منذ تربينا، منذ كنا اطفالا، حذرونا من الغزو الفكري.
قالوا لنا ان هذا الغزو يأتي في اكثر من صورة.
تارة هو شيطان يدعونا الى عبادة المادة، فتصبح هي هدفنا وننسى ديننا ومبادئنا.
تارة هو في نشر الاباحية. في نشر الخلاعة. في نشر الفساد.
قالوا لنا، منذ كنا اطفالا، ان الغزو الفكري هو وضع السم في الدسم.
لكن من هو الذي يريد ان يغزونا فكريا؟
قالوا في مدارسنا انه الغرب لعنة الله عليه.
قالوا في مدارسنا هي الصهيونية العالمية...
قالوا ان الغزو الفكري حيلة لجأ اليها الغرب المسيحي بالتحالف مع الصهيونية لجعل عقولنا خاوية. وجيوبنا خاوية.
اسمحوا ان اقول بأن كل ما قالوه لنا في مدارسنا كذب وتضليل!
ولو كانت هناك محاكم تدافع عن عقل الانسان لكنت اول من رفع دعوة ضد كل مدرسة درست فيها.
فان وجد هناك غزو فكري من اي نوع، فهو غزو محلي الصنع. غزو نحن صنعناه لأنفسنا!
الغرب مشغول عنا بالبحث في رفاهية شعبه، ولا علاقة له بتخبطاتنا!
هل تريدون اكثر..؟
حسن، سأقول ان اسرائيل نفسها بريئة، فهي بالمثل مشغولة بالبحث عن أمن شعبها، ولا علاقة لها بتخباطتنا!
ان وجد هناك غزو فكري، فنحن من صنعه لأنفسنا، ولا حاجة لأن يصنعه احد لنا.
ماذا تقولون عن فضائياتنا الغنائية؟ تلك التي تقدم نسائها بنصف عري.. او بعري كامل تقريبا؟
اليس هذا بغزو فكري.. ؟ اليس هذا بغزو اخلاقي؟
ما علاقة الغرب واسرائيل بفنانة تغني بقميص نوم شفاف وافخاذ تشتهيها كل الثيران؟
لننسى مسألة الغناء..
ماذا تقولون عن مدارسنا؟ تلك التي تخرجنا منها بنصف عقل ونصف فهم وكم لا ينتهي من القوانين التي لا يلتزم بها احد؟
اليس هذا بغزو فكري، اليست مدارسنا دعوة صريحة للتخلف والعودة الف عام للوراء؟
لننسى مسالة المدارس..
ماذا تقولون عن كتبنا التي تجعل من الدنيا مكب نفايات ومن الآخرة جنة الطريق اليها مليئ بالدم والحراب؟
اليس ذلك غزو فكري بصناعة محلية؟
في الامس القريب، كان ثلاثة ارباع الشارع العربي في غيبوبة بسبب انهيار اسواق الاسهم. توقف عقلنا وفرغ جيبنا. اصبح ارتفاع سعر السهم اهم من ارتفاع صوت الآذان.
واصبح انخفاض السهم اخطر من انخفاض مستوى التعليم.
هل للغرب المسيحي علاقة بسعر الاسهم؟ ام تراها الصهيونية هي التي عبثت بالاسعار؟
نعم.. هناك غزو فكري. هناك حرب لكل مبادئنا. لكل اخلاقنا. لكن الغرب بريء. اسرائيل بريئة. والمتهم نحن.
نحن اعتدنا على الشماعة. لا يمكن ان نعيش بلا شماعة تحمل كل اخطائنا. تحمل كل مصائبنا.
المسيحية هي الشماعة. الصهيونية هي الشماعة. البوذية هي الشماعة. اما نحن فمجرد ضحايا، منذ مئآت السنين!
آه.. لو كانت هناك محاكم تدافع عن عقل الانسان، لرفعت الف دعوة على كل مدرسة درست فيها!
[email protected]