من المعروف أن أحمد سعدات رئيس الجبهه الشعبيه كان من المتهمين في التخطيط لعملية إغتيال وزير السياحه الإسرائيلي رحبعام زئيفي.. منذ أربع سنوات... وأن الرئيس الراحل (عرفات ) قد أبرم صفقة معينه لحماية سعدات مع الحكومه البريطانيه لسجنه في أريحا مع رفاقه السته بدلا من سجنه في السجون الإسرائيليه حفاظا على حياته..بشرط وجود مراقبين بريطانين وأميركيين منذ ذلك التاريخ....
السؤال الذي يطرح نفسه.. ما الذي جعل هاتين الدولتين وبعد أربع سنوات من هذه الحمايه تقرران فجأه الإنسحاب من هذه الصفقه..
السؤال الآخر.. هل حقا هناك تنسيق وتواطؤ مابينهما وبين الحكومه الإسرائيليه..
بنظرة تحليليه فاحصه للأهداف البريطانيه والأميركيه والإسرائيليه لهذه العمليه.. نرى أن المصلحه الأولى المشتركه بينهم هي إجبار حماس على إعادة النظر في مبادئها المبنيه على الأيدلوجيه الدينيه..وهي ايضا رساله ضمنيه موجهه للإسلامييون جميعا..
ثم إجبارحماس على التعامل مع الواقع الذي يفرض نفسه.. في التعامل مع إسرائيل كدوله وكجاره والإعتراف بحقها في الوجود كدوله يهوديه قائمه بذاتها..... ..
المصالح الإسرائيليه من هذه العمليه تتعدد.. وتتنوع مابين..
التأكيد للشارع الإسرائيلي أن القوه العسكريه الإسرائيليه لا زالت قادره على اقتحام أي مكان في الأرض المحتله وكلما شاءت أو حتى كلما اقتضت المصلحه الإسرائيليه الأمنيه .. بغض النظر عن الإتفاقات الموقعه... أو مناداة المجتمع الدولي للجميع بضبط النفس والعوده إلى طاولة المفاوضات..
كسب ثقة الناخب الإسرائيلي لإيهود أولمرت في الإنتخابات المقبله يوم 28-3-2006.وإظهاره بمظهر القوي عسكريا ...
ويبقى أهم الأهداف الإسرائيليه المستتره.. وهي كشف صورة الفلسطينيي
ن بأسؤا ما يمكن على الساحه الدوليه... والعمل على عزلهم الدولي ماديا.. وسياسيا.. ومعنويا تحت ذرائع متعدده على رأسها كيف تستطيع إسرائيل التفاوض مع عدو همجي وبربري لا يعترف بوجودها مطلقا... ..

من هنا نرى أن التواطؤ البريطاني والأميركي لم يكن بالتنسيق مع إسرائيل.. ولكنه تواطؤ ضمني بين جميع الأطراف بما فيها إسرائيل .. موجه في الدرجة الأولى للضغط على حماس.. وخلق إرتباك فلسطيني داخلي لفرض انتخابات بديله....
السؤال الموجه الآن إلى السلطه الفلسطينيه .. هل علمت حماس برسالة وزير الخارجيه البريطاني جاك سترو التي يدعي فيها أنه أرسلها إلى السيد أبو مازن بتاريخ 8-3.. لإخباره مسبقا بالنية لسحب المراقبين ..
وإذا كان الجميع (حماس والسلطه الوطنيه بقيادة أبو مازن ) على علم مسبق بعملية إنسحاب المراقبين... لماذا لم يكن هناك مشاورات داخليه بين الجميع.. لإيجاد حل يكفل سلامة سعدات وسلامة من كانوا معه في السجن.. وتنقذ الفلسطينيون من الصوره البشعه التي انعكست من خلال شبكات التلفزه في تعاملهم مع العمليه .
أنا أقدر المشاعر والجروح الفلسطينيه ولكني لا أعفي أيا من المسؤولين عن عدم تحجيم رد الفعل مسبقا حينما علموا بالنيات البريطانيه والأميركيه..


تقصير الرئيس أبو مازن ليس في تأخره في العوده إلى الأرض المحتله من جولته لإنقاذ السلطه من الإفلاس والإنهيار .. ولكن في عدم كشف الرساله والنيه البريطانيه والأميركيه للشارع الفلسطيني برمته. وإعطاء الإنسان وحماس حرية الخيار والإختيار.. مابين المواجهه العسكريه التي راح ضحيتها فلسطينيون أبرياء لا ذنب لهم سوى تواجدهم في المنطقه خلال الإقتحام الإسرائيلي البربري .. أو تسليمهم بهدوء في ذات الوقت الذي تعمل فيه السلطه على العمل مع منظات حقوق الإنسان الدوليه مثل منظمة العفو الدوليه وغيرها الكثير للتأكد من حمايته ومعاملته تبعا للقوانين الدوليه.. ..
كلنا يعرف النوايا الإسرائيليه الخبيثه والمبيته.... ونعلم بأن أولمرت يبحث عن فرصه مناسبه تقوي مركزه لكسب أصوات الناخبين الإسرائيليين.. إضافة إلى الإستفاده من تكرار عمليات الخطف الفلسطيني للإجانب.. حتى أؤلئك العاملون في المجالات الإنسانيه والذين يخاطرون بأرواحهم لمساعدة الإنسان الفلسطيني للتسويق الدولي من الخوف الإسرائيلي من البربريه الفلسطينيه ... ومع ذلك وقع الإنسان الفلسطيني مرة أخرى في الفخ..
يحز في نفسي حين أسمع ومن إحدى أكبر المتعاطفين مع الحقوق الفلسطينيه الدكتوره روز ماري هوليس..رئيسة المعهد الملكي للشئون الإستراتيجه.. تقول بأنها وبعد زيارتها الأخيره قبل أسبوعين إلى الأراضي المحتله شعرت بما لا يدع مجالا للشك بأنها كأجنبيه لم تعد تشعر بالأمان هناك ..نظرا لعمليات الإختطافات المتكرره..
وإن كانت ذكرت بألم مدى معاناة الإنسان الفلسطيني ومدى الوحشيه الإسرائيليه ..
يحز في نفسي حين أسمع تساؤلات دافع الضرائب البريطاني عن جدوى دفع أمواله إلى شعب لا يحترمه.. بعد أن رأى صور تدمير المركز الثقافي البريطاني في غزة وفي رام الله..

لم يكن باستطاعة أبو مازن أن يعزز الحراسه. ولكن كان عليه مسؤولية إشراك الإنسان الفلسطيني في الخيار.. وعلى حماس السلطه المنتخبه مسؤولية رفع مستوى الوعي الفلسطيني بالنتائج التي تترتب على تصرفه الأحمق.. بدل العويل والولوله.. والركض للتحالف مع ايران، ومع سوريا.. آن الأوان لأن يفكر الفلسطيني في مصلحته وفي حياة أبنائه ومستقبلهم فقط..