ما هو الأجدى؟

اختلفت التصريحات وتضاربت في معظمها مابين من يؤكد شرعية قرار الرئيس الفلسطيني أبو مازن باتخاذ قرار عرض تشكيلة حكومة حماس على المجلس التشريعي.. وبين من يصرخ بأن هذا المجلس انتهت شرعيته لعدم انعقاده منذ عام 1996.. ولوفاة العديد من أعضائه.. أو وجودهم في السجون الإسرائيليه..
في ظل الوضع السياسي المعقد.. ترى.. كيف يكون سلم الأولويات.... هل هو إنقاذ فلسطينيي الداخل القابعين تحت ذل ومهانة الإحتلال.. أم توجيه الجهود إلى لم شمل الجميع في عملية إحياء للحقوق الفلسطينيه بالكامل رغم ما في الموضوع من إستحالات.. ومن إطالة زمنيه غير معروفه لأمد الصراع.. خاصة في ظل السياسات الإسرائيليه المتسارعه لفرض حل يتوافق مع المتطلبات الأمنيه الإسرائيليه.. ومرشح ليلاقي توافقا ودعما غربيا.. تحت عذر عدم وجود شريك فلسطيني يتبنى ثقافة السلام.... والسياسات العربيه الخجوله.. والمحرجه حتى من وجود أعضاء حماس في قمة الخرطوم.. وهم الممثلون الشرعيون الوحيدون في المنطقه العربيه.. حتى لا يذكرونهم بلاءاتهم الثلاث السابقه.. والفشل الذي مروا به على مدى عشرات السنين السابقه في التعامل مع الصراع.. ولكن أيضا إستحالة تأكيد هذه اللاءات الآن في ظل المتغيرات الدوليه.. حتى وإن ضحوا بكل الفلسطينيون.. وفلسطين ذاتها.. فنجاح أي من الحركات الإسلاميه يتهدد وجودهم ذاته أيضا.. فمن المعلوم لديهم أن حماس تحالفت ضمنيا مع حركة الإخوان المسلمون.. لتأكيد مبدأ التحرير الكامل من البحر إلى النهر..
وأن كلا الحركتان إستعملت الدين لتأجيج الصراع.. وجعل فلسطين هي مركز الثقل والمركز الرئيسي للجهود في توحيد الأمه.. وأمل الخلاص الكامل سواء عاجلآ أم آجلا من الدوله الإسرائيليه..وتحقيق الهدف بأن الإسلام السياسي وحده هو الحل لجميع قضايا الأمه.. وللعالم أجمع.... وهو ما يعني في الظروف الحاليه إستمرار مبدأ الصراع العربي ndash; الغربي.. إلى جانب الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي..

المنظمه التي إعترفوا بها.. والتي اعتبرت الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينين واضطرت إلى تبني أفكارا براغماتيه.. وتبنت مبدأ الدولتين... حين اعترفت منظمة التحرير الفلسطينيه في مؤتمر الجزائر عام 1988 بالقرار 242.. أي ما يحمل في طياته الإعتراف الضمني بشرعية الدوله الإسرائيليه في حدود ما قبل الإحتلال عام 1967.. وأن الدوله الفلسطينيه ستكون في حدود الأراضي المحتله فقط... وإن كان ما تبع ذلك من فشل القياده السابقه في تعاملها مع الأحداث العربيه وتحالفها مع العراق ضد دولة الكويت قد أدى إلى شرخ عميق في علاقاتهم معها.. ولكنه أدى إلى مفاوضات أوسلو السريه إنقاذا لها من العدم.. وإنقاذا لهم من فشلهم...

ولكن إنشغال القياده الفلسطينيه في الاحتفالات العديده للتوقيع على أوسلو.. أربكت التفسير الحقيقي للاحتلال وخلقت إلتباسا دوليا.. واستغلتها إسرائيل لامتصاص الجهد الفلسطيني في احتفالات نصر صغيرة لإحداث إرباك إعلامي مما دعم مقولتها لفترة طويله بأنها أراضي متنازع عليها وليست أرض محتله..
إستغلال إسرائيل لصور الاستعراضات العسكريه لأطفال لم يتجاوزا الثانية عشرة وللزغاريد وضرب النار في الجنازات الفلسطينيه وتوزيع الحلوى حين تتم عملية استشهادية يتم فيها قتل إسرائيليون خاصة وبعد أحداث 11 سبتمبر.. ثبت إدعاءات إسرائيل بأن الفلسطينيون لا يزيدون عن كونهم أناس غوغائيين وغير قادرين على تحمل مسئوليتهم الذاتيه فكيف بهم بتحمل المسئولية الدولية بكونهم جزء من المجتمع الدوليhellip;
والآن وبعد نجاح العمليه الديمقراطيه.. وإنتخاب حماس.. ليس فقط زاد الأمر تعقيدا بل يقف الفلسطينيون تقريبا وحدهم.. فالمعونات الماليه مشروطة من كل الأطراف.. مشروطة عربيا.. ومشروطة غربيا.. بقرار من الإداره الأميركيه يقضي بحرمان حماس من أي مساعدات عربيه أو دوليه وأن أي مساعدات يجب أن تلتزم بأليه أميركيه وأوروبيه محدده تقتضي الكثير من الإجراءات والتعقيدات.. ولا تتم بدون مرورها عبر مؤسسات العمل المدني الغربيه... ولكن الأهم أيضا أن الفلسطينيون منقسمون على أنفسهم أيضا....
حماس تستثمر فشل المنظمه في أوسلو في عدم تطرقها لحقوق اللاجىء الفلسطيني والدي كان الأساس في اعطاء الشرعيه الوجوديه لمنظمة التحرير الفلسطينيه.. وتأجيل البحث في أسس الصراع.. القدس.. المستوطنات.. اللاجئين الى المحادثات النهائيه hellip;
ولكن الحقيقه الأكيده وبرغم نجاح حماس الساحق.. إلا أن المتعارف عليه في الأوساط الفلسطينيه أن نجاحها لم يكن من أجل برنامجها السياسي بقدر ما هو لبرنامجها في الضمان الإجتماعي حيث صوت الفلسطينيون للخبز والعيش في المقام الأول.. ولكن المختلف عليه هو هل حقا صوت الشعب لأجندة حماس السياسيه والعسكريه.. هل صوت فلسطينيو الداخل للعوده إلىالإنتفاضه العسكريه... هل صوتوا للتطبيق الفعلي لحق العوده..؟؟؟ أم لتفسيرات تتبنى أفكار أخرى مثل التأكيد بأن الإعتراف بالمسئوليه الأخلاقيه الناتجه عن النكبه ستفتح الباب لمصالحة تاريخيه لإنهاء النزاع... وهو الموقف الذي تتبناه السلطه الوطنيه الفلسطينيه والكثير من الدول العربيه...
وفي المقابل تستثمر السلطه الوطنيه في فشل حماس في التعامل مع المقتضيات الدوليه والإعتراف بالمنظمه نفسها كممثل شرعي.. مما يعني ضمنيا إعترافها بالإتفاقات السابقه. وبالوجود الإسرائيلي.....

يضاف إلى ذلك الإختلاف في تفسير حق العوده....
حق العوده مستندا إلى القرار 194 الذي صدر 1948 والذي أعيد تثبيته في الجميعه العموميه 135 مره.. توقف عن الطرح بعد أوسلو.
في مقابله للرئيس الراحل مع صحيفة هاآرتس في 21 ndash; 6 فقد أكد الرئيس الراحل - عرفات - وبما لا يدع مجالا للشك بأن الهدف الفلسطيني ينحصر في الحصول على إعتراف إسرائيلي بالمسؤولية المعنويه عن النكبه وأن هذا الإعتراف لن يتضمن التطبيق سوى لعشرين أو ثلاثين ألفا.. حتى لا يؤثر على التعداد السكاني اليهودي والطابع اليهودي للدوله الإسرائيليه..
إضاقة إلى تجاهل المتشددين للتطبيق الفعلي والحرفي أن هناك الكثير من العائلات الفلسطينيه المعروفه التي باعت أملاكها بعد أن تسرب اليها معلومات عما سيحدث.. كما ورد في وثيقة الآباء القابضون لجريدة القدس العربي قبل عشرة أعوام...

يؤسفني هذا الجدل والوقت الضائع.. في حين من المفروض أن تنصب كل المناقشات حول ما هي أقصر الطرق لإحراز دعم دولي فاعل لإنهاء الإحتلال..ثم التوجه لإيجاد حل عادل لفلسطيني الشتات يستند إلى الشرعيه الدوليه.. ولكنه يأخذ بمقولة للعداله وجوه كثيره.. ويربطهم بأهلهم وذويهم بأمل اللقاء في وقت آخر وفي عالم أفضل يتبنى فيه الجميع مبدأ الحريات.. والتساوي في الحقوق.. يقوم على روح الأديان وليس الإتجار فيها.. سواء للمسلم.. أم للمسيحي. أم لليهودي.. ولجميع الأديان الأخرى..
اعتماد سياسه تنبذ العنف وتتبنى مناهج كونيه في حقوق الإنسان.. هي وحدها الكفيله ببناء إنسان فلسطيني جدير بالإحترام لحقوقه.. نظرة فلسطينيه كونيه.. تحترم حقوق مجتمعها والمجتمعات الأخرى.. تستند إلى ثقافة المساواه بين الجميع ومساواة ما بين الحقوق بين الجنسين..

الجهود الحقيقيه يجب توجيهها ليس إلى شرعية قرار المجلس أم لا.. ولكن إلى هل من الأجدى إحياء منظمة التحرير ذاتها.. وهي المظله الدستوريه الوحيده التي جمعت سابقا بين فلسطيني الداخل والخارج أم إصلاحها أم قد يكون آن الأوان لدفنها وهي في النزع الأخير ومفلسه ماليا.. وتحتضر حاليا.. خاصة وأن حماس لم تعترف بها طيلة هذه السنين.. ورفضت الدخول معها في انتخابات 96...

إسرائيل تسارع الزمان والمكان لزيادة معاناة الفلسطيني ولكن هناك قوتان فلسطينيتان تتصارعان غير عابئين بهذه المعاناة.. سلطة منظمة التحرير في الخارج. والتي أصبح قادتها خارج الزمان والمكان.. لأنهم رفضوا العوده مع طاقم المنظمه.. وبالتالي سلخوا أنفسهم.. ويعلمون بأن تحالفهم مع ايران ودمشق لن يساهم بتحرير الفلسطيني من الإحتلال بل يؤدي إلى العكس تماما وتشدد إسرائيلي أميركي في حل يتناسب فقط مع المتطلبات الأمنيه لإسرائيل.. وقوة حماس الجديده التس سارعت أيضا للتحالف مع ايران ودمشق مع علمها الأكيد بأن هذا التحالف لا يصب في مصلحة الفلسطيني... وتعلم مسبقا أن المنطقه العربيه كلها تعي تماما بأن ايران لها أطماع جغرافيه معروفه في منطقة الخليج العربي.. وأطماع سياسيه.. تقوم على تصدير الثوره الايرانيه إلى باقي دول المنطقه بهدف الهيمنه. وأطماع دوليه... أما دمشق فالكل يعلم بأن هدفها من أي تقارب سوري ndash; فلسطيني هو كسب الشارع العربي الذي مل من مناورات سوريا السياسيه والعقيمه والتي لا تعدو كونها.. الحفاظ على النظام.

ترى في هذه الظروف ما هو الأجدى للفلسطينين.. هل هو التمسك ببقاء المنظمه أم فعلا العودة إلى نقطة الصفر والقيام بإلغاءها تماما وهل هي حماس التي تقوم بإلغائها.. هل وجود سلطه فلسطينيه بأي شكل سواء من المنظمه أم من حماس يتماشى حاليا مع المصلحه الفلسطينيه العليا.. وهي إنهاء الإحتلال.. أسئله أتمنى أن أجد لها أجوبه مقنعه.. تحمل في تفسيرها ضمير حي لحماية مصلحة الإنسان الفلسطيني.. وإجبار إسرائيل على تحمل مسئولياتها الدوليه كدولة محتله. والعوده إلى علاقة إحتلال بالكامل... هناك مثل شعبي يقول تمسكن حتى تتمكن.. وهو المثل الذي سوقت له إسرائيل عالميا إلى أن كشرت عن أنيابها كلها الآن..هل من الأفضل لنا أن نعكس العلاقه ونعيدها إلى ما كانت وبقيت عليه بدون إحتفالات نصر مزيفه.. سيخسر الفلسطينيون الدعم المالي الدولي وهو المشروط حاليا.. ولكن قد يكسبوا تعرية إسرائيل..
نعم ليست لدينا قدرة إسرائيل الإعلامية ولا العسكرية.وليس من المخجل في شيء أن نعترف بدلك للعالم أجمع..

أتمنى أن أسمع جوابا منطقيا ومقنعا...

أحلام أكرم ndash; باحثه وناشطه في حقوق الإنسان