قرأت في القدس العربي بتاريخ 15/9/2006 تحقيقاً بعنوان quot;علماء دين عرب يختلفون حول دخول منفذي 11 سبتمبر الجنة أم النارquot; وأوضح التحقيق اختلاف آراء العلماء حول منفذي جريمة 11 سبتمبر، فشيخ الأزهر اعتبرهم مخربين، والشيخ العبيكان عضو مجلس الشوري السعودي رفض الحكم عليهم، أما إخوان الأردن فرأوا أن الحكم يحتاج إلى دراسة، أما مفتى سوريا فرفض المبدأ ...، وقد ناقش العلماء تصريحات الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي الذي قال:quot;إن منفذي اعتداءات 11 سبتمبر لن يدخلوا الجنةquot;، أو انهم في النار بمعني آخر.
إن مناقشة مسألة مصير هؤلاء القتلة يدل على مدى الخواء الفكري الذي تعيشه الأمة العربية والإسلامية، فهل حللنا مشاكلنا الحقيقية الآخذة بأعناقنا ولم يبق لنا سوى معرفة مصير هؤلاء الـ 19 مجرم، وهل هم في الجنة أم هم في النار؟ تماماً كما كان فقهاؤنا منذ 14 قرن عندما كانوا يتجادلون صباح مساء حتى تبح أصواتهم في فاجعة أن quot;أم المؤمنين عائشة قاتلت أمير المؤمنين علي فأيهما في الجنة وأيهما في النار؟quot;، ساهين عن نقاش مشاكلنا الحقيقية في الحياة لا بعد الممات، وبعد 14 قرن مازال الأحفاد يكررون تفاهات الأجداد !!! فهل نزعنا فتيل قنبلة الانفجار السكاني، وقضينا على البطالة، ومحونا الأمية، وقضينا على الإرهاب، وأعطينا للمرأة حقوقها لتساوي الرجل، وتتساوي مع المرأة الأوربية،وأعطينا لمواطنينا غير المسلمين المساواة التامة في حقوق المواطنة المحرومين منها منذ 14 قرن، وأعطينا حقوق الأقليات في العالم العربي، ولم يبق لنا سوي معرفة مصير هؤلاء المجرمين أهم في الحنة أم هم في النار؟هذا الجدل العقيم ذكرني بقول الشاعر: هل جاءنا أحد يخبر انه / في جنة من مات أم في نار؟، فبدلاً من الدخول في مناقشات سوفسطائية لا جدوى منها، كان على علماء المسلمين لو كانوا يملكون شجاعة دينية وأدبية، أن يجتمعوا ويعلنوا تبرئهم من هؤلاء القتلة وبخروج كل من ساهم وخطط في هذه الجريمة ابتداء من بن لادن انتهاء بكل فقهاء الإرهاب الذين أفتوا بشرعية هذه الجريمة من حظيرة الإسلام، كما سبق لي وطالبت هنا من منبر إيلاف الحر شيخ الأزهر وعلماء مكة بطرد بن لادن من حظيرة الإسلام، لأن هؤلاء القتلة أضروا بالإسلام وبنا نحن المسلمون أشد الضرر، وأضم صوتي لصوت الرئيس الإيراني المصلح السابق محمد خاتمي، الذي أعلنها صريحة بأن :quot;منفذي اعتداءات 11 سبتمبر لن يدخلوا الجنةquot;، وكذلك أتفق مع شيخ الأزهر فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي الذي أكد على أن :quot;من قاموا بتنفيذ تفجيرات الحادي عشر سبتمبر هم من المخربين الذين يسعون في الأرض فساداً، لأنهم هددوا وروعوا وقتلوا الأبرياء بالمخالفة لما قال به الإسلام، مشيراً إلى أنها أضرت بالإسلام والمسلمين، ولا يمكن أن يكافئ المخرب باعتباره مجاهداً أو شهيداًquot;، بمعني آخر انهم في النار.
وأنا أكتب هذا المقال ورد على فكري حديث طريف دار بيني وبين د. مفيد زوج الدكتورة وفاء سلطان عندما إلتقيت بهما في مؤتمر الأقباط الذي انعقد في زيورخ في مارس الماضي، حيث قال لي: quot;الإخوان المتأسلمون يقولون أن الغرب كافر وسيدخل أهله جميعاً النار،أما المتأسلمون فسيدخلون جميعاً الجنة، ولقد تخيلنا أن القيامة قامت، ودخل الغرب(الكافر) كله في النار فعلاً، ودخل المتأسلمون الجنة فعلاً، وبعد فترة وجيزة وجد الحرس شيئاً غريباً، حيث عم السكون والهدوء أهل النار، وزاد الضجيج عند أهل الجنة،فقرر الحرس أن يفتحوا الأبواب لمعرفة ما يحدث في الداخل، فوجدوا أن أهل النار(الكفرة) قد حولوا النار بالعلم والعمل إلى جنة وعاشوا في هدوء وسلام، وأن المتأسلمين قد حولوا الجنة بالجهل والتجهيل إلى فوضي عارمة.
فعلى علمائنا الأفاضل أن يتحلوا بالشجاعة الدينية والأدبية ويعلنوها صريحة واضحة وضوح الشمس: أن منفذي هذه الجريمة ليسوا من المسلمين وأن الإسلام برئ منهم، لأنهم مفسدون في الأرض مثل جميع حركات الإسلام السياسي، الذين اتخذوا من قتل الأبرياء ديناً ومن تضليل الشباب الساذج والإفساد في الأرض مهنته، عملاً بقوله تعالي :quot;من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاًquot;،أي كمن قام بحرب عالمية نووية ثالثة بهول يوم القيامة فأفني البشرية كلها في طرفة عين. حتى لا يقتدي بهم الشباب المكبوت جنسياً الذي تغرر به كل من حماس والجهاد الإسلامي، ليفجروا أنفسهم في المدنيين اليهود أو الأمريكان ويضرون بنا وبالإسلام أشد الضرر، حتى أضحت كلمة مسلم = إرهابي، وشاهت صورة الإسلام كمله لم تشوه من قبل. فهل هم فاعلون للحفاظ على البقية الباقية لسماحة المسلمين والإسلام؟ أصلى لله عز وجل أن يفعلوا.
[email protected]