فنتازيا عربية

التأم اجتماع الجامعة العربية...
quot; في هذه الظروف الاستثنائية quot;
و quot; المنعطف التاريخي الحادquot;
و quot; التهديدات التي تواجه الأُمةquot;
وquot; الهجمة الشرسة على مقدرات الأُمة quot;
وquot; العدو الذي يتربص بنا quot; !!!
وعلى الرغم من أنني لا أعرف معنى الأشياء المذكورة أعلاه، ولا أعرف كيف ومتى اكتشفوها، إلا أنني أحسست بأنهم هذه المرة، كلهم عزيمة وإصرار على أن يكون هذا الاجتماع مميزا ومخالفا لما سبق من اجتماعات، ليخرجوا منه بقرارات تاريخية لإنقاذ هذه الأمة من وكستها، وإخراجها من ظروفها الاستثنائية ومنعطفاتها التاريخية ـ التي تطاولت عشرات السنين إن لم يكن مئاتها ـ، تاركين خلف ظهرهم الخلافات و(الخناقات) والتنابذ، خاصة والمصيبة في هذه المرة اكبر مما بتصوره العقل.
في بداية الاجتماع وقف رئيس الجلسة وحمد الله واثني عليه وصلى على رسوله الكريم،ثم، وبعد المقدمة والترحيب وشرح الظرف الاستثنائي الذي تمر به الأمة، عـَرَجَ على الامبريالية والاستعمار وكال لهما ما يستحقانه في مثل هذه المناسبات، ثم دلف على أمريكا ـ وهذه كوم لوحدها ـ فانزل عليها كل الموبقات التي يحويها قاموس بني يعرب، ثم جاء على بيت القصيد وهو الصهيونية (وفي رواية أخرى إسرائيل) فأرغى وأزبد،وانكمش وتمدد، وشجب وندد، وأدان وهدد، ولمئات الشعارات ردد، واستمرت الخـُطبة العصماء على هذا السياق، (وبالطبع لم يتطرق لموضوعات بسيطة وهايفة من أمثال الدمار الشامل الذي يتعرض له لبنان، أو الموت الجماعي والتشريد ونقص التموين والحصار الذي يتعرض له اللبنانيون ، إذ ان مثل هذه المواضيع لا ترقى لأهمية مثل هذه الاجتماعات ـ وأين مثل هذه الموضوعات من منافحة ومناطحة الامبريالية والصهيونية !؟)، بل ان مـُعاركة ومناطحة الصهيونية والامبريالية لم تـُتح له فرصة للحديث أو حتى ذكر لبنان التي عـُقِد الجمع من اجلها. استمرت خطبته العصماء حتى حان موعد غداء العمل فإنفض الجمع هاجماً على ما لذ وطاب. لم تستغرق معركة الغداء غير ساعتين دحروا خلالها كل الأطباق والزجاجات التي شاء حظها العاثر ان تكون موجودة في تلك البقعة في ذلك الوقت. ثم التأم الاجتماع لمواصلة الجلسة المنوط بها مناقشة الأزمة اللبنانية.
في بداية الجلسة، وقف ممثل إحدى الدول وقال : في البداية يجب ان نحدد المسئولية عن سبب هذه الأزمة لان بعضنا قد تعود على القيام بتصرفات غير مسئولة و..... وقبل ان يكمل ضجت القاعة بالاحتجاج والصراخ ضد هذا الكلام الخارج عن السرب وهتف البعض ضد هذا المتحدث وطالبوا بسحب كلامه من أجنده الاجتماع وان كان البعض قد طرب لكلام هذا الرجل إلا أنهم انكمشوا بعد ان رأوا هذه الهجمة الشرسة التي تعرض لها. المهم جلس الرجل وسكت لكي تعود المياه إلى مجاريها الطبيعية المعروفة، فوقف ممثل دولة أخرى وبعد ان أسهب في الحديث عن التحديات التي تواجهها الأمة، والمؤامرات التي تحاك ضدها، (حتى انك ـ كمستمع أو مشاهد ـ تحس من كلامه بأن أمم الأرض كلها، ليس لها هدف أو مشروع في هذه الحياة إلا الوقوف ضد هذه الأمة وحبك المؤامرات لها). وبعد ان أرغى صاحبنا وأزبد، خاطب المؤتمـِرين قائلا :ـ ما يهمنا الآن هو :

bull;((المطالبة بتسريع الجهود التي بدأتها الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة لإنهاء هذه الأزمة)).. وما ان انهي حديثة وجلس حتى وقف ممثل دولة أخرى والقي خطبته العصماء المعتادة، ثم قال لا اتفق مع الأخ الذي سبقني لأنني أرى ان الأهم هو :

bull;((ان نناقش الظروف التي يمر بها الشعب اللبناني وكيفية مساعدته، وما يمكن تقديمه في هذا المجال. )).... و هنا وقف ممثل دولة ثالثة معترضا على سابقيه قائلا بان الأهم من ذلك كله هو:

bull;((ان نناقش الدور السلبي الذي تلعبه الامبريالية الأمريكية بدعمها الواضح للعدو الصهيوني، ويجب ان نتخذ إجراءات رادعة ضدها.)).....
أمام هذا التباين في وجهات النظر والاختلاف حول الأولويات ما كان من رئيس الجلسة إلا ان يطرح هذه الآراء الثلاثة المختلفة للنقاش العام،، وفعلا طـُرحت هذه المقترحات الثلاثة على طاولة المفاوضات.

وبعد مداولات استغرقت عدة جلسات، تخللها تشكيل لجان، انبثـقت عنها لجان لتنبثق منها لجان فرعية، واجتماعات ثنائية وجانبية،وخلف الكواليس وتحتها، وبعد غضب البعض والرجوع عنه، والتهديد بالانسحاب والعدول عنه و الرجوع إلى حكوماتهم والعودة منه، بعد كل ذلك انقسم المجتمعون إلى ثلاثة فرق، كل فريق يؤيد أحد هذه المقترحات بشدة، ويرفض ويستنكر المقترحين الآخرين وبشدة أيضا.
بعد احتداد المناقشات وتبادل الاتهامات، وتناثر الأطباق والزجاجات (ليس للأكل والشرب في هذه المرة، إنما لمهام أخرى)، بعد كل ذلك جاء دور الوساطات والمراضيات والتدخلات من هنا وهناك، والاستعانة بحكام أجانب، لكي يتفقوا أخيرا على ترحيل هذه الأجندة إلى الاجتماع التالي. بعد هذا الإنجاز التاريخي (أي انهم اتفقوا على شئ)، بدؤوا في مناقشة تحديد موعد ذلك الاجتماع التالي. وبعد عدة جلسات ومداولات، تخللها غداءات عمل وعشاءات (واحتمال فطورات)، اتفقوا على ان يكون ذلك الاجتماع في تمام الساعة السادسة من يوم الثلاثين من شهر فبراير.... غير انهم لم يحددوا السنة بل شكَّلوا لجنة لتحديدها... وسنظل نحن في الانتظار لمعرفة تلك السنة الكبيطة (أي التي لا نعرف كباستها من بساطتها)... وسيظل الشعب اللبناني في المنعطف التاريخي حتى اجتماع آخر !!. والسلام عليكم،كما يقول الدكتور النابلسي.

كاتب سوداني