شهدت ايران في غضون أسبوع واحد تقريبا ثلاثة حوادث دامية أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من الإيرانيين بينهم إفراد من حماية رئيس الجمهورية ووزير الدفاع. و لم تقدم السلطات الإيرانية لحد الآن تفسيرات واضحة لهذه الحوادث الأمر الذي فتح الباب مشرعا أمام المراقبين لطرح الاحتمالات والتوقعات وذلك بسبب الغموض الذي لف الموقف الرسمي من هذه الحوادث والتي كان من أبرزها حادث مقتل قائد حماية وزير الدفاع وجرح عدد من أفراد حماية رئيس الجمهورية بالإضافة الى حادث انفجار الطائرة المدنية في مطار مشهد والذي أدى الى مقتل وجرح أكثر من مائة شخصا من ركابها.
كان الحادث الأول قد وقع لوزير الدفاع اللواء مصطفى محمد نجار في يوم الخميس 25 من آب المنصرم أثناء عودته من مدينة همدان (غرب ايران) الى طهران وقد اسفر الحادث عن مقتل quot;الرائد فراها نيquot; رئيس فريق حماية الوزير وجرح عدد اخرمن إفراد الحماية دون ان تعطي السلطات الإيرانية تفسيرا رسميا عن الأسباب التي أدت الى وقوع هذا الحادث والتي قالت بعض وسائل الإعلام انه جاء بسبب انقلاب احد السيارات التي كانت ضمن موكب الوزير وهذا الغموض في الحادث قد أدى الى زيادة في التكهنات.
أما الحادث الثاني فهو يتعلق بحادث انفجار طائرة التوپولف 154 التابعة لشركة طيران quot;إيرتورquot; الإيرانية والتي كانت في رحلة داخلية بين ميناء بندر عباس ومدينة مشهد في محافظة خراسان شرقي ايران يوم الجمعة الماضي. وقد أسفر الحادث عن مقتل 30 شخصا وجرح 80 آخرين وما زال الحادث يكتنفه الغموض بسبب التصريحات والتفسيرات المتناقضة التي قدمت من قبل بعض المسؤولين الإيرانيين حول أسباب الحادث.
وفور وقوع الحادث كان متحدث باسم سلطات مطار مشهد قد أعلن ان السبب يعود لانفجار احد إطارات الطائرة أثناء هبوطها. وان ارتفاع حصيلة الضحايا جاء نتيجة تدافع المسافرين أثناء خروجهم من الطائرة قبل اشتعال النيران فيها.
إلا ان هذه الرواية سرعان ما تغيرت فبحسب ما صرح به السبت غلا محسين مظفري quot; عضو لجنة المواصلات في البرلمان الإيراني والنائب عن مدينة نيسابور quot;ان السبب في الحادث يعود الى كون مدارج الهبوط والإقلاع في مطار مشهد الدولي تستخدم من قبل الطائرات العسكرية والمدينة وهناك Jet Brayer للطائرات العسكرية على ارض المطار وهذا ما تسبب في الحادث.
إلا ان الصور التي التقطت للطائرة تظهر بوضوح ان انفجارا قد حدث في وسط الطائرة وان الرواية المقدمة من السلطات الإيرانية حول الحادث لا تتلاءم مع الصور التي وزعتها وكالات الأنباء.
إلا ان المراقبين يعتقدون ان الأيام القادمة سوف تكشف عن روايات جديدة للحادث خصوصا وان المتابعين قد تعود على المفاجئات بخصوص قضايا الحوداث الأمنية حيث ان الأخبار المتعلقة بمثل هذه الحوادث لا تعلن دفعة واحدة.أما الحادث الثالث والذي شد انتباه المراقبين لما حمله من غموض هو الآخر فكان حادث إصابة خمسة من أفراد حماية الرئيس الإيراني احمدي نجاد كانوا في رفقته أثناء زيارته التي قام بها لمحافظة أذربيجان الغربية يوم السبت الماضي.
فبحسب ما نشرته بعض وسائل الإعلام الإيرانية ان أفراد الحماية الخمس وهو جميعا من قوات quot;أنصار المهدي quot; المكلفة بحماية رئيس الجمهورية قد جرحوا في حادث سير أثناء مرافقتهم لموكب الرئيس وان الحادث قد وقع على الطريق الواصل بين مدينة بازركان ndash; ماكو شمال محافظة أذربيجان الغربية.
وعلى الرغم من إذاعة هذا النبأ عبر وسائل الإعلام الرئيسية إلا ان أي مصدر رسمي لم يعلق عليه وقد التزمت السلطات الإيرانية الصمت حياله.
وهذا الحادث يذكرنا بالحادث إطلاق النار الذي تعرض له موكب الرئيس الإيراني احمدي نجاد أثناء زيارته للإقليم بلوشستان شرقي ايران في كانون اول العام الماضي والذي أسفر عن مقتل احد أفراد حمايته وجرح آخر.
وكانت السلطات الإيرانية قد وصفت وقتها الحادث بأنه مجرد حادث عابر لكنها بعد فترة استدركت و أعلنت انه جرى نتيجة اشتباك مسلح دار بين أفراد حماية الرئيس ومن وصفتهم quot;بقطاعين والأشرارquot; وهي الصفة التي عادة ما تطلقها على الجماعات المسلحة المناهضة لنظامها.
ومن بين الحوادث الغامضة الأخرى التي شهدتها ايران في الأسابيع الماضي كان مقتل عضو quot; مكتب تحكيم الوحدة الطلابيquot; أكبر محمدي الذي كان معتقلا في سجن افين والذي طالبت مفوضية حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي بتحقيق رسمي في ظروف وفاته بعد ان أعلنت عائلة اكبر محمدي ان ابنها قتل في السجن نتيجة للتعذيب الجسدي الذي تعرض له والذي أثاره كانت واضحة على جثته. إلا أن السلطات الإيرانية رفضت الطلب وقامت بدفن محمدي سرا في مقبرة نائية في قرية بإطراف مدينة آمل شمال ايران.
و يصاف الى تلك الحوادث الغامضة التي بقيت تثير التساؤلات، حادث الكشف عن إبطال مفعول قنابل موقوتة كانت موضوعة في سيارة في شارع مولوي بالقرب من سوق طهران الكبير. وعلى الرغم من إعلان السلطات الإيرانية اعتقال شخصين قالت إنهم على صلت بمحاولة التفجير هذه إلا أنها لم تكشف عن هويتهم غير إنها اكتفت بالقول إنهم من سكان احد محافظات غرب البلاد.
ولم يذكر التقرير الإيراني اسم هذه المحافظة حيث ان في الغرب تقع عدت محافظات ملتهبة منها إقليم الاحواز العربي الذي يقع في الجنوب الغربي من ايران وهناك محافظتي كردستان و آذربيجان في جنوب غرب ايران وجميعها تشهد توترات سياسية وأمنية متواصلة.
ولكن لماذا ترفض السلطات الإيرانية الكشف عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذه الحوادث الغامضة ما دام أنها حوادث طبيعية كما تزعم. أليس هذا الإغفال والتناقض والسكوت في الكثيرمن الأحيان دليل كافي على صحة تلك التأويلات والتحليلات التي يقدمها الصحفيون والمراقبين؟
- آخر تحديث :
التعليقات