اقباط مصر وشيعة العراق (1/2)
[ لم يجف حبر التصريحات التي ادلى بها الرئيس مبارك، ولم ينته صدى الصراخ الشيعي الغاضب في العراق ضد تلك التصريحات، حتى جاء البرهان الواقعي من مصر ذاتتها ليخبرنا عما في بيوت الاوطان جميعها من شبابيك زجاج تتعرض لرمي حجارة الاخر ان هو رمى بحجر على شباك! ولاسيما في عالم لم يحسم رابطة الدين بالوطنية ولا يشخصن وطنية الدين او قومية الوطن، الا بحدود ثرثرات بلاغية لا تجيب تماما على سؤال عتيق وقديم وغير نافع، ومع ذلك بقي الشاغل في التاريخ العربي المعاصر، وهو تاريخ استمر في تاجيل ذاته ومحسوماته، حتى اشعار اخر. ومع كل الجعجعة الطويلة المليئة بالخواء الفكري، حول الهويات والولاءات، حيث بقيت هموم ما لم يلزم وشعارات ما لم يهم ويفيد ويُفهم ، ومع سفاهتها لم تقدم التعريف والفهم الصائب والمغني عما هو عادي ومتجاوز ولا يدخل دائرة القصد الانساني، فما هم ان انت قدمت اختراعا باللغة الالمانية وانت من اصل فرنسي؟ ما قيمة ان اشتم اميركا بالعربي وامدح العرب بالانكليزي وانا اميركي.. كان العمر قد ضاع وهدر الوقت، ولم يشعر الجميع ان التمر حين يتشكل على صورة صنم معبود فلا تمانع اجهزة الهضم من اكله. طرح الرئيس كلمات مجازفة وطارئة لم يهمنا صحتها من غلطها، لكنها تطال قضية من اخطر ما يجب تعريفه حق تعريف، خصوصا وان كدس التعريفات الرضية والهنية، تتراصف كطابور اوثان حجرية بين الاثاث المعرفي للحداثة العربية والاسلامية، نام على امانها وتوثيقها الوعي والمفاهيم، لكنه كل مرة يرتطم في صدمة ليصاب بدوخة تيه تفقده رشده. ولعل السرير الذي يحمل النيام يصبح كل مرة زورقا مثقوبا، يعلم من فيه طرق النجاة وهم غرقى! يا للكارثة هل ان الرئيس مبارك على حق في اتهامه شيعة االعراق؟ هل ان الحق الذي فيه بريء من امكانية اتهام في صلب الوطنية المصرية او اللاحياد في فهم الوطنية العراقية؟ وهل ثمة تاريخ وطني متين تحدده الجغرافيات الوطنية ام ثمة ارث امبراطوري وتراكم مدني انتجته امبراطوريات دينية لم يحدث حتى الان اعادة قراءتها وصياغتها في ضوء التركة التاريخية والقسمة الجغرافية؟ اين صنع الدين وطنية الغزاة واين صنع الدين وطنية المكان واين صنع المكان غربة الغزاة واينن صنع الغزاة غربة المكان ومن هم صانعي المكان الوطني ومن هم صانعي الغربة؟ وما هي الاثار التربوية والعملية التي تفصل وطنية الدين ومكانه المقدس عن وطنية المكان وقدسية حضوره في الوجدان الوطني؟ متى انتهى تاريخ المقدس كموضوعة وطنية؟ هل انهى العرب في فجر النهضة تاريخية الفوضى الجغرافية في وطنية الدين؟ هل كانوا في النهضة ام في تاسيس الردة والانكفاء؟ بل خلقوا قاعدة الملاذات الوطنية للطوائف الخائفة ام طالبوا كل الطوائف بوطنية الضحية وتصرفوا بوطنية الجلاد، ثم ما لثوا ان جعلوا الجراح والخوف نزوعا الى الخيانة كما لو ان الوطنية تتطلب من مجتمع باكمله ان يكون اعجوبة تسامح مسيحي، فيما هم يتصرفون باستقواء الاكثرية على ضعف الاقليات، ما لا تقبله قبائل داحس ولا تقره اخلاقيات العصور الوثنية؟ وما ان طرحوا فكرة الدين بمؤاخات الوطنية والقومية حتى تبلبل العقل وحدثت فوضى التشويهات وتمرن الجميع على قيم العنصرية والفاشية الهوجاء كتحضير لعصر التكفير او عصر لابسي الدشاديش ومطلقي اللحى! الفرنسي لا يستبدل القدس بباريس، ولا يتلقى من وطن المسيح ثقافته السياسية بل يصدر وطنيته لوطن ديانته.. نفس الوضع بالنسبة للاوطان المسيحية التي حسمت فك ارتباط الديار المقدسة بالسياسة الوطنية بل لم تطرح هذه الاسئلة لمزيد من حرجها العقلي والوجداني، فقد انهت ذلك التاريخ الجهادي وقررت بشكل قصدي البقاء في المكان الوطني مستفيدة من التوامة القديمة ببين الوطن والديانة، ومع ذلك تركت فينا ذاكرة متجددة لوطنيات الدين في وقت نسته وخلقت وطنيات العلم فيما اصبح علمها العابر للحدود في خدمة وطنياتنا الدينية التي توقعها شروط التمدن بالنزعات الهمجية الجامحة والعزلة.
هذه العاديات في عالم انهى اوهام الشرذمة بين المكان والدين، وتوجه نحو المعرفة العابرة للحدود، لم تكن هذه العاديات قد حسمت في عالمنا، بل لم تصبح حتى اللحظة بعض اليقينيات خارج الشك والخطاب القصدي، فما تلوكه العقول العربية حول الهويات يفترض انه قائم على الشك ليثبت اليقين بشكل قصدي والا ما هذا الزمن الطويل الذي هدر حول الهويات بما هي يقين لا يستحق تفكير بل يجدر اهماله وتركه والبحث عما يقدمه كمشترك انساني ععابر للحدود، لاسيما في وجود اصبحت هوياته عابرة للقارات منذ التفاهمات الاولى ومنذ عصر المكنكة واكتشاف الطاقة، القطار بلا هوية والسيارة والمذياع.. الخ هكذا يبدو حوار الولاءات حوار المحميات المعزولة والقوميات البدائية، تلك التي ترفض الانخراط في المحيط، فتتعامل بعقل ذمي ودوني متعالي في حال وصفت فكرة الولاء او اتهمت الاخر بعدم الولاء، كما يحدث ان تفرض بعض الاقليات الزواج البيني الصارم بين اطيانها وترجم الخارجين على هذه القاعدة بالاثم والعزلة.. ومهما تماهى فكر الهويات بتوسيعه رقعة التبرير والبلاغة فانه لا يعدو اكثر من عقل الكانتونات والمحميات التي توشك على الانقراض والعزلة فالضمور والموت، وتلك احدى سمات الحواضر العربية التي خلدت للهويات كمن يهرب نحو موته هروبا من موته. اذا شتم هيجل المجتمع الالماني هل سيتجد االمانيا اكبر لشرفها من هيجل؟ وحين يهجم سبينوزا على النبي موسى او يدمر فرويد وماركس اوهام الدين والاخلاق فهل سيجد اليهود اكبر من هؤلاء كي لا يتشرفوا باسمائهم؟ وحين تطارد فرنسا عظيما مثل فولتير هل ستتشرف بقائد الشرطة او زير داخليتها ام تتشرف بفولتير؟ هل يشرف االعرب فقهاء ازمنة ابن خلدون ام ابن خلدون؟ في الوطنية هل سنجد مجدا في ابو جعفر المنصور المسلم اكثر مما نجده في السموال اليهودي؟ ثمة فوضى وجبن ادبي وانزياحات اخلاقية كبرى جعلت وحوش الفقه والاكليروس الاسلامي يفرض وطنيات الغزاة على المكان الوطني، وهذا اوجد حالة من القياس جعلت وسوف تجعل الوطن في غربة والغربة هي االوطن، كما ستتعامل مع السكان الاصليين كغرباء، او هنود حمر في كانتونات، مع ان التشبيه غير موفق، كما هو حال كل الوطنيات البرانية التي فرضت قهرا معينا بعضه تمكن ان يخلق مدنية بغياب السكان البدائيين وبعضه يريد خلق بدائية لمتمدنين من السكان الاصليين كما يفعل الاسلام التكفيري، وكما يحدث في مصر او لبنان فالعراق وصولا الى التدرج المازوم في كل بلاد االاسلام، حيث ستسود افكار الموت والانتحار والقتل والبشاعة المتولدة عن هزيمة ادبية وحضارية، تحاول الانكفاء بالعالم نحو الكهوف وتفريغ الوجود من الحياة وبالتالي جعله قفارا متحضرة لخيال القيامة الاخيرة، وهذا يتناغم مع الاسلام الرسمي المسالم والاسلام الدموي المحارب، لما للاول من دور تربوي، تحضيري جبن في وجه التمدد الخارجي للدين وهزم في جعل الدين في المعبد، بل وقبل مشاركته الادارة والتوجيه والتربية الوطنية، حتى تتسرب لمفاصله الامنية وتحكم في مصائره.. الخ ]
الوطنية الدينية في مصر بين الاقباط في المسيحية والفاطميين في الاسلام
من سبقتح مدرسة لمحو الامية السياسية لقادتنا؟ ولكن من سيعرف السياسة ويقلب سائدها ومالوفها؟ من سيحشو السياسة بالمعرفة ويمنعها من عادة الجهل والغباء؟ كيف نخلص طلبتنا ومعلمينا وشعوبنا من السياسة وهي تقوم بعملية تفريغ منهجي لاي جوهر : اصلاح، معرفة، بناء، تاملية ذهنية، نشاط دماغي، عزل الانفعال العاطفي، تسقيط الفكر التعبوي، منعها من : تسييس الفضيلة والدين والاصلاح والبناء والواجب،كيف ننقذ الواجب من ثقافة المنة والمكرمة؟ كيف نخلص شعوبنا من السياسة لنعيد لهم وشائج البراءة الانسانية بعد ان جعلتهم السياسة قبائل متطاحنة؟ كيف نخلص المعبد من صناديق الاقتراع والمضاربة في اسواق الرب؟ كيف نخلص الله من بورصات الكهنة ونعيد له مجد الضمير؟ اسئلة ما تزال تجترع سمها في الكؤوس اليومية، تقدمها الوسائط كطواطم بديلة عن الجهل البشري الاول يوم كان الناس ياكلون الهات التمر ويخلقون الالهة لدعم العدوان والاذى والحروب والسفك، هكذا لا تمحو الابنية الشاهقة ولا الشوارع المعبدة ولا كهربة المدن ملامح ذلك الكهف الاول، وهو يطل باقنعة المدنية الجديدة تلك التي تقدمها مدينتنا غير الفاضلة.. المعرفة اعفت السياسة عن اوجاع الادمغة، وقدمتها كمسحوق في المكياج الوطني، تعرض مهرجا يقوم بحركات بهلوانية، اذ من غير المعقول ان يصبح الجمهور كله يجيد عرض تلك الحركات فمن اين ناتي بجمهور اذا كان الجميع يتقنون اللعب على خشبة المسرح؟
الاحداث التي تجري في مصر وهي تمضي بموازاة لامعة مع تصريحات الرئيس حسني مبارك حول شيعة العراق التي ما تزال ذيول وصدور تفاعلاتها لم تتوقف، واصبح حريا ان نتساءل عن وطنية الاقباط او برانية المسلمين، كما صار حريا ان يسال الرئيس عن وطنية مسلميه امام شعب كان قبل الاسلام، فاصبحت وطنية الغزاة والفاتحين مقياسا لمعرفة الغربة والتغريب والولاء للخارج، وغرابة ما في الغربة هي ان تكون وطنا فيما الوطنية تصبح كل الغربة! وهنا لابد من توكيد قاعدة وهي ان الدين يمثل نفيا للانتماءات الوطنية، باستثناء بعض الفرق الصغيرة التي جعلت المكان الوطني جزءٌ من الانتماء للدين، وهذا ارتبط باقليات صغيرة، ابرزها اليهودية والرابط الفلسطيني والصابئة في العراق، ثم الموارنة في لبنان والاقباط في مصر وتاليا المجموعة الشيعية التي واءمت وتوأمت بين الوطن وقبور الاولياء لاسيما جغرافيا المكان الملحمي ndash;كربلاء ndash; مع ان الشيعة بحاجة لمعرفة الاستعادة الكريمة للملكية المثيولوجية والجغرافية بعد ان جرى تهجيرها الثقافي نحو ايران، وهنا نقطة الاستحقاق في تصريح الرئيس مبارك، ولاشك هنا نسجل قوة التواشج الجغرافي الاخر بين الطقوس الدينية والجغرافيا أي [المكان الانثروبولوجي] للدين، حيث الاقباط هم خلاصة لوطنية المكان الجغرافي لمصر القديمة حين اصبح عصر التوحيد متواشجا مع امكنة مقدسة في الشرق الاوسط المتدين ولعل الاقباط جعلوا من مصر مكانا للمسيحية المقدسة مما لم يفعله المسلمون الا في العصر الفاطمي، وهذا ما يشكل بالنسبة لمصر الرابط الوحيد للوطنية الكونية التي لا تحملها الادبيات الاسلامية الاولى الا بواقعة الاكراه الذي جلبه الفاتحون عند فتح مصر، مع ان منطقة التمحور الوطني للاسلام والمركزية التي شرفت التاريخ المصري في الجانب الاسلامي كان العهد الفاطمي الذي مثل الخلاصة والاختزال المصري المكثف في سياقه الاسلامي، بحيث ان الانقلاب الايوبي لا يضيف للوطنية المصرية في الاسلام غير التهميش والتبعية فيما العصر الفاطمي جعل منها دولة مركز وبعدا كونيا في العالم الاسلامي لما فيه من طاقة معرفية خلاقة نحورة المكان الوطني بالطقوسي، وهذا جعل القبطية المصرية تملا الشاغر المركزي في تاريخ الوطنية الكونية لمصر امام وطنية الهامش التي شكلتها في الاسلام الرسمي، حيث واجهت مصر اكبر غبنا حضاريا وحيفا جغرافيا في العصر الاسلامي، لاسيما وان شقيقاتها كالشام وبغداد والاندلس مثلوا المكان المركزي والجغرافيا المحورية للاسلام فيما حرمت مصر من ذلك الا في العهد الفاطمي الذي جرى تكفيره ودثره وطمره تحت الفقه الازهري رغم ان الازهر كجامعة معرفية وليس ملائية كان من انجاز العصر الفاطمي، وهو من مكارم ذلك العهد، امكنه تخضيب الهوية الحضارية لمصر ليعيد مجدها المركزي بعد تاريخ من التهميش المركزي الاسلامي لعواصم ما كانت عواصم عصور الحضارة الاولى كمصر الفرعونية، مثل الشام او الاندلس، وهذا ما يمثل خللا ظالما في سوية التاريخ الذي لم يمنح مصر فرصة في تاريخ المركزيات الاسلامية لكنها حصلت عليها في العصر الفاطمي وفي العصر المسيحي الذي قاده الاقباط ناهيك عن العصر الفرعوني الاول، ما يؤكد ان التايخ الرسمي للاسلام قد ابلع الطعم السام للمصريين، وجعلهم صاغرين قدريين قابلين في وطنية الغازي، وهم يملكون ثراءٌ حضاريا اكثر من ذلك الغازي تجلى في الاستعادة الفاطمية الرائعة، وهي تسجل لمصر اكبر مراحل الثراء والتخصيب المعرفي والحوار الفقهي في ماثرة الحاضرة الازهرية التي لم يكن العصر الايوبي الا نوعا من عصور التكفير والمذابح والقهر والتصحير، ناهيك عن عصور المماليك وبني عثمان، وهؤلاء يمثلون الحاضرة الازهرية الحالية وقد اكتسبت اخر عهد للاسلام بنسخته العثمانية المتخلفة، التي ارتضت تهميش المركزية المصرية كحضارة وحق تاريخي يشترط مركزته وليس ملحقته كما فعل ويفعل الازهر، فيما هو بعد ما، في المركزيات الدينية، التي حتى الان لم تسجل محورة فاتيكانية كما كان العصر الفاطمي، ما يجعل الازهر ليس في المستوى القدري المسئول للتمركز الحضاري المصري، فها هو ينزلق، عبر نسور وصقور سلطات الظل الخفية، والفتاوى السرية او العلنية المغلفة، ليدخل حاضرته في التهميش مرة اخرى، ويكون جيشا او جنديا وليس جنرالا، في رقصة العقل التكفيري الذي يقوده الظواهري وابن لادن، حيث اختار الازهر تلك الصفة الايلازابية الصامتة ليكون متفرجا على اثار الفتاوى الدموية، ولعل صمته او تصريحاته الخجولة هي جزء من الخرس الشيطاني المتفق مع ثقافة التكفير والتقتيل والدمار، اذ ان غياب الحاضرين هو حضور موافقتهم على ما يدور.. ومن غرائب هذه الحاضرة العلمية الكبيرة في الايام الخوالي القديمة، ان تتحول نحو التصحير الملائي والطقوسي ن تاليا الى رقيب قاهر للمغامرات الابداعية الخلاقة، بل وسلطة ظل تراقب المبدعين وتهدد أي حوار عقلي لتسهم في تعقيم الععقل بعد ان كانت مصدرا للخصوبة والبحث والشك، انه الانقلاب الملائي على العلم والمعرفة.
اذن حريا بالرئيس ان يفتح ملف المركزيات الحضارية لمصر في جانبها الاسلاموي، ويستخدم هذه الحاضرة الروحية الكبيرة الممصرة الى واجب كوني رائد ومهم، يستطيع عبره ان يجعل مصر حاضرة سياسية كبرى في شقها الاسلامي، توازي او تتقاسم السطوة الفاتيكانية في قم وطهران، لكنه بحاجة لطاقة معرفية وبحاجة الى اقلاع من عادات توصيف الوطنية في اطار توأمتها مع القومية العروبية، فهذه خلاصة الكسالى وسكارى الخيال البلاغي، ممن لا يمنح دماغه فرصة المتاعب والبحث، فيحرمها من الدور الخلاق / المبتكر/ المبدع / المركب / المنتج وليس المستهلك للخطاب التعبوي المضجر.
نعم الشيعة في العراق تبرعوا بالدور الفاتيكاني لصالح ايران ناهيك عن الاستدراج المفزع لسياسة الملاذ الامن ن يضاف له الولاءات المعلنة لمجموعات كبيرة مسيطرة على الشارع، لكن الاخطر هو فقدان المركزية الفاتيكانية العراقية، ولعل مبارك لا يعني ذلك بل هو تساوق مع الميول الطائفية ومع الخطاب القومي المجوف والمفرغ من محتواه الذي يساوي بين الولاء العنصري القومي والوطني، لما تشكله الطروحات القومية في العراق بعدا عنصريا سلبيا على خلاف البلدان التي تمتع بقومية واحدة، في التوازي مع الهمس الطائفي المعروف، سواء قدم الشيعة مليون ضحية وقتيل في حربهم مع ايران او خانوا الوطن لينتموا للوطنية الدينية فان التهمة من حيث هي ليست حفرا معرفيا ستكون سارية ومستمرة. واذا تتبعنا الاثار الانثروبولوجية في الفكر القومي السائد سنجده يقع في خلاسية مؤسسة له! وهي الخلاسية العثمانية او الحنين الباطني البيزنطي، ناهيك عن الترميز الباطني للتطيف المسيحانوي في عصر الدولة والامبراطورية الدينية العثمانية، حيث كانت العروبة هي الملاذ الامن والمحق للمسيحية الخائفة من الاسلام عموما وتركيا خصوصا، فكانت العروبة هي خطوة اولى في حقل تفكيك كتل الخوف الطائفي، ثم واجهت هذه المسيحية التي صنعت وخلقت الفكر القومي، عروبة مؤسلمة، متوأمة، بسبب افلاسها الفكري والفلسفي والحضاري، مع الاسلام، وهذه عودة للتريك السري للاسلام، يؤثرها اللاوعي خلال المواجهة بين المسيحية والعروبوية سواء في لبنان او التدرج القادم في مصر او السودان فباقي الامصار. نقول التتريك لانه الاسلام المكتسب في اخر عهده، اذ لم يكتسب المسلمون اسلامهم عند سقوط الاباطرة المسلمون لا من بني العباس ولا بني امية ولا بني الاندلس كما الحال بالنسبة للاسلام الشيعي النكتسب، وهو يرث اللاوعي الارتكازي للاسلام الصفوي، في تحقق اضداده اليومية المباشرة والمغطاة من دول خارجية عبر للصراع الصفوي العثماني في العراق وما قدمه من عناصر اكتساب طازجة محكومة بتاريخية لا يتحكم الوعي او المعتقد في تحوير قواعد خوفها وملاذها واكتسابها الثقافي، وقد عزز ذلك التعقيدات العويصة التي شكلت مساحة الاستقراء في تاريخ المرجعية في النجف. اذن لا الازهر وطنيا او عروبيا ولا النجف كذلك، والقضية هنا ليست وجهة نظر ولا اراء مسبقة تتوخى التحشيد التعبوي انما هو حتميات تاريخية لا تمكن اثقب الاراء واكثرها عبقرية من التدخل في تغيير مجرى المصبات التاريخية، لا يمكن بناء الهرم في اور ولا الزقورة في مصر لنعيد قراءة التاريخ كما يريده مزاج مهندس حاول استبدال تشكيل الحجارة دون ان يتمكن من تبديل بيئة الثقافة والحضارة الانسانيتين وهما يشكلان الحجارة فالقبر لا يصنع الموتى بل الاحياء يصنعون القبر!
ايران دولة الخطأ المذهبي والحماقة الصفوية :
القضية التي اطرحها برسم حوار معمق وغائر في الاعماق، وهو لا يجب ان يطال التصريحات ولا ردود الافعال عليها، فثمة دوائر انثروبولوجية محكمة تسيّر مصائر الاحداث والمواقف، وثمة انقلابات موجعة بهذه الانثروبولوجيا، تمكنت من توامة المكان بالمعتقد وتوامة الطلاق بالمكان الوطني، كذلك واشجت بين الملاذ الامن والولاء الديني بسبب عوامل الخوف والخطر حتى انتصرت في عالمنا تلك النظرية الداروينية التي تتحدث عن [ التنكر البيئي ] والاحرى ( التنكر الانثروبولوجي )، فالشيوعية اصبحت ارثوذوكسية مروسنة ndash; من وسيا- وشيوعية الصين كنفوشيوسية قومية، والشيعية تايرنت ndash; من ايران- والفاشية تالمنت ndash; من المانيا- والسنية تاتركت ndash; من تركيا- فيما تقدم نموذجها العربي السعودي، عبر الثورة الوهابية وهو يعيش حالة كباش بين النموذج البدوي المتجسد بمشروع ابن لادن والقاعدة وحركة الاصلاح الفقهاني والتنوير الداخلي، حيث تواجه البدونة لدى جماعات القاعدة اتحادا خلاسيا مع التركات الاسوية البربرية في افغانستان والشيشان وغيرها، فيما تنمو بموازاتها اتحادات اصلاحية مع الغرب والحضارة السائدة تتمظهر على شكل افكار واعدة ومحترمة متناغمة ومنضبة عب وتائر تتجنب البركان الليبرالي كما حال العراق وسيادة الفوضى، وهذا ما تخوضه البيئة الاصلاحية والفقهية في الخليج واعماق الجزيرة العربية منشأ الكونية الاسلامية في مركزيتها العربية بعد ان خطف الاسلام الفقهي للوطنيات البرانية شبه العنصرية عبر سجال خجول وهامس في جوهره العنصري سواء من العرب ام غيرهم وسط التاريخ وكل جرب مركزية العرق في ديانة كونية وانسانية تمكن تكييفها لثقافته ومحوريته. هنا لابد من الاشارة الوقحة الى وجود تيها شاملا في عالم الهويات او عالم الانتي هويات، السعوديون والخليجيون وجدوا نسب محترمة من هوياتهم في ضوء الاستيعاب الغربي والايرانيون كذلك تفاهموا وهم في الطريق الى الهزيمة او النجاح السلبي المؤقت تلا انهم اثثوا اخطاءهم او صلاحهم بطاقة معرفية تبرر جموحهم ومواقفهم، وفي تركيا تحدث ملاقحات محترمة مع انها تحمل نسب عالية من الاستعارة ربما تثير الخوف من الحنين الباطني لدى الطبقات التكفيرية الكامنة لكن هذا الحنين الخلفائي غير مخيف لدى النخب القومية المتنورة او تلك التي تمزج الحنين القومي في التدين على ضوء الواقعية السياسية او الحصص الدولية في سياق اعادة رسم الخرائط الادبية وطبوغرافيا المركزيات الانثروبولوجية!( وهنا لابد من الاشارة االى تركيا باعتبارها خلقت مشروعا لهزيمة الدين من السياسة اثر حركة اتاتورك فيما لم تتحمس القومية الايرانية لذلك بفعل الكبت التاريخي الديني ولم تجرب حظها الملائي في السلطة، لذا لم تخلق قومية الاسرة البهلوية دويا قوميا كما حدث لتركيا الاتاتوركية،، لهذا لم تشكل تركيا مصادر خوف دينية لانها مارست الاشباع التاريخي اللازم واستنفدت حاجتها للسياسة عبر الدين بينما ايران لم تعش هذا الاشباع وهي في الطريق اليه ولعله سيكون حادا ومدويا وخطرا على تماسك الثقافة الداخلية ان هزم الملالي لانهم مارسوا كهنوتية بابوية وليس خلفائية اسلامية تحضر ردود فعل واضدادا اكثر حدة! ). وان واجه هذا المصطلح كمغامرة وتهور لغوي لكنه ممكن في حالة التعقيد الذي يتحرك وسط عالم مشحون بتركات تاريخ لم يحسم اشكالاته بعد.. فثمة واقعية كامنة ومتحركة في الخفاء الخجول، تتحرك بين الاتركة والاسلمة في الجانب التركي بطريقة براغماتية وليس ملائية ولا اتاتوركية ايضا، وهذا لم يتشكل على المستوى الاثني والحنيني في الجناح الايراني، لان التشيع سوف لا يكون كافيا لخلق توازن ادبي واثني وثقافي مع الحوت التركية الواسعة والمترامية عرقيا ومذهبيا، لاسيما لم تتمكن الاقلية الفارسية،كما يحصل في الاقلية الروسية حيال سيطرتها على الدول المجاورة، من استقطاب الظلال الشيعية الحادة والندية على المستوى الحضاري والثقافي بينها وبين ايران، سواء في الظلال العربية ام ظلال القوميات غير العربية وغير الفارسية، كما حدث في ازمة اذربيجان فالتحالف مع المسيحي الارمني quot; الكافرquot; ضد الشيعي التركي المؤمن! ذات التحالف مع فصائل سنية في لبنان ضد امل الشيعية!، وايران هنا هي : دولة الخطا المذهبي والديني الاول، وكان حريا بها انتحال مذهب مخالف للمذهب التركي على ان لا يكون شيعيا لتتمكن من حسم التوازن السياسي مع تركيا، ومن سوء حظها ارتكبت هفوة الصوفيين الاوائل لتتخذ من ديانة ومذهب يكاد يدخل في مجال الفرق الاقلاوية والباطنية عنوانا لها وهذا مقتلها في الطموحات الاقليمية مقابل الاستقطاب المستقبلي لكل من تركيا والسعودية، ومثل العراق ولبنان وعربستان لا يشكلون المجال الحيوي، بل الفخاخ الجغرافية الخانقة للطموح الايراني، وربما هم العبء القادم لدولة كتب عليها ان تكتفي في حدودها ولا تفكر بالعبور خارج مجالها، لانها اقلية كريهة في مجالها فكيف بعبور هذا المجال؟ فهل عبورها سييكون بحثا عن خصوم جدد؟
يتبع
التعليقات