فِي البَدء لابد من القَول أنَّ القَلب يَتقاطر حُزناً على مَشاهد الأبرياء وهُم يُواجهون المَوت ndash; رَغْماً عَنْهُم ndash; والأبرياء هُنا هُم كُل من لا يُريد الحَرب، ولم يَكن سَبباً في إِشعالها، سواء في الطَّرف الفلسطيني أو الطَّرف الإسرائيلي!!
فالقتل ndash; في أي مَكان ndash; مَنظره مُخيف، لا أظنّ أن أحداً يُؤيده أو لا يَتألم لرُؤيته، لهذا ابتهل إلى المولى - جلّ وعزّ - بأن يَحفظ البِلاد ويَهدي العِباد، إنَّه ولي ذلك والقادر عليه.. هذا أفضل بكثير من استغلال الحرب في غزة، لشتم الحُكومات القيادات السياسيّة، وتفريغ العُقَد النَّفسيّة التي تُعاني منها الشُّعوب العربيّة!!
في أمر غزة.. إمَّا أن تكون مع غَزة وبالتَّالي مع مُراهقي quot;حَماسquot;، وإمَّا أن تَكون صَاحب قَلم مُتهم بالتُّهم إيَّاها.. وهي quot;الأمركةquot; أو quot;الخيانةquot;، أو quot;العمالةquot; أو quot;الخذلانquot;، أو quot;عدم الإحساسquot;.. ولكن كيف أصرخ وأقول: إنَّنا مع إخواننا الأبرياء في كُل مكان، ولكنَّنا نَرفض وبكُل وُجوه الرَّفض ndash; أن نُؤيد حَماس أو نُبارك مُراهقتها السياسيَّة،.. كما نَرفض أن تَتحول حُروب غَزة إلى مَهرجانات خِطَابيّة، يَكون فيها تَزيين القَصائد وتَزويق المُعلَّقات هُو الهَاجس، وكأنَّ لكُل أزمة مُستفيدوها وقَابضو ثَمنها!!
أُلاحظ ndash; كما يُلاحظ الكَثيرون - بأنَّ أعضاء حَماس ومُتحدثيها ndash; ذوي الألسُن الطَّويلة ndash; مُتفرقون بين دِمشق وبَيروت وعَمَّان، وهُنا أو هُناك من مُختلف المكان، الأمر الذي يَطرح سُؤالا: أين هُم من المُواجهة؟!.. ألا يَجدر بِهم أن يَكونوا فِي الصَّف الأول مع الذين يُدافعون عن quot;غَزةquot;؟!.. خَاصَّة وأنَّهم ذوي ألسُن طَويلة وأجسامٌ ثَقيلة وعُقولٌ جَليلة، ويَصْبرون على الموت، وإذا مات أحدهم فالشَّهادة لَه والجَنَّة بانتظاره، لماذا غابوا عن المُواجهة المُسلحة؟!.. أم هُم ndash; كالعَادة ndash; يُرسلون أبناء الضُّعفاء وquot;الغَلابةquot; للانتحار، فِيما يُرسلون أبناءهم للدِراسة في أمريكا وفرنسا وبريطانيا، تِلك الدّول التي تُمثِّل جَنة الحَياة الدُّنيا؟!!
للمرة الثانية.. نَدعو الله بأن يُجنِّب الأبرياء quot;السُّوءquot;، فهُم وَقود الحَرب في كُل زمانٍ ومكان، وهذا أمر مُؤلم ومُوجع.. أمَّا أن نخلط الأوراق بحيث تكون قضيّة غزة وقضيّة حماس وجهان لعُملة واحدة، فهذا مَرفوض.. لأنَّ حَماس اعتمدت على إيران وحزب الله، لتكون أُضحوكة بيدهما، وأرجوزاً يلعبان بها، أو لِنَقُل أن حماس أَمْسَت مَخلبَ إيران في المَنْطقة.. إزاء هذا العقد غير المقدس،لانملك إلا أن نَدْعُو الله بأن يُبارك لسَعيد بسَعيدة.. ويَرزقهم quot;مَحبة هنيّةquot;!!
في هذا الوَقت العَصيب.. يُراد مِنَّا أن نَكون مع الغَوغاء والشَّارع والعَامة، ومع الخيل يا شَقراء، تلك المَجاميع التي تُنادي لحَماس، وتَفتدي أشاوسها الذين يُجاهدون بالكَلام quot;لا بالرُّوح والدَّمquot;، وهَذه كَارثة.. كَارثة أن تَدخل وتُدافع، وتُجادل وتُناصر أُناس لا تَرتاح لرُؤيتهم، ولا تَطمئن لتَوجههم.. يَجب أن نُراجع الخُطى، لنَتأمل مَاذا قَال في لحظة صَادقة مَارك توين: (عِندما تَجد نَفسك مع الأغلبية، فاعلم أن الوَضع يَتطلب الإصلاح)!!
إنَّني أقول لإخواني كُتَّاباً وعَامَّة، وقُراءً ودهماء، ردِّدوا دُعاء السَّلف القَائل: (اللهم أَرِنا الحَق حَقاً وارزُقنَا اتّباعه، وأَرِنَا البَاطل بَاطلاً وارزُقنَا اجتِنَابه)!!.