بمضاعفة مرتبهم في حال فوزه في الإنتخابات.... ولكن من هو الذي سيدفع هذه المره.. هل هي حماس أم أية قائمه من قوائم فتح.
نعم حماس أثبتت للشارع الفلسطيني نزاهتها في تعاملاتها الماليه.. ونجحت حين فشلت السلطه في توفير خدمات طبيه ونظام إجتماعي إستفاد منه الإنسان البسيط.. ولكن من المستحيل أن يتقبل المجتمع الدولي بأية مفاوضات تبنى على مقاومه ومفاوضات في ذات الوقت..
وبالتالي فأن نجاح حماس في مجالس البلديات كسب للشارع الفلسطيني.. ولكن نجاحها ككتله سياسيه فيه خساره كبيره للإنسان الفلسطيني نفسه..لأنها مرفوضه إسرائيليا.. ودوليا..والأهم إقليميا..
ليس لأن حماس منظمه إرهابيه. ولكن لأن منظور حماس السياسي يقع في خانة الإسلام السياسي.. والذي أتفق دوليا على محاربته.. الصوره القاتمه ثبتت في نيويورك.. وبالي ومدريد ولندن.. حتى عمان..وغيرها..
إن المسؤوليه الوطنيه تحتم على حماس والفصائل الأخرى المساعده للعمل على تهدئة الشارع الفلسطيني وجمع هذا الكم الهائل من الأسلحه المتوفره في أيدي شبان صغار لم يتفهموا الواقع الدولي العملي الآن.. الكف عن إستعراضات الملثمين في الشوارع لبث الرعب في الإنسان الفلسطيني.. والخوف الدولي من هؤلاء الملثمون... الكف عن إطلاق العيارات الناريه للتعبير عن الفرحه.. والشماته.. وأي شكل من أشكال المشاعر. لأنها كلها ترمز إلى العنف...
نعم السلطه وقيادتها ضعيفه وهرمه.. ومزاعم الفساد التي تسود أوساط فتح أثبتت حقيقتها.. وليست قادره على ضبط الشارع الفلسطيني والفلتان الامني الذي يتهمها البعض بتشجيعه.. ليس فقط بسبب سياسات التصلب والإحتلال الإسرائيلي.. ولكن بسبب تعدد الفصائل الفلسطينيه.. وبسبب الفوضى العارمه في الرؤيه والعمل والتهديد بالسلاح في كل المناسبات... وبسبب خوف القياده من حرب أهليه في حال المحاوله لجمع السلاح من هذه الفصائل. أليس هذا كاف في الوقت الحالي ليؤكد حرصها على دم الإنسان الفلسطيني.. وللمرحلة المقبله أفضل الموجود في حال تعاون الجميع معها للنجاح.. لأن الرئيس الحالي أثبت جديه وفهم للواقع الدولي.. خاطب الإنسان الفلسطيني بلغة المنطق والعقل والواقع.. ولم يخدرة بأقوال وشعارات رنانه يدفع فيها الثمن الغالي.. يحزنني حين أسمع بأن القياده الراحله كانت أنجح من الحاليه.. يحزنني حين أسمع بأن تلك القياده تستطيع التنازل أكثر وأكثر ويتقبل الإنسان الفلسطيني كل هذه التنازلات في ذات الوقت الذي أوصلت فيه القضيه الفلسطينيه إلى الهاويه الدوليه.. وهي التي جعلت الوزير المالي سلام فياض يلجأ للحكومه الإسرائيليه لمساعدته في البحث عن مليار دولار مفقوده... .. لن تحترم إسرائيل ولا العالم الخارجي أية قياده لا يحترمها شعبها ولا يتقبل خطواتها.. نعم يجب إنجاح القياده الحاليه للفتره المقبله.. لتكون بداية نجاح المشوار الفلسطيني للحياه...
الديمقراطيه الحقه.. تبنى مع الوقت ومع الوعي والمسؤوليه والتعليم.. والحياة الآمنه..
نعم على المجتمع الدولي إحترام الخيار الفلسطيني... ولكن هذا المجتمع الدولي لن يستطيع مساعدة من لا يريد مساعدة نفسه..من لا يزال يرفض ويراوغ في نشر قيم المبادىء الإنسانيه الدوليه.. قيم قبول حق الآخر في الحياه.. والتفريق بين الحركات السياسيه والحركات التي تستند إلى عقيده دينيه متشدده.. ويصمت معها المجتمع المدني تجاه أعمال عنف من فصائل لا هدف منها سوى الإنتقام. أو إثبات وجود مناوىء للسلطه.... المجتمع الدولي مستعد لمساعدة الإنسان الفلسطيني.. وزيادة المعونات الإقتصاديه بكل الطرق.. الثمن هو شيء من الإستقرار السياسي والهدوء لمساعة العمليه السلميه التي تحتضر للحياه مرة أخرى.. الثمن هو تسجيل كل الناخبين.. رجل وإمرأه على قدم المساواه في الجداول الإنتخابيه.. وسير هذه الإنتخابات بيسر وسهوله وبدون تزييف.. لأنها شهاده للمجتمع الفلسطيني بأنه يسير نحو الوعي بالحقوق والواجبات المحليه.. والدوليه..
الإنسان الفلسطيني مسؤول عن مستقبله الآمن وخيارة لأي حركات تستند إلى أي دين وأي عقيده لن يجلب له الأمن.. وعودة الإنتفاضه بأي شكل ستجلب الخراب أكثر من سابقتها.. نعم المشهد الفلسطيني لا ينذر بالخير للفلسطيني نفسه.. وعليه فإن الواجب والمسؤوليه تقع على عاتق كل من يمسك قلما ليبين بصدق وأمانه للفلسطينيون المخاطر المقبله وإختيار أهون الشرين..للفتره القادمه خلالها تقوم السلطه المنتخبه بعملية إصلاح شامل.. وتهيئة قيادات جديده شابه تعي مسئوليتها.. وأنها جزء من المجتمع الدولي وليست أعلى منه...

أحلام أكرم ndash; باحثه وناشطه في حقوق الإنسان