عشت فى بلاد الفرنجة ما يقرب من عقدين من الزمان وشاهدت بنفسى (ماحدش قاللى) كيف يسخر الناس من ساستهم وزعمائهم وفنانيهم ورجال الدين فى كل مكان فى التليفزيون والصحافة والراديو والبوتاجاز !! وبصراحة بيتريقوا على طوب الأرض، أى شخص يضع نفسه تحت الأضواء يضمن بأنه سوف يصبح هدفا للسخرية، علشان quot;الكوميديانات ياكلوا عيشquot;، وكثيرا أخذت أتسائل، لماذا تسمح تلك الأنظمة بالسخرية من كل quot;رموز النضال والزعامةquot; بهذا الشكل quot;الهزؤquot; بدون إحترام و عرفت أن هناك أسبابا عديدة لهذا :
أولا: الرؤساء والساسة فى تلك البلاد واثقون من أنفسهم ويعرفون أن الناس سوف يحكمون عليهم من خلال أدائهم وليس من خلال برنامج كوميدى أو كاريكاتور فى جريدة.
ثانيا: شعوب تلك البلاد تعتبر زعمائها وساستها بشر مثلهم يخطئون ويصيبون ويدخلون الحمام ويمرضون ويشيخون، لذلك لا مانع من السخرية من بعض أعمالهم وسياستهم، وليس السخرية الشخصية.
ثالثا: هؤلاء الساسة والزعماء يعرفون أنهم يخدمون شعوبهم لفترة محددة وبعدها يصبحون أفرادا مدنيين عاديين، لذلك لا داعى لإدعاء الألوهية، والحصول على ألقاب من نوع الزعيم الخالد والقائد الملهم والرئيس إللى ما حصلش.
رابعا: هؤلاء الزعماء يحصلون على مناصبهم بالإنتخاب وعادة ما تكون نسبة حصولهم نسبة متواضعة تترواح ما بين %50، %65 من عدد الأصوات، ومعنى هذا أن حوالى نصف عدد السكان لا يقبلون بهم ولكنهم مجبرون إلى الخضوع لرأى الأغلبية. أما النسب الجميلة إللى تشرح القلب مثل %99.999 ، والنسبة الرائعة لحارس البوابة الشرقية فى آخر إنتخاباته قبل القبض عليه فى حفرة الفأر %100 ـ تلك النسب لا تسمح بأى تريقة على أى منهم لأن الكوميديان لن يجد أى جمهور لأن كل الشعب يعبد الرئيس المنتخب بتلك النسب الرائعة!!
....
ولكى أعطيكم فكرة عن مدى السخرية التى يصل إليها الناس هنا من رؤسائهم، فبالإضافة إلى البرامج اليومية والليلية والكاريكاتور، فإن الرؤساء أنفسهم يشتركون فى السخرية من أنفسهم، ففى أمريكا على سبيل المثال فإن الرئيس وزوجته ومعظم وزراء الرئيس يحضرون كل سنة ضيوف شرف على طعام عشاء لكل المراسلين الصحفيين الذين يغطون أخبار واشنطون وبصفة خاصة أخبار البيت الأبيض وجرت العادة على أن يسخر الرئيس من نفسه شخصيا أو يدعو إلى العشاء واحد من أكبر منتقديه لكى يسخر منه ويبهدله أمام الخلق، وهذا العام وبالتحديد فى 29 أبريل الماضى، كان أحد المدعويين الرئيسيين هو quot;ستيفن جولبرتquot; وهو أحد الكوميديانات المشهورين فى أمريكا حاليا وله برنامج يومى بإسمه يسخر فيه من طوب الأرض إبتداء من بابا روما إلى فراش البيت الأبيض، وفى حفل العشاء هذا لم يسلم من لسانه أحد :الرئيس، زوجة الرئيس، نائب الرئيس، عضو المحكمة الدستورية العليا، السناتورز، وزير الدفاع، كبار ضباط الجيش (رئيس الأركان)، إلخ.. وظل لمدة حوالى نصف ساعة فى منولوج كوميدى يمسح بسياسة كل الحضور الأرض (إبتداء من حرب العراق إلى التجسس على المواطنين، إلى قوانين الضرائب، إلخ...)، والكل يضحك بروح رياضية، ويمكنكم مشاهدة هذا بالضغط على الرابط التالى:
http://video.google.com/videoplay?docid=-869183917758574879
ولم يكتف الرئيس بهذا بل وأحضر معه إلى طعام العشاء شخص يشبهه تماما وأخذ يسخر معه على الرئيس، وإليكم صورة الرئيس وشبيهه فى تلك الحفلة: وقد يقول قائل :quot;إيه لة القيمة دى!!quot; الرئيس مهما كان له إحترامه، والرئيس بالفعل له إحترامه، وإحترامه الأساسى نابع من شرعيته كرئيس منتخب ومن أعماله، وبعد أن تنتهى مدة خدمته سوف يكون له إحترامه كرئيس سابق وكمواطن، ولكنه لن يتحول أبدا إلى إله أو نصف إله
وأمل حياتى هو إنتاج وتأليف برنامجا يسخر من أحداثنا اليومية ومن تصرفات ساستنا وزعمائنا وفنانينا ولا عبينا و... و.... ويكون هذا فى شكل نشرة إخبارية يومية كوميدية، والحقيقة أن تصرفات زعمائنا وساستنا ومشاهيرنا منجم كوميدى يحلم به أى كوميديان !!
فإذا كانت هناك أى محطة فضائية مستغنية عن (عمرها) فأرجو الإتصال بى لكى نضع هذا البرنامج سويا والذى سوف يكون برنامج شعبى يراقب كل تصرفات ساستنا والمشهورين فى بلادنا الجميلة. (أرجو من المسئولين عن محطة لهلوبة الفضائية الإمتناع عن الإتصال بى، لأنهم لن تعجبهم شروطى).
وما زلت أحلم بهذا البرنامج بالرغم مما حدث فى الشهر الماضى للقناة الفضائية اللبنانية التى حاولت إنتقاد الشيخ حسن نصر الله، وماحدث من مظاهرات وحرائق فى بيروت بسبب برنامج فى تلك الفضائية. وكأن الشيخ نصر الله أصبح فوق النقد وأصبح فى مرتبة الأنبياء (أستغفر الله العظيم)، وأنا لا أعرف كثيرا عن الشيخ نصر الله، وكل ما أعرفه أنه زعيم quot;حزب اللهquot; فى جنوب لبنان، وأنا أعترض بشدة على تسمية حزب بهذا الإسم لأننا نؤمن بالله وعليه فكلنا أعضاء فى حزب الله، وأعتقد أن الله سبحانه تعالى لم يطلب من الشيخ نصر الله أو غيره أن يؤسس حزبا بإسمه، وأنا أعرف أيضا أن الشيخ نصر الله له دولته فى جنوب لبنان ويقدم خدمات جليلة للموطنين فى جنوب لنبان حيث لهم الجيش الخاص بهم ولهم المستشفيات والمدارس الخاصة بهم ولهم المحاكم الشرعية الخاصة بهم، وما ينقصه حقيقة هو أن يعلن جنوب لبنان دولة مستقلة ذات سيادة، ولكن كل هذا لا يضعه فوق النقد، إلا إذا إعتبر نفسه أحد خلفاء الله الراشدين، وهو كشيعى يعرف جيدا أنه حتى خلفاء الله الراشدون (أبو بكر وعمر وعثمان) قد تم إنتقادهم بشدة فى كتب الشيعة وهذا يثبت أنه لا يوجد أحد فوق النقد.
والنكتة المشهورة والتى سمعناها تقال على كل الرؤساء أن طالبا أمريكيا كان يعيش فى واشنطن ويوما كان يسير بجوار البيت الأبيض مع صديقه الطالب العربى فهتف الأمريكى بأعلى صوته: quot; يسقط الرئيس بوشquot; ، ولم يقبض عليه أو يسحل، ثم سأل الطالب العربى بإفتخار تقدر تعمل كده فى بلدكم العربى من غير ما يحصلك حاجة، فقال له الطالب العربى بكل فخر أيضا،: quot;طبعاquot;، فذهب الإثنان فى أجازة الصيف إلى بلد الطالب العربى، وعندما كانا يسيران أمام القصر الجمهورى، أراد الأمريكى أن يحرج صديقه العربى وقال له: quot;ورينا شطارتك وإعمل زى ما عملت أنا قدام البيت الأبيضquot;، فما كان من الطالب العربى أن قال له: quot;أنا حأعمل زيك بالضبط، ثم هتف بعلو صوته: quot;يسقط الرئيس بوشquot;!!
[email protected]
التعليقات