الافراج في مطلع ألاسبوع عن الصحفيين الأمريكي والنيوزيلندي الذين اختطفا في غزة امر يدعو للاغتباط وللحزن معا.
اولا الأغتباط لأسباب اهمها اننا كصحفيين نفرح لسلامة زميلين يؤديان عملهما دون ان يكون لهما في الصراع ناقة او جمل. وايضا لتمكن التيارات العاقلة والناضجة داخل الشرائح الفلسطينية الحاكمة من اقناع المختطفين ( ووسائل الأقناع لم تضح بعد) باطلاق سراح الزميليين.
السبب الآخر ان اطلاق السراح جاء وقت قليل بعد توصل فتح وحماس الى اتفاق سياسي لحل الأزمات وبداية لأقتناع الحركة الأسلامية بقبول الواقع المعاصر الذي نعيش فيه والتخلي عن ايدولوجيات العصور الوسطى.
لكن اسباب الأغتباط تتضائل امام اسباب الحزن والتشاؤم من تصرفات فلسطنيين، اي كان نوع الفصيل الذي ينتمون اليه او الأيدولوجية التي يتبعونها، تبين عدم الوعي واللامسؤولية وتلحق اكبر الضرر بالغالبية العظمى من ابناء الأمة الفلسطينية الذين لاينتمون لأيدولوجية او يسعون لحرب او تحقيق انتصارات او بطولات، وانما يريدون العيش بكرامة، وتربية اولادهم ورعاية اسرهم.
فلمئات وربما آلاف المرات كررنا في كل منبر ومناسبة اننا معشر الصحفيين لاناقة لنا في اي حرب ولاجمل، وانه كلما تركونا وشأننا نؤدي عملنا بحياد، كلما اظهرت الأخبار المجردة المواقف والحقوق بوضوح. واذا كان صاحب الحق متأكد من حقوقه وشرعية مطالبه، فمن الأجدر به مساعدة الصحفي ان يؤدي عمله بحرية كي تصل ابعاد قضيته الى اوسع الدوائر انتشارا بدلا من اخفاء القضية وطمس ملامحها بعرقلة عمل الصحفي.
واختطاف الصحفي او تهديده او ايذائه، هي اشارة واضحة للعالم اجمع ان الطرف المسؤول عن الأضرار بالصحفي لديه مايريد اخفائه عن اعين الناس ومن مشين الأفعال مايخجل منه او يعرف انه سيجرمه امام القانون، فيتعمد الى منع الرسول من ايصال الرسالة.
النقطة الأخرى هي مدى جهل المختطفين عادة بخلفية الضحية وعدم قيامهم بدراسة الموقف quot; والهدفquot; الذين يسعون لأختطافه اذا كانوا يقومون بعمل quot; سياسيquot; نضالي او جهادي كما يقولون. ومثلما حدث في لبنان اثناء هوجة وموجة اختطاف الرهائن في الثمانينات وكان معظم من اخذوا رهائن هم اشخاص وهبوا جزءا كبيرا من جهودهم وطاقاتهم لمساعدة اللبنانيين في اعمال الخير او التعليم او العلاج والثقافة؛ فإن الأمر تكرر في غزة. فالصحفي النيوزيلندي اولاف صديق للفلسطينيين والعرب منذ ايام الدراسة الجامعية. وزوجته النيوزيلندية مذيعة وصحفية البي بي سي انيتا ماكنوت معروفة بجديتها وموضوعيتها وصداقاتها العربية ودعمها للفلسطينيين وصداقاتها معهم.
ولو كان المختطفين على الأقل قد درسوا خلفية الصحفيين المستهدفين، لكانا عرفا ان تركهما يعملان فيه للفلسطنيين مصلحة كبيرة، واستهدافهما يحول الأصدقاء الى خصوم.
وربما يكون الخاطفون مجرد انتهازيين استهدفوا اي عابر سبيل غير فلسطيني، مما يشير الى ظاهرة خطيرة، هي تدهور الوضع الأمني في غزة وانتشار قطاع الطريق والخاطفين واللصوص.
وربما يكون الخاطفون قد عملوا لحساب قوة اجنبية هي القاعدة على الأرجح، التي تمارس الأرهاب لغرض الأرهاب وبالتالي لاتريد ابدا ان تحل قضية الصراع الفلسطيني الأسرائيلي لأن في بقائها مبرر للعنف وترويجه وتجنيد الأنتحاريين من اجله، ومن ثم فهي توعز للسذج سياسيا للقيام بمثل هذه الأعمال لتحويل الأنتباه عن القضية الأهم وهي العودة لمفاوضات السلام وتحقيق الأستقلال الفلسطيني.
اما الضرر الأكبر على الأطلاق فكان quot; اجبارquot; الصحفيين على تغيير دينيهما واعتناق الأسلام تحت ارهاب السلاح.
وكان من الطبيعي ان يستنكر الصحفيان ماحدث ويعلنان quot; التوبةquot; والعودة لدينيهما ألأصليين ( واللذين لااعرف ماهما ولا اريد ان اعرف فهو امر يخصهما ولاشأن لي به) لأن اسلامهما تم قسرا وتحت تهديد السلاح.
هل يقبل انسان متحضر عاقل اجبار شخص على تغيير دينه تحت تهديد السلاح والقتل؟
وهل في ذلك مكسب ام خسارة للأسلام والمسلمين ؟
ارجوا ان يكون جميع الفلسطنيين تعلموا الدرس والا يتكرر هذه الأمر الذي يصرف الأنتباه عن القضايا الملحة الأهم.
وحسب القول العامي quot; الفلسطنيين موش ناقصين !quot;