فجأة أنزلت الفضائية العراقية المحروسة على شريطها الإخباري عنوان / خبر عاجل /؟ فحبست أنفاسي مترقبا لذلك الخبر العاجل، فإذا به يقول: إن إيران قد أهدت طائرة أيرباص 300 هدية للسيد رئيس الوزراء؟ هذا الخبر العاجل لجهاز الإعلام العراقي التعبان الذي يشرف عليه مجموعة من الذين لا علاقة حقيقية لهم بالعمل الإعلامي قدر علاقتهم بتجارة قطع الغيار و السكراب و بقية أصول الهمبكة و النفاق المتميز أصابني بالإحباط لأنه يؤشر على مقدار و حجم التدهور الإعلامي كما أنه مؤشر على حالة الضياع السياسي الحقيقية في العراق؟ فلا أدري السر الذي يجعل إيران تهدي طائرة مدنية بملايين الدولارات لمكتب رئيس الوزراء العراقي الذي هو رئيس وزراء لبلد إسمه جمهورية العراق و ليس جمهورية الصومال؟ فالعراق ليس بلدا معوزا فقيرا كي تتصدق عليه إيران و غير إيران بهذه الهدية المسمومة التي ما أحسبها إلا بضاعتنا ردت إلينا مع كميات هائلة من الخبث السياسي الإيراني المتوارث؟ فجميعنا نتذكر أن النظام البعثي البائد وفي الساعات الأخيرة التي سبقت إندلاع حرب تحرير الكويت عام 1991 كان قد هرب الطائرات العراقية المدنية و العسكرية لتكون أمانة ووديعة عند إيران لحمايتها من التدمير؟؟ وهي خطوة كانت في منتهى الغباء التكتيكي و الستراتيجي لأن الطائرات صنعت للقتل و القتال و ليست مجرد سيارات تاكسي تهرب عند المواجهة؟ و لكن منطق النظام البائد الغبي كان قد فرض نفسه على الأحداث ليفرز واقعا سياسيا مستحدثا إستغلته السلطات الإيرانية لتقوم بمصادرة تلك الطائرات بل و نكران وجودها أصلا تحت ذريعن أنها جزء من تعويضات الحرب العراقية / الإيرانية و أنها غير ملزمة بإعادة تلكم الطائرات؟ وقتها صمت النظام العراقي المهزوم و قبل بتجرع كل كؤوس المذلة أمام خيار البقاء في السلطة ثم دار الزمن دورته و حققت الولايات المتحدة هدف إسقاط النظام العراقي لتأتي الجماعات المؤيدة لإيران و تتسلق هرم السلطة في العراق من خلال الإنتخابات المسلوقة المعروفة و التي جعلت من رجال النظام الإيراني السابقين بمثابة رجال و قادة العراق الجديد الذي يعيش في حالة تراجع مفجع و فظيع منذ أكثر من أربعة أعوام عجاف تهشمت فيها كل أواصر الوحدة الوطنية و حل الخراب المبرمج و تسلل الفشل الذريع لكل مفاصل السلطة و الحياة في العراق الذي تحول اليوم لواحد من أفشل الدول في العالم المعاصر؟ فلا خدمات حياتية و لا ماء و لا كهرباء و لا أي شيء خدمي حقيقي و لا أمن و لا أمان بل كل ما تحقق هو سرقة العراق بالجملة و بالتقسيط المريح و ساد الموت و الخراب بشكل تفوق على كل روايات التاريخ المرعبة، و اليوم أمام فشل حكومة المالكي الذريع يكافيء النظام الإيراني تلك الحكومة بهدية الطائرة الإيرباص التي لا أحسبها إلا هدية مسمومة؟ فهل حكومة العراق عاجزة عن توفير طائرة لرئاسة الوزارة؟ أليست ميزانية العراق للعام الحالي قد بلغت أكثر من 41 مليار دولار؟ أين ذهبت تلكم الميزانية؟ لكي تتسول الحكومة و تقبل بالصدقات من النظام الإيراني المتورظ و المأزوم بمشاكله الخطيرة؟ و كيف تقبل الحكومة العراقية تلك الهدية و أطراف مسؤولة منها تتحدث عن تدخلات إيرانية سافرة و مرعبة في الشأن العراقي وهي تدخلات معروفة و بديهية لأن العراق يمثل اليوم خط الدفاع الأول للنظام الإيراني في أي مواجهة محتملة قادمة مع الغرب؟ كيف يرضى العراقيون بأن تتصدق إيران بطائرة على رئيس وزرائهم الذي و يا للمفارقة ترفض العديد من دول المنطقة إستقباله لفشله الذريع في حفظ أرواح العراقيين و لتفشي الروح الطائفية المريضة و فشله في الخروج و التملص من صفته الحزبية بإعتباره أحد قادة حزب الدعوة الطائفي ليكون قائدا لكل العراقيين؟ و لماذا إحتفت الفضائية العراقية بتلك الهدية التي هي إهانة حقيقية للشعب العراقي في هذا الوقت العصيب الذي تتكاثر فيه سكاكين القتل الطائفية المدعومة من إيران تحديدا؟ ولماذا لا تقوم الحكومة العراقية الحالية بمفاتحة إيران حول الطائرات العراقية التي سرقتها إيران لأن تلكم الطائرات ليست من أموال صدام و لا بقية أهله بل أنها أموال العراقيين العامة التي ينبغي على الحكومات العراقية متابعتها و إستردادها و التفاوض حول مصيرها؟ و العراق ليس من البلدان المعدمة لكي يقبل هدايا الملابس و الطائرات المستعملة؟ عيب و الله و ألف عيب؟ لقد أهدرت الدماء العراقية و اليوم أهدرت الكرامة العراقية مع هذه الحكومة العاجزة في كل شيء؟ و الخوف كل الخوف من أن تتعاطى الحكومة العراقية مع المطاليب التي طرحها قائد الإئتلاف العراقي عبد العزيز الحكيم قدسه الله و التي تتلخص في ضرورة تعويض النظام الإيراني بمبلغ 200 مليار دولار كثمن لخسائر الحرب التي شنها صدام؟ ليس بعيدا هذا الإحتمال؟ فحكومة الفشل التاريخي مستعدة لكل المفاجئات؟ فهل الطائرة الهدية الإيرانية هي رشوة إيرانية علنية للمالكي و حكومته؟ أم أنها إشارة أخرى من إشارات العار و الذل و المهانة التي تحيق بالعراق؟
البرلمان العراقي المحروس لن يناقش هذا الأمر طبعا لأنه مشغول بإجازته اليفية التي يحرص النواب الكرام على قضائها في الديار الأوروبية و الأميركية؟ فكرامة العراق ليست من ضمن أولويات لصوص العراق الجديد؟

[email protected]