ولى الزمن الذي كان فيه النظام السوري يمثل احدى ضمانات الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط. و ولى الزمن الذي كان فيه النظام السوري عاملا بإمرة قيادة احسنت قراءة المعطى الخارجي الى حد مكنها من تطويع الداخل بالحديد و النار من دون حسيب و لا رقيب، وصولا الى التمتع على مدى اكثر من ثلاثة عقود بالحماية و الدعم من الغرب، و بالتحديد من الولايات المتحدة. من دون ان يزعج هذه الاخيرة اعلام الشتائم السوري، لان الاهم انحصر في النتائج و ليس في الوسائل او الطرق للوصول. و ولى الزمن الذي كان فيه النظام السوري يمتلك اهم عنصرين للبقاء، الاول، الهيبة في الداخل، والثاني، الاحترام في الخارج و ان من باب الخصومة. وولى الزمن الذي كان كان فيه النظام السوري قادرا على استغلال قضايا عربية ساخنة بحرية تامة مثل الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني، او الاحتلال الاسرائيلي لجنوبي لبنان بعدما ذهب الفلسطينيون في مسارهم المستقل و ان متعثرا ودمويا، و بعد ان انسحب الاسرائيليون من جنوب لبنان ربيع العام 2000 . و ولى الزمن الذي كان فيه النظام السوري قادرا على اقناع العرب و الاجانب انه يحمي وحدة لبنان و استقراره بعد ان انغمس في الاغتيالات و التخريب الارهابي الذي بلغ الذروة مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري باكثر من طن و مئيتي كيلوغرام من المتفجرات في قلب بيروت ظهيرة الرابع عشر من شباط ndash; فبراير2005. و ولى الزمن الذي كان فيه النظام السوري قادرا على quot;تبليعquot; العرب نضالا وهميا بعد ان تنازل صراحة عن لواء الاسكندرون السليب، و كاد ان يبادل الجولان بلبنان لاغراض مافيوية.
لماذا هذا العرض لجانب من واقع النظام السوري ؟ انه للتأكيد على ان النظام القائم في سوريا بات اشبه بحال رجل المنطقة المريض الذي يجمع الكل على انه يحتضر و ان لا افق له. نظام ينظر اليه جيرانه على انه يمثل تهديدا مباشرا،غالبا ما يكون ارهابيا، لسلامتهم شأن العراق حيث يصدّر نظام الرئيس بشار الاسد الموت و الدمار عبر الحدود، او الاردن الذي لا ينفك quot;يستقبلquot; الارهاب العابر للحدود الشمالية بالرجال و العتاد و مشاريع العمليات الانتحارية، او لبنان المستضعف الذي بعد زمن الاحتلالين يتعرض منذ عام و نيف لحملة اغتيالات و تفجيرات معطوفة على حملة تحريض و تمويل واسعة النطاق لبقايا المافيا السورية -اللبنانية المشتركة في محاولة لقلب النظام الاستقلالي الحديث العهد.
هذا العرض هو للقول ان نظام الرئيس بشار الاسد يمثل اليوم مشكلة كبرى للاستقرار في المنطقة، و خصوصا بعد ان ربط مصيره بالمشروع الايراني الساعي الى التمدد فوق ارض العرب مجددا. و نظام الرئيس بشار الاسد بات يشكل خطرا اكيدا على محيطه و على الدائرة الاوسع من المشرق العربي باعتباره قاعدة متقدمة للمشاريع الايرانية، و نقطة انطلاق وعبور لجحافل الموت الى قلب العراق، والاردن، و لبنان، و من يدري ربما غدا الى قلب منطقة الخليج، او مصرنفسها.
انه نظام ضعيف، لكن دموي. راكم الاخطاء في الخارج الى حد بات يصعب على المجتمع الدولي النظر اليه خيارا للمستقبل. هذا ما يلمسه المراقب الزائر لعواصم القرار الكبرى حيث الصورة التي يعكسها سلوك النظام في سوريا هي في احسن الاحوال صورة نظام طائش يمثل خطرا على الآخرين.
من هنا، و يعيدا عن الكلام الطوباوي،كانت مصلحتنا كقوى ديموقراطية و مثقفة واعلامية عربية ان نمد يد المساعدة الى سوريا الحبيبة بدعم المعارضة السورية الديموقراطية بكافة قواها و اشكالها، من اجل ان يكون لسوريا مستقبل اكثر اشراقا من ذلك المستقبل الاسود الدامي الذي يعدهم به الرئيس بشار الاسد و صحبه، و يقوم على مبدأ تأبيد عبودية الشعب السوري الى ما لا نهاية. ففي التغيير الديموقراطي في سوريا مصلحة عربية ايضا توازي مصلحة الشعب السوري المسحوق في التخلص من ربقة الظلم و الترهيب.
دعونا لا نخشى هز هذه الشجرة بثمارها العفنة!

[email protected]