...أو قبول ضمني لإدارة الصراع بدلا من الحل النهائي..
على الصعيدين الإقليمي والدولي...
من المعلوم عالميا.. بأن إسرائيل كدوله أنشات بمباركه دوليه بناء على حق إسرائيل الإلهي كما جاء في الكتاب المقدس.. وأن محرقة الهولوكوست قد أضافت إلى هذا الحق الإلهي التعاطف العالمي والإلتزام الكامل لوجود وبقاء الدوله الإسرائيليه.. تحت بند الضحيه..
الإختلافات في أي حكومة إسرائيليه للحصول على الإعتراف من الدول العربيه والإسلاميه. لا تعدو كونها إختلافات تكتيكيه.تختلف ما بين حكومة وأخرى.. وإن لم تعترف سابقا بحق ولا وجود الفلسطييين.. ولكن البعض بدأ بالإعتراف أخيرا بأن وجود الدوله الإسرائيليه يرتبط بوجود دوله فلسطينيه.. قد تكون مفتتة الأطراف.. ضعيفه.. مشروطه.. ولكن هذا ما سيضمن الوجود الإسرائيلي.. الإختلاف الآن هو فيما إذا كانت الدوله الإسرائيليه - يهوديه بحته.. أم ستقبل بوجود جزء من مواطنيها يحمل الجنسيه الإسرائيليه وهم أصحاب الحق الشرعي وأصحاب الأرض الأصليه الذين يمثلون 20 % من سكانها.. وعليه فقد اعتمدت سياسات داخليه تتبنى العنصريه لتحجيم تواجدهم الجغرافي.. وأيضا لكي تستطيع المقايضة شيئا ما بأماكن التواجد الكثيفه لهم مع بعض من المستوطنات الصغيره... ولكن خوفها من ارتفاع نسبة التوالد الفلسطيني في الضفة والقطاع بالمقارنه مع مثيله الإسرائيلي....نبهها إلى الخطر الديمغرافي الذي سيواجهها عاجلآ أم آجلا مما دفع بشارون للأنسحاب الأحادي من غزه بعد تدميرها.. وعليه فإن هناك توافق ضمني بين الأحزاب المتنافسه حاليا إلى أن حماية إسرائيل تقتضي.. ترسيم الحدود بما يتناسب مع مصلحتها الأمنيه.. حتى وإن اضطرت إلى الإنسحاب من بعض المستوطنات الصغيره لإحتفاظ بالكتل الإستيطانيه الكبيره..
إضافة إلى أنها وتحت ذريعة عدم وجود شريك فلسطيني تعمل على الإنتهاء بأسرع ما يمكن من بناء جدار الفصل العنصري.. غير آبهة بأي احكام دوليه بهذا الخصوص ولا بغيره.. لتخلق واقعا جديدا لدوله فلسطينيه في بؤر جغرافيه غير مترابطه لا تملك أي أسس لإقتصاد يكفل سد رمق.. ومع الزياده السكانيه العاليه وقلة فرص العمل المتاحه.. خلق هجره طوعيه إلى الدول العربيه المجاوره...
وتحت بند الإلتزام المطلق بوجود وحماية الدوله الإسرائيليه تقف الدول الغربيه جميعها عاجزه عن إتخاذ أي قرار يخفف من حدة المواجهه المحتمله بينها وبين الفلسطينيون خاصة وبعد وصول حماس إلى السلطه..
من المعلوم أيضا أن الشعب الفلسطيني ضحية.. هو ضحية الصهيونيه العالميه.. وضحية المجتمع الدولي.. وضحية الدول العربيه.. وضحية السياسه العرفاتيه..
وفي مفهوم الضحيه يتصارع الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي حول قدر معاناة كل منهما وأيهما يتفوق على الآخر.. ولكن بإختلاف النتائج... بالنسبة للجانب الفلسطيني.. فلم تحقق أي من الإنتفاضتين أي تحسن ولو طفيف على مستوى الدخل الفلسطيني.. وحاليا نرى أن الإقتصاد الفلسطيني بكامله على وشك الإنهيار جراء الحصار.. ولكن تعدد الرؤيه وعدم وجود إستراتيجيه واضحه بحيث تؤثر على التكتيكات الإسرائيليه لتكتسب مصداقيه منها في سعيها إلى السلام الحقيقي.. هو أكبر العقبات في طريق الوصول إلى تسويه شامله وواضحه لهذا السلام..
بالنسبة إلى الجانب الإسرائيلي فالنتيجه واضحه.. وهي القدره العسكريه المتفوقه.. والغطرسه التي لا منازع لها.. ولكن أيضا قدرتها على الإنتظار..
وعليه.. تتجه إسرائيل إلى سياسه جديده غير معلنه تخدم مصالحها الحاليه والمستقبليه تهدف فقط إلى إدارة الصراع.. وليس الوصول إلى تسويه..
القدره العسكريه المتفوقه التي استعرضتها خلال عملية إقتحام أريحا. لتؤكد للناخب الإسرائيلي أن الحكومه المقبله بإمكانها الحفاظ والسيطره الأمنيه في أي مكان بغض النظر عن أي اتفاقات معقوده..
تصريح احد كبار المسؤولين الإسرائيليين مؤخرا.. بأن الملك عبد الله قد يكون آخر الملوك الهاشميين وهو ما أثار الأردن.. يؤكد النيات الإسرائيليه العامله على خلق واقع جيد للفلسطينيين مفاده مشقة وصعوبة الحياة والتنقل بين بؤر جغرافيه غير مترابطه.. لخلق هجره طوعيه إلى الأردن..
كلها تتجه إلى عملية سياسه مبرمجه تهدف إلى رسم الحدود الإسرائيليه بما يتناسب مع الأمن الإسرائيلي حتى وإن أدى ذلك إلى اتباع سياسه عنصريه وفصل عنصري يفوق ذلك الذي كان في جنوب أفريقيا..
ففي الوقت الذي بدأ فيه بعض المثقفين الإسرائيليين إلى تقبل فكرة الحوار مع حماس.. على إعتبار أن الحكومات القويه هي التي تصنع السلام.. تتجه السياسه الإسرائيليه إلى سياسة فرض أمر واقع.. وهو التشدد والتعنت في عدم الحوار مع حماس في ذات الوقت الذي تقوم فيه باتباع سياسه عنصريه من خلال استكمال بناء جدار الفصل إلى جانب تبني خطط للإنسحاب الأحادي الجانب بدون التنسيق مسبقا مع الجانب الفلسطيني..
في مقابل ذلك.. نرى أن حماس تعمل على التخفيف من حدة التصريحات وإبقاء حالة الجمود السياسي.. والتشبث بالهدنه كمبدأ لأجل غير مسمى.. والقبول بالإنسحابات الجزئيه كما جاء على لسان الزهار خلال الأسابيع الماضيه.. وذلك في محاولة لكسب الوقت لخلق الواقع الديمغرافي الذي تخشاه إسرائيل... وهو المناداة بالدوله الديمقراطيه الواحده.. وهو حلم وأمل نتمناه جميعا.. في عالم مثالي واحد يحمل مبادىء الإنسانيه والحقوق المتساويه لجميع سكانه.. بإختلاف الأديان والأعراق.... ولكن السؤال هو...
-هل بإمكان الفلسطيني الإنتظار لمستقبل غامض خلاله يجوع وأطفاله أكثر وأكثر..... - -- وهل بأستطاعة الفلسطيني تبنى مقاومه سلميه.. في ظل وجود إحتلال يسرق الحياة منه
- هل سيقبل المجتمع الدولي بحل الدوله الواحد ليعيش فيها المسلم واليهودي.. وهو يتخوف من كل ما هو إسلامي.. ويشاهد صور القتل البشعه بين مسلم وآخر في العراق.. معاناة المسيحيين في مصر وحرمانهم من حق المواطنه المتساويه.. إنعدام حرية العقيده.. والمحاكمة الجاريه في أفغانستان لإرتداد رجل عن الإسلام وإعتناقه المسيحيه.. ويواجه عقوبة الإعدام.. وضع المرأه في العالم الإسلامي.... إضافة إلى التهرب المستمر للحكومات العربيه من الإلتزام بمبادىء حقوق الإنسان...
-هل الدول العربيه على إستعداد لهذا الجمود في العملية السلميه وربط مصالحها مع الفلسطينين ودعم صمودهم إلى ما لا نهايه.. خاصة ومع علمها الأكيد بالخطر الذي يتهددها من إنتشار عدوى الديمقراطيه.. ووصول الإسلاميين للحكم..
موقف الحكومه اليمنيه بالأمس وتدخلها المباشر في رصد ومراقبة عملية جمع التبرعات للفلسطينيين.. يؤكد التخوف من تسرب هذه الأموال لدعم أي عمليات عسكريه ضد إسرائيل.. وهو موقف ستتبناه جميع الدول العربيه التي قد تساهم في مساعدة الفلسطينيين..
النتيجه هي أن لا المواجهه العسكريه.. ولا إدارة الصراع حاليا ولا مستقبليا في مصلحة الفلسطينيين.. والمنطقه العربيه..كلاهما يصب في المصلحه الإسرائيليه فقط... ما سينفع الفلسطيني هو تبني سياسة جديده تعتمد الواقعيه والتركيز على معاناة الفلسطينين وحقهم لكسب الرأي العام العالمي.. ويهود العالم وكسب الشارع الإسرائيلي.. سياسه تهدف إلى بناء الإنسان الفلسطيني..إنسانيا.. ليكون منتجا وفاعلا ايجابيا في قرية كونيه صغيره تعتمد إحترام الكرامه الإنسانيه للجميع على قدم المساواه..
نجاح حماس في تبني سياسة الإعتدال والتغيير.. سيكون نجاح للمنطقة بأسرها لتخلق فاصلا هاما بين الإعتدال والتطرف.. فشلها سيكون فشل كامل للمنطقه العربيه في إثبات ايجابيتها في التعامل الواقعي مع المتغيرات الدوليه في هذه القريه الكونيه..
صور القتل الطائفي والإرهاب الأميركي خلقت إحساس شعبي غربي يرفض العنف بأي شكل..ويرفض الحرب.. ويتعاطف مع الحقوق الفلسطينيه كمفتاح للسلام والإستقرار بين الشرق والغرب.. علينا إستثماره بحكمه وعقلانيه للوصول إلى حقوقنا المتساويه.. ولكن بدون.. وإلا....
أحلام أكرم ndash; باحثه وناشطه في حقوق الإنسان
التعليقات