تدخل اللحية في السياق الثقافي بوصفها مظهراً من مظاهر المرء، وإعفائها عادة يمارسها البشر بقطع النظر عن أديانهم وألوانهم وجهاتهم وأعرافهم!

ولا يختلف شخصان على أنها في السياق الإسلامي تعتبر سنة، تكفلَ علماء الإسلام بإفراد الكتب والبحوث لها وأحكامها وطولها وشكلها وحكم صبغها! ولعل أقرب الكتب إلى الذاكرة ساعة كتابة هذه السطور، كتاب quot;اللحية في ضوء الكتاب والسنةquot; للشيخ علي عبد العال الطهطاوي.

وإرسال اللحية، قبل الإسلام وبعده،، والتعليق على حاملها، والتندر من طولها وشكلها، هي عادة تمارسها كثير من شعوب الأرض، الأمر الذي يجعلنا نقبل بعض ما يقال عنها، بحجة أنه منتوج بشري لا يستهدف quot;السخرية من الإسلام وأهلهquot;

فاليهود يربون لحاهم، وأكثر الملحدين اشتهروا بطول اللحى، بل أنهم جعلوها علامة تميز لا علامة تقوى وورع!

وقد أكثر صاحب كتاب quot;اللحية في ضوء الكتاب والسنةquot; على أهمية اللحية بقوله: (ويحرم حلق اللحية، ولا يفعل الحلق إلا المخنثون من الرجال) ص27

هذا الحكم القاسي أورث شيئاً من ردة الفعل المساوية له في القوة والمضادة له في الاتجاه، مما حدا بأحدهم إلى جمع ما قيل في ذم اللحى.. ومن ذلك ما رُوي عن الإمام مالك أنه قال قرأت في بعض الكتب (لا تغرنكم اللحى، فإن التيس له لحية)!

وقال أبو عمر بن العلاء: (إذا رأيت الرجل طويل القامة، صغير الهامة. عريض اللحية، فاقضي عليه بالحُمق، ولو كان أمية بن عبد شمس)!

وقال هشام بن عبد الملك: (يعرف حمق الرجل بخصال أربع: بطول لحيته، وبشاعة كنيته، ونقش خاتمه، وإفراط شهوته)!

ومن اغرب المضايقات التي تعرض لها أصحاب اللحى أن القيصر بطرس الأكبر في عام 1698م فرض ضريبة على الملتحين من أمراء وفلاحين وكهنة، وهؤلاء هم غالبية السكان)!

ومؤخراً قضت محكمة بريطانية بأحقية أحد المتاجر في رفض توظيف عامل ملتحٍ، لما تمثله اللحية من مخاطر على الصحة. وقال القاضي: إن المحكمة توافق على أن شعر الرأس والوجه، يشكلان مخاطر على سلامة الطعام. وأكمل القاضي قائلاً: لو تقدمت للعمل سيدة ذات لحية لكنا رفضنا توظيفها أيضاً!

وحتى لا ينصرف الذهن هنا، و ذكر القراء بأن الكاتب/ أحمد شوقي الفنجري في مجلة quot;روز اليوسفquot; في 10/10/1994م كتب مقالاً تحت عنوان: (أصحاب اللحى في خدمة الشعب) قال فيه: (الكثير من الموظفين، وخاصة أصحاب اللحى الطويلة، والزبيبية البارزة، ومنهم من يعمل في مراكز خدمة الجماهير في مختلف مصالح الدولة، أو في شركات توظيف الأموال التي نهبت الكثير من أموال المسلمين، تراهم يغادرون مكاتبهم، ويتركون المواطنين يقفون بالطوابير الطويلة، ويهربون من العمل بحجة صلاة الظهر.. فإذا اعترض الناس بأن الأذان باقٍ عليه وقت طويل، قالوا: إنهم يريدون الوضوء. ونسألهم: يا جماعة الخير، ألا يوجد بينكم فرد واحد محتفظ بوضوئه منذ خروجه من البيت؟ قالوا: بلى، ولكننا نريد أن نجدد وضوءنا..!

هذا شأن اللحية... فماذا أنتم فاعلون!؟

أحمد عبد الرحمن العرفج

[email protected]