إن رفض حكومة لبنان لمشروع القرار الفرنسي ndash; الأمريكي يدل مع الأسف على استمرار ضعف الحكومة وانقسامها، خصوصا وعلى رأس الجمهورية شخص نصبه النظام السوري المعادي، كإيران، لأي قرار دولي يؤدي لحل حاسم للأزمة. فوزير خارجية إيران يعتبر المشروع الفرنسي- الأمريكي quot;عملية سياسية ضد لبنانquot;، ووليد المعلم، وزير خارجية سوريا، يرحب بالحرب، ونبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني، يتحدث عن انتصارات حزب الله. إذن فكيف نوقف القتال ونقبل بقوات احتلال دولية؟؟! أما القبول بمغامرة إيرانية من خلال حزب الله وما سببته من تهجير مليون شخص وقتل المئات، فإنها مقبولة جدا عند هؤلاء السادة، مادامت تستعيد للعرب والمسلمين أمجاد الآباء والأجداد!
إن تجاهل القرار 1559 الذي يقضي ينزع سلاح حزب الله وإيجاد منطقة عازلة بمساحة كافية يعني أن حزب الله هو الذي يقرر مصير لبنان، وذلك وفقا لتصريح لحود بأن حزب الله لا حكومة السنيورة يمثل لبنان.
إن وقفا للقتال غير مرفق بنزع سلاح حزب الله، وإبعاد مواقعه عن الحدود لا يعني غير هدنة هشة متهافتة مهيأة في كل لحظة للانفجار متى أرادت إيران وسوريا تحريك حزب الله. ويبدو من الوقائع الدامغة أن حزب الله كان يهيئ لهذه المغامرة منذ أعوام طويلة، وبالتحديد منذ الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان قبل ست سنوات، مما يعني أن موضوع السجناء ليس غير حجة لتبرير الحرب ـ المغامرة.
إن حزب الله لن ينزع سلاحه ويسلمه للجيش اللبناني، ولذلك لن يقبل بأي حل سليم يتفق مع نص القرار الدولي السابق. ومما له دلالة خاصة هنا تصريح الوزير السوري للخارجية في اجتماع جامعة عمرو موسى إذ قال:
quot;أهلا وسهلا بالحرب الإقليميةquot;،!! فرد عليه جنبلاط:quot; من السهل المزايدة على آخر نقطة دم من الشعب اللبناني.quot; ومن قبل نادت سوريا وإيران والقاعدة بقهر أمريكا بآخر قطرة من الدم العراقي. والمضحك حقا، ورغم فداحة الوضع، أن ترحب سورية بحرب لا يكلفها شيئا ما دامت على أرض لبنان، وهي التي لا تجرؤ على إطلاق رصاصة واحدة لتحرير الجولان! كما نعرف ادعاء سورية بملكية مزارع شبعا التي يكثر حزب الله من الحديث حولها، وهو الذي لا يطالب سوريا أولا بالتخلي عن مطامعها في شبعا، وهذا ما بينه الدكتور عبد الخالق حسين في مقالته الجديدة والمتميزة في إيلاف بعنوان (الانتصارات، بين الوهم والحقيقة ).
حرب لآخر قطرة دم لبنانية، كما هي حرب تصفية حسابات إيرانية وسورية مع المجتمع الدولي لآخر قطرة دم عراقية. نظامان مستعدان للتضحية بأرواح وأمن الآخرين لخدمة مصالحهما وأطماعهما، وبالنسبة لإيران، لخدمة قنبلتها النووية.
أما جامعة عمرو موسى فقد هرعت حال الاتفاق الفرنسي ـ الأمريكي لتخريبه مراعاة للغوغائية الطاغية في الشارع العربي، وخضوعا لابتزاز حزب الله، وانسياقا مع اضطرار حكومة لبنان تحت ضعفها وانقسامها لرفض المشروع. ومع الأسف فإن دولا عربية هامة كانت قد رفضت المغامرة في البداية تسير اليوم في ركب الانتصارات المدوية لحزب الله!! لو كانت الجامعة جادة حقا لإيجاد حل دائم يقي لبنان العزيز شرور العدوان والدمار ومغامرات حزب الله لدعت حكومة لبنان ونصحتها لقبول المشروع الفرنسي ـ الأمريكي ورفض الادعاء بكون القوة الدولية المقترحة هي عودة للانتداب الفرنسي والدولي أيضا.
لكن، وكما يقول الراشد في مقالته ليوم 7 الجاري:
quot; لا توجد كلمة اسمها هزيمة، حتى يمكن للناس أن تفكر وتحاسب، كما تفعل أمم العالم المهزومة، وكما فعل الأرجنتينيون في حرب الفوكلاند. لذا لا عجب إن وصف تهجير مليون لبناني وقتل وجرح الآلاف منهم بالانتصار من جانب القادة اللبنانيين والعرب الآخرين لأن معايير الخسارة مختلفة في قاموسنا.quot; وquot;لذا لم يكن غريبا أبدا أن يقول أمس نبيه بري إن العرض المقترح لوقف إطلاق النار في لبنان قاصر لأنه لم يأخذ في الاعتبار أن لبنان انتصر في الحرب. ومن الواضح أن على رئيس البرلمان اللبناني ألا يكتفي بإقناع العرب بأنه انتصار بل إقناع أعضاء مجلس الأمن الذين لا تتاح لهم مشاهدة وسائل الإعلام العربية.quot;
وكل انتصار والعروبة وراية الإسلام بألف خير!