بقلمسعيد شرويني(كاتب ايراني مستقل)
قسم الترجمة -ايلاف


قبل ستة أعوام أنهت اسرائيل وان على نحو شبه رسمي 18 سنة من الحرب في لبنان. ومع هجوم حزب الله يوم الأربعاء الماضي على دورية اسرائيلية عسكرية واسر إثنين من جنودها وقتل عدد آخر منهم، عادت الحرب الى لبنان، وها هي quot;باريس الشرقquot; ترزح تحت قصف النيران الاسرائيلية. لقد كان حزب الله طوال الأعوام الستة الماضية في صراع مع الجار الجنوبي للبنان، ورغم ان المفاوضات غير المباشرة بين حزب الله واسرائبل ساهمت في تبادل الأسرى ووضع حد للمعارك الخفيفة بين الجانبين في السنوات القليلة الماضية، الا ان حزب الله فاجأ العالم بقراره اتخاذ السبيل العسكري للضغط على تل ابيب لاطلاق الاسرى.وعلى ضوء مزاعم حزب الله والحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان لابد من الاشارة الى النقاط التالية:

1- تزامنت عمليات حزب الله بأسر الجنديين الاسرائيليين مع الاحداث الاخيرة التي شهدتها غزة على خلفية اختطاف جندي اسرائيلي، وبذا يكون الهدف الأساس من عملية حزب الله ليس تبادل الأسرى وانما فتح جبهة جديدة تسعى الى اضعاف اسرائيل، من الناحيتين النفسية والعسكرية. علما ان التأزم بين الفلسطينيين واسرائيل بخصوص اختطاف الجندي الاسرائيلي كانت على وشك النهاية اثر المبادرة المصرية ومشاركة رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية. وقد كان لخالد مشعل أحد قادة حماس دور في ارباك عملية التفاوض. ان العمالية العسكرية لحزب الله أتت منسجمة مع مخطط مشعل ومخططات ايران، فالهدف هو اضعاف اسرائيل بحروب استنزافية.

ولاينكر قادة حزب الله علاقتهم الوطيدة بايران والدعم الذي تقدمه طهران لهم، وربما يمكن اعتبار عودة حزبهم لتنفيذ العمليات العسكرية هو استعراض لولاء الحزب لايران ومساندة للفلسطينيين ضد quot;العدو الصهيونيquot;. وبالنسبة إلى طهران سواء شاءت أم أبت فان الحرب في لبنان قدمت لها فرصة ذهبية للتملص من التزاماتها بالقوانين والارادة الدولية بشأن ملفها النووي، او بعبارة اخرى حصلت طهران على مخرج وان مؤقت لأزمتها النووية المعروضة حاليا على مجلس الأمن الدولي.

2- نص قرار 1559 الصادر عن الأمم المتحدة في سنة 2004 على خروج القوات السورية من لبنان، وتجريد جميع الميليشيات المسلحة بما فيها حركة حزب الله، وعلى الرغم من انسحاب سوريا من لبنان ومجئ حكومة غير موالية لدمشق، الا أن النفوذ السوري ظل مستمرا عن طريق علاقتها الجيدة مع الرئيس اللبناني ايميل لحود وحزب الله والقوى والشخصيات المؤيدة له. واذا أضفنا احتلال اسرائيل لمزارع شبعا للأسباب المذكورة آنفا، سيتبين لنا السبب الذي حال دون تجريد حزب الله من السلاح. ومن النتائج المتوقعة في الظرف الراهن، أن تشدد اسرائيل ضغوطها على حزب الله في الأوساط الدولية، والضغط من اجل تطبيق القرار 1559، خصوصا وانها قد وجهت ضربات عنيفة للحزب حدت من قدراته العسكرية، وهو الأمر الذي سيساهم من وضع حد للاستعراض العسكري الايراني في المنطقة وتوجية ضربة في العمق الاستراتيجي الايراني في لبنان.الا ان حجم ردة فعل اسرائيل على عملية حزب الله، والدمار الذي الحقته بالبنية التحتية اللبنانية، وعسكرة المناخ اللبناني، قد يضعف دور القوى الصديقة للغرب المشاركة في الحكومة اللبنانية، وترسخ مكانة حزب الله ودوره في الشأن اللبناني الداخلي.

واعتبر بعض المحللين ان الادارة الاميركية ودول اوربية اخرى، رأت ان التصعيد الاسرائيلي العنيف، سبب في اضعاف حكومة السيد فؤاد السنيورة والتيار المؤيد له في الحكومة وهو تيار له مواقف رافضة للتدخل السوري في الشأن اللبناني، ولم يعد لهذا التيار بعد الهجوم الاسرائيلي العسكري المبررات التي تسانده في طرح قضية تجريد حزب الله من السلاح. اذا كانت اميركا هي القوة الوحيدة القادرة على فرض ارادتها على اسرائيل، فان موقفها اللين والموافق على التصعيد الاسرائيلي، أكد ان واشنطن ترجح ضرب حزب الله وتدمير قدراته العسكرية، على الضغط على اسرائيل لوقف عملياتها انطلاقا من حرص اميركا على علاقتها الجيدة بحكومة السنيورة.

3- وقد تبدو المشاركة الفاعلة لليسار الاسرائيلي في حكومة اولمرت الائتلافية واسهامها في التصعيد العسكري مثيرة للعجب والاستغراب، كذلك وجود شخصية يسارية تفتقر للخبرة وغير متدرجة في مناصب عسكرية رفيعة مثل عمير بيرتس على رأس المؤسسة العسكرية، فالمعروف عن بيرتس رئيس حزب العمال انه شدد في الحملة الانتخابية التي خاضها في شهر مارس الماضي على الدور الاجتماعي من ناحية، وعلى سلام عادل مع الفلسطينيين عبر المفاوضات والحوار المباشر معهم. وربما سعى اليسار الاسرائيلي وضع حد لانتقادات اليمين له واثبات حزمه في مواجهة التحديات.