نشرت quot;آمنة الذهبيquot; و أشك أن يكون هو اسمها الحقيقي، مقالاً بعنوان quot;الامبريالية الثقافيةquot; في جريدة الأحداث المغربية العدد 2539 ولقد نشر المقال نفسه بالقدس العربي تحت عنوان آخر. يدعي المقال أن أوربا وأمريكا quot;يخترقان العالم العربي والإسلامي بالغزو الثقافيquot; ، وأكذوبة الغزو الثقافي هي إحدي بضائع المهربين الدينيين التي يلوكونها في quot;التجديدquot; لسان الإسلامويين المغاربة وغير التجديد من النشرات الإسلاموية مثل quot;المجتمع الكويتيةquot;.التي اعتبرت أن حق المرأة الكويتية في الانتخابات هو من صادرات quot;الغزو الثقافي الغربيquot; ، وما يسميه المتأسلمون غزو ثقافي أمريكي وأوربي يقصدون به الديمقراطية التي قال عنها راشد الغنوشي:quot; إن الكثير من المظالم والفواحش ،مثل عدوان الشعوب على بعضها بالاحتلال أو الاستغلال ، وانتشار الفسوق والفساد والرشى والغش والضلال، تستمد شرعيتها من جهاز الديمقراطية. ألم تزل أعرق الديمقراطيات، في بريطانيا وفرنسا تحتفظ بوزارات للمستعمرات أو لما وراء البحار؟ وتشرّع للقمار واللواط والوأد المعاصر أي الإجهاض وتحديد النسلquot; من كتاب quot;أزمة الديمقراطية في البلدان العربيةquot; ص 42 إعداد علي الكواري دار الساقي 2004،أولاً الغنوشي هنا يكذب ، فلا توجد وزارة للمستعمرات لا في فرنسا ولا في بريطانيا منذ نهاية الاستعمار في الستينات. وثانياً تحديد النسل ليس وأداً معاصراً كما يزعم الغنوشي، بل هو حاجة ملحة لشعوبنا العربية والإسلامية لكي تنزع فتيل قنبلة الانفجار السكاني التي تجعل كل تنمية مستحيلة. فالصين كانت عندما كان ماو يعتبر تحديد النسل كفراً بالماركسية لا تتجاوز معدلات نموها الاقتصادي 4%، أما اليوم وبعد تحديد النسل بشكل صارم بحيث لا يحق لكل عائلة صينية إلا إنجاب طفل واحد، فقد قفزت معدلاتها الاقتصادية إلى 10% سنوياً فحققت من التقدم الاقتصادي في عقدين ما حققته بريطانيا في قرنين بفضل تحديد النسل، لأن علم الاقتصاد يعلمنا أن أي أمة تتجاوز فيها معدلات النمو السكاني معدلات النمو الاقتصادي هي أمة لا مستقبل لها. علماً بأن النمو الاقتصادي، كما يقول علم الاقتصاد، يجب أن يكون ضعف النمو السكاني + واحد. اليمن مثلاً معدلات نموها الديمغرافي 7% أي يجب أن يكون معدل نموها الاقتصادي 15% لكن معدل نموها الاقتصادي 2% بمعني أن الأفواه الزائدة محكوم عليها بالموت جوعاً ومرضاً وأمية وتخلفاً، والشيء نفسه ينطبق على بلدي مصر! كما كتب الغنوشي أيضاً في الفصلية الباريسية quot;مراياquot; قائلاً:quot;إن حقوق الإنسان ذات مرجعية وثنية ومسيحيةquot; ولا علاقة لها بثقافتنا الإسلامية، فالديمقراطية وحقوق الإنسان هما إذن quot;غزو ثقافي غربيquot; وquot;تبعية ثقافية جديدةquot; وعلينا أن نكافحها كما نكافح إنفلونزا الطيور. يقول المقال quot;إن منشأ التبعية الثقافية الجديدة هو الاعتماد على التكنولوجيا المصنعة في الغرب والمصدرة لبقية أجزاء العالم، ويعد اعتماد العالم العربي والعالم الثالث على هذه التكنولوجيا أمراً في غاية الوضوحquot;،فعلينا إذن ،نحن الذين نستورد حسب إحصائيات الصندوق الدولي 98% من التكنولوجيا الغربية أن نوقف ذلك ونركب الجمال بدل الطائرات الغربية الكافرة، والقوارب المجدافية بدل البواخر الغربية الكافرة، والحمير العربية الأصيلة بدلاً من السيارات الغربية الكافرة، ونحرث أراضينا بمحاريث القرون الوسطي بدلاً من الجرارات الغربية الكافرة، ونجري عملياتنا الجراحية باللآلات التي كان يستخدمها الطبيب العربي المشهور quot;ابن الجراحquot; قبل أكثر من سبعة قرون بدلاً من تكنولوجيا الجراحة الغربية الكافرة، وأن نتداوى ببول الإبل والحجامة ولا داعي للأدوية الغربية الكافرة، وأن نجري العمليات الجراحية والمريض يقظ ولا داعي لإستخدام البنج الغربي الكافر !!! فلو نظر أي متأسلم في بيته لوجد أن أثاث بيته كاملاً إن لم يكن ملبسه أيضاً من إنتاج الغرب الكافر، إنها حقاً دعوة ظلامية شكلاً ومضموناً!!!.
ثم تعطي quot;آمنة الذهبيquot;وصفة بلديه لمقاومة هذا quot;الغزو الثقافي والتكنولوجي المزعوم quot;أولاً تأكيد استقلالية الثقافة الإقليمية عن الثقافة المعولمة والثقافات الكبرى ... ثانياً إثبات أصالتها (= الثقافية المحلية التقليدية) أي قدرتها على الإبداع في إيجاد حلول مختلفة وناجحة للمجتمعات المرتبطة بها (...) للبقاء على مستوى الرفض والاحتجاج ، ومن ثم التحول حتماً إلى ثقافة مضادة لثقافة العولمةquot;. أي للديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون والمساواة بين الرجل والمرأة والمساواة بين المسلم وغير المسلم في حقوق المواطنة وواجباتها كافة واستخدام التكنولوجيا الغربية التي بدونها نعود إلى العصر الحجري .
وعكس المهربين الدينيين فحملة مشعل التنوير من المثقفين العرب يرحبون بهذا quot;الغزو الثقافي والتكنولوجيquot; الذي لا بديل منه لإخراج مجتمعاتنا من ظلمات العصور الوسطي إلى أنوار القرن الحادي والعشرين، الذي سيكون إن شاء الله قرن تعميم الديمقراطية وحقوق الإنسان والعلوم الحديثة والتكنولوجيا الحديثة على جميع الأمم. ومرحباً بالثقافة العالمية الواحدة إذا كان قوامها الديمقراطية وحقوق الإنسان والتكنولوجيا الحديثة وكل القيم الكونية التي يقبلها كل ذي عقل سليم ويحاربها كل متأسلم سقيم.
[email protected]