إن الحالة المزرية التي تعيشها بغداد بين مد وجز نتيجة العمليات الإرهابية وانتقال العنف من منطقة إلى أخرى، يجعلنا ندرك حجم الدمار الذي أصاب عاصمة العراق، إذ إن جسد بغداد يتهاوى يوميا بسقوط منطقة بعد أخرى..، فمن السيدية إلى الدورة ومن الدورة إلى قلب بغداد /المنصور...
والمشهد يتصاعد.. وسكان بغداد كلهم او بعضهم يتجهون نحو منطقة الصالحية.. بانتظار حافلات السلام التي تبعدهم عن جحيم الموت باتجاه سورية او عمان او بعض عواصم أخرى...
الهجرة الجماعية التي تشهدها بغداد تفضي إلى تحولها إلى أوكار للإرهابيين، بحيث تفقد أجهزة الأمن ndash;بسبب خلو المناطق من سكانها ndash; قدرتها على اصطياد المتهم... لان مساحة التنقل من بيت إلى اخر مفتوحة ومن منطقة إلى اخرى.
تتحول كل الأمكنة إلى أوكار ومناطق سكن للإرهاب..، وهذا الحال ندركه جيدا، على سبيل المثال في منطقة الدورة، فعلى الرغم من القوة الأمنية المتواجدة في المنطقة بكثرة، فقد صعب السيطرة عليها بسبب غياب الناس أصحاب البيوت، وهذا بالنتيجة يوفر للإرهابي فرصة الاختباء في كل البيوت.... كل ألاماكن بيته..
السيطرة على المشهد تطلب قيام أميركا نقل ما يقارب ثلاثة الاف جندي ونصف من محافظات العراق إلى بغداد /منطقة الجذب الإرهابي.. من اجل الخروج من مأزق الهجرة الجماعية التي تشهدها العاصمة، وهذا التخطيط هو جزء من السيطرة على مناطق التوتر، وإعادة الحياة للناس الذين فروا من الموت، ومن المفخخات والاطلاقات الطائشة.. فهل يستطيع الأمريكيون السيطرة على الوضع وإعادة الحياة إلى بغداد ونحن على أبواب عام دراسي جديد؟
وما الأخطاء التي ستنتج عن هذه الخطة ndash;خطة أمن بغداد ndash; التي أسميتها بالطرد المركزي؟
في البدء لابد من بيان ان المقصود بالطرد المركزي امنيا، سعي الجهات الأمنية سواء كانت عراقية أم أمريكية الضغط على إرهاب المركز- إرهاب المناطق المتوترة من اجل إعادة السيطرة، ونقل سلوك التوتر إلى المناطق الآمنة ndash; المحافظات الشمالية والجنوبية، وهذا بحد ذاته محاولة من اجل السيطرة على نقطة الجذب الإعلامي التي تستأثرها الفضائيات دون المناطق الأخرى.
يسعى الجيش الأمريكي إلى إعادة الحياة إلى بغداد بالضغط على كل المناطق المتوترة، ونقل الجيش الأمريكي من المحافظات العراقية إلى بغداد سوف يفضي إلى انتقال الفيروس الإرهابي المضغوط عليه من المركز إلى اللا مركز (المحافظات )، بمعنى انتقال السلوك الإرهابي وتحوله من بغداد إلى محافظات العراق، ولعل المثال الأقرب إلى التطبيق ما حصل في محافظة الموصل قبل أيام عقب انسحاب الجيش الأمريكي، إذ سقطت المحافظة بيد الإرهاب لساعات إلى أن تم السيطرة على الموقف، والحال نفسه مع تفجير النجف...
ولا يختلف الأمر عمّا حصل في البصرة من قبل معالي رئيس الوزارء الاستاذ نوري المالكي من تجريد لصلاحيات سلطة المحافظة من الملف الأمني بنقله إلى بعض القادة العسكريين (أصحاب الاختصاص) لتولي المهمة، لاعتقاده بأهمية توفير مناخ أمني حذر يبعد البصرة عمّا هو متوقع من تزايد لأعمال الإرهاب في محافظات العراق نتيجة انتقال العين الأمنية الأمريكية من المحافظات باتجاه بغداد، لأننا ندرك حساسية محافظة البصرة بالنسبة للاقتصاد العراقي.
خلاصة القول... ستتحول بغداد إلى منطقة أمن فيما محافظات العراق تتساقط في وحل الإرهاب بفعل قوة الطرد الأمريكي.

والسلام