خالد بن ناصر

الطبقية حالة اجتماعية تكشف عن علو مجموعة من الناس في إقليم محدد على سائر المجموعات فيه، وقد يكون ـ وهو الغالب ـ أن تعلو طبقة على أخرى والتي بدورها متعالية على غيرها .. وهكذا .

غير أن شعارات الحركات في العالم : الدينية والماركسية والإنسانية وحتى النظم الديمقراطية تزعم نبذ الطبقية، وتصمها بالمقيتة، وتدعو وتعمل على التخلص منها وإقصائها في خطابها المعلن.

بيد أن سنة الحياة و(طبيعة البشر) تنبذ هذا النبذ وتقصيه وتستهجنه، وتعتبره البصيرة الفطرية تلاعبا فجا بمنطق الأمور، وتحايلا على قانون الكون، وعسفا للقوى المنتجة، فيوما لم يستوي البيض والسود ولا السادة الأقوياء بهمهم وعزائمهم مع السوقة والغاغا بأفكارهم الدنيا، ويوما لم يكن أبناء المال والثروة كأبناء الفقر والحاجة عقلا وأدبا فضلا عن الفكر والرأي.

علمتنا الفطرة السوية (طبيعة البشر) أن يأخذ الطفل القوي أشياء الطفل الضعيف، وأن يقود الفتى الملهم سوقة حيه من الأطفال، كما أن العالم يشهد كيف أن أبناء الملوك ليسو كأبناء الفقراء وإن تعلموا ذات التعليم، فخبرات الحياة تسري في الدماء، والدماء منها النزيه ومنه الذميم، ويقال دوما عن الخسيس الذي لبس لباس الورع غلبه عرقه! فالعرق دساس.

إن إحدى أهم الحلول أن يستعاد القوس للرامي، ويرد الأمر للراعي، ولا ينازع في الأمر أهله، وأن لا تمارس التهويمات على الرعاع بأنهم سواسية؛ فيوما لم ولن يكونوا سواسية، ويكفي ما مضى من خطابات خداعة للبشر بشعارات العدل والمساواة، إن غاية العدل أن يأخذ كل ذي حق حقه، وأن يسكن كل نوع كهفه، ولم يكن للغربان سكنى الصقور، ولا للخراف منازل الأسود ! فغاية ما تفعله دعاوى الإرجاف تأزيم النفوس ورفع رؤوس الموتورين، وجلب البلبلة على الصالحين والنبلاء.

لم يعد من السائغ الاستشهاد بـ (الناس سواسية كأسنان المشط)، و(متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار)؛ إذ غاية هذا القول أن يكون منصرفا لوجه من الظلم والتكبر، فرسول الله لم يساوي بين الناس ولو فعل لكن في ذلك ظلم للشريف بالوضيع ـ وحاشاه من ذلك ـ، لكنه وضع لكل قدره، و لك أن تتأمل ـ ختاما ـ كيف أن رسول الله يوما لم يرفع صوته بالأذان ولم يؤذن كبار صحابته، فهذا العمل ـ على شرفه ـ هو لأصحاب المراتب الدنيا من حسني الصوت، هذا ولكل قاعدة شواذ كما يقال.


كاتب سعودي
[email protected]