كما توقعنا و توقع غيرنا، ففي زحمة الحوادث و الأحداث العراقية اليومية تراجعت و أنزوت كل القضايا المثيرة التي شغلت العراق و العالم العربي خلال الأيام الماضية؟ لقد إنتهى ملف فضيحة (ملجأ المعوقين و الأيتام)؟ بل و نسي النلس القصة برمتها و لم يحاسب أحد أو يستقيل أحد! أو حتى التسني لمعرفة كيف تمت معالجة الموقف و ما هي القصة الحقيقة لما حدث؟ و قد جاء قانون النفط الجديد ليجب ما قبله!! أي ليمسح الإهتمام و المتابعة عن كل القضايا الحساسة الأخرى؟ بعد ذلك خفت الأضواء الإعلامية عن فضيحة وزير الثقافة (السلفي) العراقي الرفيق المناضل أسعد كمال الهاشمي! بعد أن هربه الرفاق من عراقيين و أميركيين لجنان المنطقة الخضراء!! و التي لا يدخلها إلا المطهرون من أحزاب الدعوة و الإئتلاف و الحوار و الخوار الوطني!! وضاعت دماء آلاف الشباب العراقي البريء و في طليعتهم أبناء المناضل الوطني العراقي الشهم مثال الآلوسي (أبو الليثين و الشهداء) و هو السياسي العراقي المنفرد في رأيي بتساميه و ترفعه على الطائفية و أمراضها الموروثة و أحزابها السقيمة، و من المؤكد أن الرفيق السلفي وزير الثقافة لن يرى المحكمة و لن يقدم لها مطلقا! بل لن يحقق معه أحد و سيفلت من المتابعة و التحقيق كما أفلت من قبل الرفيق وزير الكهرباء المقطوعة أيهم السامرائي الذي خطفه الأميركان من سجنه على إعتبار كونه مواطن أمريكي!!! رغم أن الدستور العراقي (الفلتة) يمنع توزير من يحمل الجنسية الأجنبية!!! (طرطرة ما قبلها و لا بعدها)!!، و كما أفلت أيضا الرفيق وزير الدفاع المثقوب السابق (حازم الشعلان) بملايينه و هو (بريطاني و يحمل جواز سفر عربي آخر)!! ولم يحاسبه أحد أو يتمكن من جلبه!! مسجلا العراق الجديدبذلك الرقم القياسي في الوزراء الحرامية و في السياسيين اللصوص وهي مفخرة للأمتين العربية و الإسلامية!! لذلك لم يخطأ الإعلام الأميركي حين وصفنا بشعب (علي بابا)!! ثم أن اللص في الأعراف القبلية هو رجل يستحق التقدير، فيا عزيزي كلهم لصوص! أما القتلة أو المشجعين على الإرهاب و القتل الطائفي فقصتهم مختلفة بالمرة؟ فلم يسجل القضاء العراقي حادثة واحدة تم التحقيق فيها مع أطراف مهمة، و لعل الجميع يتذكر حكاية مذكرة إلقاء القبض على المدعو مقتدى محمد الصدر المتهم بقتل المرحوم الشهيد عبد المجيد الخوئي في التاسع من نيسان/ إبريل 2003 في مدينة النجف وهي الجريمة البشعة التي تمت في الهواء الطلق و أمام المشاهدين و الجمهور و كانت الإعلان الدموي الأول لولادة عصابة مقتدى الصغير و تكوين جيش اللامهدي الإرهابي الذي عاث في العراق فسادا!! و بهدف إبعاد المنافسين و خلق الزعامة المقتدوية الفاقدة للأهلية!! و قتها أصدر قاضي التحقيق السيد رائد جوحي مذكرة إلقاء القبض التي لم يجرؤ أحد حتى اليوم على تنفيذها!! حتى حكومة الليبرالي علاوي عجزت عن التنفيذ!! لكون مقتدى قد تحول للأسف في ألاعيب سياسة الإئتلاف العراقي العاجزة و الفاشلة لشخص معصوم فوق القوانين!! و بشكل يناقض بشكل فاضح كل التراث الشيعي بل قد تمت خيانة هذا التراث من قبل الأحزاب الشيعية ذاتها التي تعوي و تلطم على مصائب أهل البيت بينما تمارس في الواقع نفس أساليب الحكام الذين ينتقدونهم!!، فقضية الخوئي و مصرعه تتشابه و قضية عبيد الله بن عمر بن الخطاب حينما قتل (الهرمزان) في المدينة بعد مصرع والده على يد أبو لؤلؤة الفارسي ثم إمتناع الخليفة عثمان بن عفان عن إقامة الحد على إبن الخطاب و أكتفى بدفع الدية لأنه لا يعقل أن يموت الخليفة إغتيالا ثم يعدم إبنه في اليوم التالي لأنه أخذ بثأره و لو عن طريق الإستعجال و الظنة!!! التاريخ الشيعي ينتقد موقف الخليفة الثالث بشدة!! و لكنهم اليوم يطبقون نفس المعاملة في قضية مقتدى الصدر الذي كوفيء للأسف بتوزير أتباعه المتخلفين بل أضحى هذا القاتل الصغير يتمتع بحق الفيتو و أنشأ جيشه الخاص و تحالف مع حزب الدعوة الفاشل و مارس من الجرائم و لا يزال في النجف و الديوانية و الناصرية و البصرة ما يندى له الجبين و تم تجاهل مذكرة القاضي رائد جوحي الذي تحول اليوم لضحية فالشيعة المتطرفون يريدون قتله لأنه تعدى على عصمة إمامهم المعصوم الصغير!! و السنة المتطرفون يريدون رأسه لأنه من حقق مع قائدهم المشنوق صدام!! و أصبح القاضي هو الضحية و هو المتهم في واحدة من أكثر القضايا هزلية في تاريخ العالم!! فمن ينصف القاضي في بلد بلغت فيه المهازل الحكومية أقصى ذروتها؟ الواجب و الحق يفرضان ضرورة تطبيق القوانين على الجميع و لكن الإمام السلفي المتهم بقتل أبناء الأخ مثال الآلوسي قد أفلت من المساءلة، و كذلك الجال مع مقتدى الصغير الذي أضفيت عليه القدسية و العصمة و باتت متابعته في قضية الخوئي من المستحيلات، و كان من الواجب أن يضمهما قفص إتهام واحد لإبعاد الشبهة الطائفية!! فذلك سلفي و هذا إمامي!! و لكننا نحلم و سنظل نحلم، و ها هي قضية إغتيال المرحوم محمد باقر الحكيم في صيف 2003 قد لفها الغموض الشديد فلا معلومات و لا محاكمات علنية و لم نعرف من المسؤول عن المجزرة التي أستشهد فيها؟ و قد قيل أنه قد تم إعدام أحد المتورطين؟ و لكن من هو و كيف و لماذا؟ كلها أسئلة تدور في الفراغ فالصمت و الغموض يلف الموقف ثم يتحدثون بعد ذلك عن عدالة و شفافية و ديمقراطية و حقوق إنسان و غيرها من المصطلحات الكبرى التي فشلت في العراق على أيدي الطائفيين من الشيعة و السنة، لا فرق فالإجرام ذو طبيعة بشرية واحدة، لقد وصلت مهزلة العدالة في العراق حدودها القصوى... و لكن قبل أن أنتهي من مقالتي هل تعتقدون أن الرفيق الفريق (وفيق السامرائي) مستشار جلال طالباني سيقدم للمحاكمة في قضية الأنفال و إبادة الشعب الكردي؟ الجواب سيكون... في المشمش؟ فسيهرب كما هرب الآخرون.. و مفيش حد أحسن من حد كما يقول الرفيق الراحل فريد الأطرش؟.

[email protected]