[1-2]
أ ndash; تذكير:
في 19 أغسطس 2002 كتب الدكتور مأمون فندي في الشرق الأوسط: quot;إن موت النظام [ العراقي ] يعني حياة الجسد العراقي، وبقاء هذا السرطان يعني القضاء على العراقquot;، مضيفا بأنه من الصحيح أن للتغيير عواقبه التي يجب التحسب لها، وبالطبع كان التحسب مسئولية جانب القيادات العراقية خاصة، ولكن ليس هي وحدها.
كان هذا صوتا عربيا فريدا بين المثقفين العرب عهد ذاك في تأييد الحرب على نظام صدام، في حين كان الشارع العربي، وجحافل المثقفين العرب، وجموع اللحى المهتزة والعمائم الفاضلة في حالة هستيريا جماعية ضد مشروع الحرب، هاتفين بالموت لأمريكا وناعتين بوش بالإرهابي الأكبر والقاتل.
كانت النوايا الحسنة لبعض شرائح المجتمع من الأميين تختلط بقابضي كوبونات صدام، والقيادات السياسية القومية والإسلامية، الذين كانوا يحذرون من إسقاط بطل العروبة، وما ستكون لإسقاطه من أوخم العواقب على العالمين العربي والإسلامي، ما سيعنيه من انتصار الصليبية الغاشمة، الكافرة!
في تلك الأيام لما قبل الحرب نشرتُ سلسلة مقالات عن تلك الظاهرة، كان منها مقال بعنوان [quot;جنايةquot; الشعب العراقي على العرب والمسلمين] بتاريخ 28 نوفمبر 2002، حيث عبرت عن شعوري quot;بجرح عميق، يزداد كل يوم عمقا وإيلاما، من مواقف الدول العربية، حكومات ومثقفين وجماهير، من قضيتنا؛ فما بين السيد عمرو موسى، وإلى وعاظ الجوامع ورجال الدين وquot;الدعاةquot;، وإلى المثقفين العرب، ناهيكم عن المواطن البسيط، راحوا يعتبرون أنفسهم أوصياء على شعبنا، واعظين، مرشدين، يحذرون، لا من بقاء جحيم الاستبداد الدموي الذي يطحنه طحنا، بل من مخاطر مزعومة من زواله، وما سيصيب العراقيين والمنطقة العربية من كوارث كبرى عند ذاك. إن هذه quot;الرعايةquot; العربية ndash; الإسلامية المفاجئة لشعبنا تستمد quot;الشرعيةquot; عند أصحابها من المزاج العام ضد أميركا التي تبدو عازمة على إزاحة النظام العراقي... ومهما كانت أبعاد هذا التوجه الأميركي وأهدافه البعيدة، فإن عملية إزاحة النظام بالقوة العسكرية الأميركية، وبمشاركة وطنية عراقية فعالة، تلتقي مرحليا مع مصالح الشعب العراقي الذي تعجز قواه السياسية لوحدها عن إسقاط النظام.quot;
أ ndash; تذكير:
في 19 أغسطس 2002 كتب الدكتور مأمون فندي في الشرق الأوسط: quot;إن موت النظام [ العراقي ] يعني حياة الجسد العراقي، وبقاء هذا السرطان يعني القضاء على العراقquot;، مضيفا بأنه من الصحيح أن للتغيير عواقبه التي يجب التحسب لها، وبالطبع كان التحسب مسئولية جانب القيادات العراقية خاصة، ولكن ليس هي وحدها.
كان هذا صوتا عربيا فريدا بين المثقفين العرب عهد ذاك في تأييد الحرب على نظام صدام، في حين كان الشارع العربي، وجحافل المثقفين العرب، وجموع اللحى المهتزة والعمائم الفاضلة في حالة هستيريا جماعية ضد مشروع الحرب، هاتفين بالموت لأمريكا وناعتين بوش بالإرهابي الأكبر والقاتل.
كانت النوايا الحسنة لبعض شرائح المجتمع من الأميين تختلط بقابضي كوبونات صدام، والقيادات السياسية القومية والإسلامية، الذين كانوا يحذرون من إسقاط بطل العروبة، وما ستكون لإسقاطه من أوخم العواقب على العالمين العربي والإسلامي، ما سيعنيه من انتصار الصليبية الغاشمة، الكافرة!
في تلك الأيام لما قبل الحرب نشرتُ سلسلة مقالات عن تلك الظاهرة، كان منها مقال بعنوان [quot;جنايةquot; الشعب العراقي على العرب والمسلمين] بتاريخ 28 نوفمبر 2002، حيث عبرت عن شعوري quot;بجرح عميق، يزداد كل يوم عمقا وإيلاما، من مواقف الدول العربية، حكومات ومثقفين وجماهير، من قضيتنا؛ فما بين السيد عمرو موسى، وإلى وعاظ الجوامع ورجال الدين وquot;الدعاةquot;، وإلى المثقفين العرب، ناهيكم عن المواطن البسيط، راحوا يعتبرون أنفسهم أوصياء على شعبنا، واعظين، مرشدين، يحذرون، لا من بقاء جحيم الاستبداد الدموي الذي يطحنه طحنا، بل من مخاطر مزعومة من زواله، وما سيصيب العراقيين والمنطقة العربية من كوارث كبرى عند ذاك. إن هذه quot;الرعايةquot; العربية ndash; الإسلامية المفاجئة لشعبنا تستمد quot;الشرعيةquot; عند أصحابها من المزاج العام ضد أميركا التي تبدو عازمة على إزاحة النظام العراقي... ومهما كانت أبعاد هذا التوجه الأميركي وأهدافه البعيدة، فإن عملية إزاحة النظام بالقوة العسكرية الأميركية، وبمشاركة وطنية عراقية فعالة، تلتقي مرحليا مع مصالح الشعب العراقي الذي تعجز قواه السياسية لوحدها عن إسقاط النظام.quot;
ب - لماذا هذا التذكير؟
لأن الحرب على النظام البعثي المنهار لا تزال عقدة العقد السياسية عند العرب والإسلاميين، المحتقنين بكراهية الدولة العظمى التي حررت العراق، وبالحقد المسعور على شخص الرئيس بوش لأنه أقدم على خطوته الشجاعة رغم معارضة دول كفرنسا شيراك وألمانيا شرودر وروسيا بوتين، ورغم مظاهرات اليسار الغربي تحت شعارات السلام وquot; لا للحربquot;؛ وفي حينه كتبنا مقال quot;تلاقي الأضدادquot;، إشارة إلى ذلك الخليط العجيب الغريب من المحتجين والمتظاهرين في العالم ضد خطة الحرب، من دعاة سلام غربيين صادقين، ومن المصابين بعصابية كراهية أميركا لدى اليسار الغربي، ومن المتعاطفين في العالمين العربي والإسلامي مع بن لادن، و مع مغامرات صدام ومقابره الجماعية، وتهديداته العنترية لإسرائيل. كانت حملة عالمية تجمع عشرات من التيارات والاتجاهات المتناقضة المتخاصمة التي التقت للوقوف ضد إسقاط صدام بالقوة الأميركية، وذلك من منطلقات متعارضة ولأسباب متباينة تماما.
إن حادثة الحذاء البعثية، الحقيرة، جاءت هدية مبتذلة، مقرفة، للشوارع العربية والإسلامية، وللنخب المثقفة، والعمائم المتعددة الألوان، للتنفيس من جديد عن مشاعر الحقد على أميركا وعلى بوش شخصيا بسبب إسقاط نظام صدام الفاشي، الدموي. أصبح الحذاء القذر راية تجمع العرب والمسلمين، أو quot;شعار المرحلةquot; كما يصف الأستاذ حازم صاغية بمنتهى التهكم والسخرية. إيران وصفت الحادثة بquot;انتفاضة الشعب العراقيquot;، ومحامي الجاني ويعتبره quot;رمز المقاومةquot;، [ البعثية ndash; الصدرية طبعا]، ومليونير سعودي يخصص 10 ملايين دولار لشراء الحذاء ليرصع به واجهة قصره، ونواب عرب يطالبون بعرضه في متاحف النضال والانتصارات العربية، الوهمية طبعا، وجمهرة محامين يتبرعون للدفاع عن صحافة الحذاء، وهم الذين ظلوا صامتين عن جرائم صدام ضد الإنسانية، ومما له مغزى كبير للدلالة على دوافع الحادث أن محامي صدام هم الذين يتطوعون اليوم بمنتهى الحماس للدفاع عن الصحفي إياه. أما نقابة الصحفيين العراقيين، فتنقد الفعل القبيح ولكنها تحاول موازنته بما تنسبه للجنود الأميركيين من اعتداء على الصحفيين، رغم أننا لم نسمع أن جنديا أميركيا قتل صحفيا عراقيا، بل كل القتلى اغتيلوا على أيدي المليشيات نفسها، التي تخرج اليوم في مظاهرات المطالبة بإطلاق السراح، وسبق أن كتبنا مرارا عن محنة الصحفيين العراقيين، مستشهدين ببيانات النقابة ذاتها.
بعيدا عن هذه الترهات المبتذلة، الموجهة والممولة بعثيا، والتي تبعث على الاشمئزاز والقرف والاحتقار، فنحن نجد ضرورة العودة لأصل القضية مذكرين بالحقائق الصلدة، أي أركان شرعية الحرب على صدام، من النواحي الإنسانية، ومن الجانب القانوني المتمثل بقرارات مجلس الأمن، وهذا موضوع سبق بحثه عشرات المرات، ولكن في التكرار فائدة.
لأن الحرب على النظام البعثي المنهار لا تزال عقدة العقد السياسية عند العرب والإسلاميين، المحتقنين بكراهية الدولة العظمى التي حررت العراق، وبالحقد المسعور على شخص الرئيس بوش لأنه أقدم على خطوته الشجاعة رغم معارضة دول كفرنسا شيراك وألمانيا شرودر وروسيا بوتين، ورغم مظاهرات اليسار الغربي تحت شعارات السلام وquot; لا للحربquot;؛ وفي حينه كتبنا مقال quot;تلاقي الأضدادquot;، إشارة إلى ذلك الخليط العجيب الغريب من المحتجين والمتظاهرين في العالم ضد خطة الحرب، من دعاة سلام غربيين صادقين، ومن المصابين بعصابية كراهية أميركا لدى اليسار الغربي، ومن المتعاطفين في العالمين العربي والإسلامي مع بن لادن، و مع مغامرات صدام ومقابره الجماعية، وتهديداته العنترية لإسرائيل. كانت حملة عالمية تجمع عشرات من التيارات والاتجاهات المتناقضة المتخاصمة التي التقت للوقوف ضد إسقاط صدام بالقوة الأميركية، وذلك من منطلقات متعارضة ولأسباب متباينة تماما.
إن حادثة الحذاء البعثية، الحقيرة، جاءت هدية مبتذلة، مقرفة، للشوارع العربية والإسلامية، وللنخب المثقفة، والعمائم المتعددة الألوان، للتنفيس من جديد عن مشاعر الحقد على أميركا وعلى بوش شخصيا بسبب إسقاط نظام صدام الفاشي، الدموي. أصبح الحذاء القذر راية تجمع العرب والمسلمين، أو quot;شعار المرحلةquot; كما يصف الأستاذ حازم صاغية بمنتهى التهكم والسخرية. إيران وصفت الحادثة بquot;انتفاضة الشعب العراقيquot;، ومحامي الجاني ويعتبره quot;رمز المقاومةquot;، [ البعثية ndash; الصدرية طبعا]، ومليونير سعودي يخصص 10 ملايين دولار لشراء الحذاء ليرصع به واجهة قصره، ونواب عرب يطالبون بعرضه في متاحف النضال والانتصارات العربية، الوهمية طبعا، وجمهرة محامين يتبرعون للدفاع عن صحافة الحذاء، وهم الذين ظلوا صامتين عن جرائم صدام ضد الإنسانية، ومما له مغزى كبير للدلالة على دوافع الحادث أن محامي صدام هم الذين يتطوعون اليوم بمنتهى الحماس للدفاع عن الصحفي إياه. أما نقابة الصحفيين العراقيين، فتنقد الفعل القبيح ولكنها تحاول موازنته بما تنسبه للجنود الأميركيين من اعتداء على الصحفيين، رغم أننا لم نسمع أن جنديا أميركيا قتل صحفيا عراقيا، بل كل القتلى اغتيلوا على أيدي المليشيات نفسها، التي تخرج اليوم في مظاهرات المطالبة بإطلاق السراح، وسبق أن كتبنا مرارا عن محنة الصحفيين العراقيين، مستشهدين ببيانات النقابة ذاتها.
بعيدا عن هذه الترهات المبتذلة، الموجهة والممولة بعثيا، والتي تبعث على الاشمئزاز والقرف والاحتقار، فنحن نجد ضرورة العودة لأصل القضية مذكرين بالحقائق الصلدة، أي أركان شرعية الحرب على صدام، من النواحي الإنسانية، ومن الجانب القانوني المتمثل بقرارات مجلس الأمن، وهذا موضوع سبق بحثه عشرات المرات، ولكن في التكرار فائدة.
ج - الفيلسوف الفرنسي غلوكسمان يحلل:
في منتصف 2003، أي بعد أسابيع من سقوط النظام العراقي المنهار، أصدر المفكر الفرنسي المعروف quot; اندريه غلوكسمانquot;، كتابا هاما بعنوان quot; غرب ضد غربquot;. كان الكتاب مكرسا لموضوع الحرب، ويناظر فيه المؤلف بعمق وموضوعية أطروحات الساسة والمثقفين الفرنسيين الذين عارضوا الحرب بمنتهى الشراسة والقوة.
كان صوت كلوكمان فريدا في فرنسا شيراك، مثلما كان صوت مأمون فندي وأصوات عدد محدود من المثقفين العرب، نادرة للغاية، قبل الحرب وبعدها ولحد يومنا، وكان أول من أشار لهذا الكتاب بالعربية الأستاذ هاشم صالح في الشرق الأوسط في شهر أكتوبر 2003، مع ملاحظات له نتفق مع بعضها ولسنا مقتنعين ببقيتها، كما سيرد.
إن رأي غلوكسمان وتعليقنا عليه، بما في ذلك التحجج بدور مجلس الأمن، سيكون محور مقالنا التالي.
في منتصف 2003، أي بعد أسابيع من سقوط النظام العراقي المنهار، أصدر المفكر الفرنسي المعروف quot; اندريه غلوكسمانquot;، كتابا هاما بعنوان quot; غرب ضد غربquot;. كان الكتاب مكرسا لموضوع الحرب، ويناظر فيه المؤلف بعمق وموضوعية أطروحات الساسة والمثقفين الفرنسيين الذين عارضوا الحرب بمنتهى الشراسة والقوة.
كان صوت كلوكمان فريدا في فرنسا شيراك، مثلما كان صوت مأمون فندي وأصوات عدد محدود من المثقفين العرب، نادرة للغاية، قبل الحرب وبعدها ولحد يومنا، وكان أول من أشار لهذا الكتاب بالعربية الأستاذ هاشم صالح في الشرق الأوسط في شهر أكتوبر 2003، مع ملاحظات له نتفق مع بعضها ولسنا مقتنعين ببقيتها، كما سيرد.
إن رأي غلوكسمان وتعليقنا عليه، بما في ذلك التحجج بدور مجلس الأمن، سيكون محور مقالنا التالي.
التعليقات