وأخيرا إنتهت المغامرة اللبنانية ودخلت لبنان بأسرها في طور عملية سياسية جديدة ستكون حافلة بالصراعات والخلافات و تشابكات الرؤى والمواقف ، وستزدهر سوق النفاق السياسي ، وتنتعش أسواق المزايدة الرخيصة ، وسيدخل النظام السوري على الخط محملا بكل إرث الكراهية للبنان وشعبه ويحاول إقتناص مواقف بدت باهتة لنصر إدعاه حزب الله لا قيمة له على أرض الواقع؟ فأي نصر ذلك الذي تحقق بدمار لبنان بأسره وعودته ضمن مساحات التوتر الدائم وبما سيجعله ساحة مهمة للإغتيالات والتصفيات والحروب السرية ، فالأجهزة الإسرائيلية السرية في الموساد وغيرها لن تصمت بل ستحرك ماكنتها الميدانية لتحاول إصطياد من تريد وبما سيخلق وضعا متوترا دائما في لبنان سيجعل من أمر إزدهاره وعودة الحياة لشرايينه الإقتصادية والحياتية مسألة فيها نظر؟ خصوصا وأن قادة حزب الله بعد أن تفرجوا على خراب الديار ودمار العباد قد إستهوتهم اللعبة وسيرفضون تسليم السلاح لأنهم بذلك يرسمون نهاية حقيقية لهم ولدورهم ثم أن وجود القوات الدولية واللبنانية العازلة على الحدود سيجعل من أمن إسرائيل مسألة دولية ملزمة لجميع الأطراف؟ فهل يسمي أهل حزب الله هذا الإنجاز الستراتيجي لإسرائيل نصرا مبينا؟ وهنالك عشرات الأسئلة والتساؤلات الأخرى التي من شأنها أن تثير الهموم والشجون وستواجهها الأيام القادمة لنعرف بعد ذلك عن أي نصر حقيقي وستراتيجي يتحدثون؟؟.
والمهم في الموضوع إن النظام الإيراني في جولة الصراع الساخن الدموي اللبنانية قد خرج وهو مستنزف لجميع أوراقه ، فالحرب في لبنان لم تنجر إليها أطراف عربية وإقليمية كما كان مؤملا أن يكون؟ كما أن تلك الحرب قد تم إستيعابها بحرص بالغ الدلالة رغم وجود الشرار المتخفي تحت رماد البقايا والخرائب؟ ثم أن تلك الحرب قد فضحت الدور الإيراني المنافق والمتفرج ، وحددت معالم السياسة الميكافيلية الإيرانية التي تحاول عقد الصفقات من خلال إستثمار معاناة الشعوب المجاورة وتحويلها لحسابها الخاص أو لإستخدام تلك المعاناة كورقة من أوراق الملفات الإيرانية الإقليمية التي باتت متضخمة للغاية بعد أن توسعت مجالاتها الحيوية والستراتيجية من كابول وحتى الدار البيضاء مرورا ببغداد وبيروت والقاهرة ، وبعد أن هدأت نيران الجبهة اللبنانية سيواجه النظام الإيراني معركته وإستحقاقاته الواجبة الدفع مع الإرادة الدولية في قضية النوايا العدوانية الإيرانية في موضوع الملف النووي الهادف أساسا لفرض بلطجة ووصاية وهيمنة إيرانية في منطقة الخليج العربي التي تصر السياسة الإيرانية وحكامها (المسلمون) جدا جدا على تفريسها كما فعل وأكد أحمدي نجاد خلال زيارة أمير دولة قطر الأخيرة لإيران ، وحيث أعرب الرئيس الإيراني عن تبرمه من مجرد نطق الأمير القطري لكلمة (الخليج العربي)؟ في مبادرة عدوانية تفضح المخبوء وتعبر عن حقيقة المشاعر التي لم تستطع المساحيق الدبلوماسية إخفاؤها؟ ، لقد ذهب لبنان وعلى يد صبيان إيران هناك ضحية للمشاريع الإيرانية التوسعية والعدوانية في الخليج العربي ، وبعد إغلاق البوابة والذريعة اللبنانية لا يملك الإيرانيون من أوراق للعبث وإلهاء الموقف ومحاولة تحويل الأنظار سوى في ساحتي العراق المدمى النازف ، وساحة الخليج العربي ذاته ، وحلفاء إيران وعملائها في العراق أضعف كثيرا من القدرة على خلق ضجة دولية شاملة وستعمل إيران دون شك على تقوية الجيوب الطائفية وحقن مشروع الحرب الأهلية العراقية بالأمصال اللازمة لإستمراريتها ولربما توسيع مداها فذلك خيار ستراتيجي إيراني لا محيص عنه لأنه يضمن إستنزاف قوات التحالف الدولي وقد يخلق إحتمالات قيام كيان طائفي عراقي يكون عضيدا لإيران على مشارف الخليج كما يحاول عبد العزيز الحكيم ومقتدى الصدر وأتباعهم أن يفعلوا؟ ولكن ذلك المشروع التقسيمي لا يحمل ملامح القدرة على البقاء لأسباب عديدة ، لذلك ليس هنالك ما هو أفضل من خيار نقل حروب التدمير والتخريب وتدمير البنية التحتية لدول الخليج العربية وحيث يعتمد الإقتصاد الدولي بصفة مركزية على نفط وطاقة المنطقة وبما يجعل من إمكانية توسيع مدى المواجهة في الخليج العربي بمثابة كابوس يهدد إمدادات العالم من الطاقة ويهدد الأمن والسلم الدولي وبشكل يتجاوز بكثير كل نتائج وآفاق وتداعيات الحرب اللبنانية؟ ومشروع النظام الإيراني الجهنمي في حرق المنطقة ينبثق أساسا من العقيدة الحاكمة هناك وهي عقيدة (الحجتية) التي تؤمن بضرورة توسيع دائرة الخراب الشامل وإشعال الحروب وزيادة المفاسد من أجل التسريع بظهور الإمام المهدي حسبما يقولون!!! ويعتقدون وتوطئة الأمور له من خلال التسلح النووي! رغم أنهم يعلنون بأن كل تلك الأسلحة الفتاكة ستتوقف عن العمل حالما يظهر المهدي؟ فإذا كان الأمر كذلك فلماذا الإصرار على التسلح النووي إذن؟ ولماذا كل هذه الخسائر لأسلحة لن تعمل بعد ظهور الأمام المنقذ المخلص؟.. إنها تناقضات العقلية الخرافية في السياسة الإيرانية والتي يبدو جليا من أن ضربتها القادمة ستكون في الخليج العربي؟ فما ترانا فاعلون؟ .
- آخر تحديث :
التعليقات