كتبت مرة موضوعاً تحدثت فيه عن فعالية اجتماعية لامرأة سعودية متحضرة، وعَرّفت تلك المرأة (بحرم فلان) إضافة إلى اسمها. وعندما قرأت الموضوعَ زوجتي، اعتبرت أن مجرد نعت المرأة بأنها حرم فلان، أو أم فلان، أو كريمة فلان، كلها صيغ متخلفة، (تذيب) المرأة ككائن مستقل، أو كهوية مستقلة، وتلحقها بالرجل أو (بالذكر) كتابع ليس إلا... وهذا - في رأيها - إذلال للمرأة، هو في اللاوعي - كما تقول - يدل على أنك (تقليدي)، ولن أقول: (متخلف)، دون أن تعي أو تشعر!... وتواصل: هل قيمة إمرأة عظيمة، مثل مارجريت ثاتشر التي حققت للبريطانيين خلال حكمها من الانتصارات والانجازات على المستوى العالمي ما لم يُحققها لهم الرجال، فضلاً عن نجاحاتها الإصلاحية الداخلية، تقبلُ بأن تسمى (أم مارك) مثلاً تبعاً لاسم ابنها الأكبر مارك (الطقوع) اللي ضاع وبغى يموت في (الرالي)!؟
غير أن التحليل الموضوعي - (حلوه الموضوعي!) - يجعلنا نقول، وبكل مباشرة، أن مشكلة (المجتمع الذكوري) ليست خاصة بنا وحدنا نحن بنو يعرب بن قحطان، وأبناء عدنان الميامين، وخيار (قريش) الغر المحجلين، وإنما هي (علة) ثقافية عالمية شاملة، مازالت سائدة ومتجذرة. فالغرب الذي تحتج به (حَرمنا) علينا، هو الذي كان ومازال يُـلغي نسَبَ المرأة بعد الزواج، ويُـلحقها باسم عائلة زوجها. فمسز (ثاتشر) كمثال كان اسمها قبل الزواج (مارجريت هيلدا روبرت) وعندما (عُـقد قرانها) محفوفة باليُمن والمسرات والتمنيات الحارة بالرفاء والبنين على (دينيس ثاتشر)، زوجها الذي رحل عن دنيانا مؤخراً، تغيّـر اسمها إلى (مارجريت ثاتشر) إلحاقاً لها بأسرة (آل ثاتشر) أدام الله مجد زوجاتهم.. بينما أن ذلك (مرفوض) البتة في ثقافتنا، ويُغضب الأزهر الشريف، وهيئة علماء السعودية، وتتفقُ معهم في ذلك السلطة (الكهنوتية) الإسلامية في طهران. والدليل: (أنسبوهم إلى آبائهم).. وهذا ndash; بلا ريب - وبشكل أو بآخر يََصبُ في مصلحة (استقلال) المرأة، كما يقول (بنو صحوة)، والذين يؤكدون في الوقت ذاته، (يخربونها يعني)، بأنها (ناقصة عقل ودين)!. وعلى طاري (ناقصة عقل ودين) يقول محمود عبدالحميد في كتابه ((حقوق المرأة بين الإسلام والديانات الأخرى) ص 37 ما نصه: (في القرن الخامس الميلادي انعقد مجمع quot;ماكونquot; وبحث في المرأة وتكوينها وهل هي جسم فقط بغير روح أم بها روح [...] وانتهى أخيراً إلى أن النساء أرواحهن غير تامة، ما عدا مريم البتول))!.. أما بالنسبة (لمحاكيكم) فهي من المرات (النادرة) التي أتفق فيها ndash; بصراحة - مع (الصحويين) وأولئك الذين عقدوا مؤتمر (ماكون) معاً، وأرجو ألا تغضب عليّ (المعزبه) أو (حرم صالح الراشد المصون)، أو (أم العيال)، أو إن أرادت (أم راشد)، كما تـُـسمّى زوجة (حضرتنا) في دعوات بطاقات الأفراح التي (أشغلتنا) هذا الصيف، وهو أمر يَـقلبُ مزاجها رأساً على عقب، و(ترز بوزها) على (بعلها) وكأنني أنا مَن (تآمر) عليها لدى الآخرين بإطلاق هذا المسمى الذي تراه (مُخزٍ) لها بكل المقاييس!
شيخنا ودكتورنا وعَـلمنا وعالمنا ومُعلمنا (عبدالله الغذامي) في كتابه ذائع الصيت (المرأة واللغة)، يقول ما نصه: ((الذي حدث هو غياب الأنوثة التام عن التاريخ لأنها غابت عن اللغة، وعن كتابة الثقافة، وتفرّدت الفحولة باللغة، فجاء الزمن مكتوبا ومسجلا بالقلم quot;المذكرquot; واللفظ الفحل حتى جاء زمن امتلكت فيه المرأة يد الكتابة وكتبت)). انتهى. وفي ظني سيعتبر هذا التفسير الصحويون السعوديون (مُغرضا)، سيما وأن أسلافهم ndash; رحمهم الله - كانوا قد اعترضوا على تعليم المرأة كي (تكتب). السؤال: هل تراهم كانوا يدركون عن وعي أن المرأة إذا (كتبت) ستتمرد على (ذكوريتهم) عندما اعترضوا على تعليمها آنذاك؟.. طيب، لو تقود السيارة هل ستتمرد أيضاً، يعني (بتنحاش) مثلاً؟.. وهل نفس السبب كان وراء (زعل) المشايخ على قرار القصيبي (بتأنيث) بيع الملابس الداخلية النسائية وحصره في النساء فقط، أم أن أمر (الكلوتات) يختلف؟
ليت شيخنا (الغذامي) يُحيطنا علماً ونكون له من الشاكرين؟!
إذاً في (الكتابة) السر، كما هو تفسير شيخنا الغذامي آنف الذكر. وطالما أنني (باش كاتب) وزوجتنا المصون لا علاقة لها بالكتابة، بل تكرهها كره العما، فستبقى المرأة، أعني (حَرمنا) المصون: (حرمتي)، وعند التكريم: (أم راشد)، وإذا ما غَضبتُ عليها، أو باللهجة السعودية (تطاقينا) ستصبح: (هيش) أو (في ذا احد).. حتى تبدأ بممارسة الكتابة على رأي الغذامي، وإلا (قعَدت بها) أم راشد!.