بعد نوع من السكوت حول احداث قرتبة و من ثم خانقين كسر السيد على الدباغ الناطق الرسمي للحكومة العراقية يوم الاربعاء الماضي هذا الصمت الملئ بتفسيرات مختلفة، و من ضمن ما صرح به الناطق تصريحه حول ما اعتبرها السيد رئيس الوزراء ضرورة ارسال القوات الفدرالية الى المناطق الكردستانية الملحقة بمحافظة ديالى و من ضمنها مدينة خانقين.


بالتأكيد لرئيس الوزراء كونه القائد العام للقوات المسلحة حق اتخاذ القرار بارسال القوات الى اية بقعة من بقاع العراق، و لكن مآخذ القيادة الكردستانية حول هذا القرار تشمل جانبين مهمين اولاَ ألية اتخاذ القرار و ثانياً التوقيت لاتخاذ هكذا قرار.


نحن نعرف و سيادة رئيس الوزراء الفدرالي يعرف جيداَ أن اتخاذ قرار كهذا يجب ان يؤخذ بطريقة جماعية، اقصد بالجماعة تلك الهيئات و المسؤولين المعنيين بالملف الامني في المؤسسات الامنية العراقية، فهل يمكن للسادة رئيس الوزراء و السيد الدباغ و آخرين أن يشرحوا بشفافية تامة كيف تم اتخاذ ذلك القرار؟ و من هم الذين شاركوا في اتخاذه؟ و هل بامكانهم تبرير تهميش بعض القيادات المعنية بالموضوع؟ هل أن القرار بحث في الدائرة المعنية بأتخاذ مثل تلك القرارات؟ أم بحث فقط في دائرة ضيقة متمثلة كما هو معروف بوزارات الظل داخل مكتب رئيس الوزراء؟ و هل ان اتخاذ القرار جرى بشكل واقعي؟ اي هل بحث الذين اتخذوا القرار تداعيات ارسال القوات الى المناطق الكردستانية التي يعتبرها الدستور بالمناطق المتنازع عليها المشمولة بالمادة 140 من الدستور؟ هل ان التوقيت كان مناسباَ؟ و ماهي الضرورات التي رأتها الدائرة التي اتخذت القرار بأرسال القوات الى خارج الدائرة المبتلاة بالارهاب في محافظة ديالى؟ حتى السيد على الدباغ اكتفى في تصريحه بأشارة عابرة و جملة مبهمة بهذا الصدد دون ان يشرح للرأي العام تلك الضرورات. هل ان اتساع رقعة عمليات بشائر الخير لتشمل المناطق الأمنة في ديالى جاء كضرورة عسكرية لانجاح العمليات؟ هل كانت القصبات التي ارسلت اليها القوات و بطريقة استفزازية كانت تعتبر اوكاراَ للارهابيين؟ خاصة أن بوادر العنف قد عادت الى بعقوبة و قصبات اخرى بعد أن ورط قرار رئيس الوزراء تلك القوات بمشكلة ذات ابعاد سياسية في خانقين و النواحي التابعة لها، حيث انهكها نفسياَ لأن تلك القوات رأت انها متورطة بقضية سياسية خارجة عن مهام القوات المسلحة دستورياَ و مع من؟ مع شركائها في العملية السياسية و عمليات استتباب الامن في العراق.


لو اتخذ هذا القرار بآلية جماعية و في وقت مناسب لربما اصبحت مهام تلك القوات موضع ترحاب و مساندة الجماهير و القيادات السياسية في المنطقة، و لكن الوقت كان غير مناسباَ تماماَ و ذلك بسبب التداعيات التي ولدتها الازمة السياسية التي عصفت بالعراق و العملية السياسية بسبب قانون انتخابات المحافظات الذي استغل لاهداف غير تشريعية و لضرب مبدأ التوافق الذي بنيت عليه العملية السياسية و بناء الدولة الدستورية و ربما لأهداف اخرى نتجنب بحثها في الوقت الحاضر حرصاَ على مستقبل الحوار و التحاور للخروج من الأزمة التي تعصف بالعملية السياسية منذ 22 تموز الماضى و لايعرف احد افاقها اذا استمرت بعض قيادات الحكومة العراقية من ضمنها السيد رئيس الوزراء و الدائرة الضيقة حوله على الاسلوب المتزمت في التعامل مع الأزمة التي مازالت تتفاعل على اكثر من مستوى.


نحن كشركاء للسيد رئيس الوزراء نعرف ونتفهم جيداَ الضغوطات التي تمارس عليه من شتى المراكز العراقية و الخارجية خاصة ما تتعلق بالاتفاقية العراقية الاميركية المرتقبة، و تعتبر القيادة السياسية الكردستانية نفسها شريكة في التعاطي مع تلك الضغوطات، كما وقفت وقفة الشريك الصادق معه في السنتين الماضيتين حينما كانت الضغوطات تمارس عليه علناَ و كادت الاوضاع تنقلب عليه و على العملية السياسية برمتها بشكل مخيف، وأحيانأ كنا الوحيد ين فى الساحة المتمسكين بحكومة دولة السيد المالكى.


و في الوقت الحاضر ايضاَ أن القيادة السياسية الكردستانية ليست بصدد ترك رئيس الوزراء لوحده امام تلك الضغوطات المتنوعة، ولكن على سيادته هوالآخر أن يميز بين العوامل الاستراتيجية للاستقواء و العوامل المهزوزة التي تعتمد على ارضاء البعض على حساب مكتسبات الشعب الكردستاني. و بالطبع ان السيد رئيس الوزراء ملم بتاريخ العراق و تناقضاته و يعرف جيداَ أن تهميش الكرد و اعادة خلق الشعور بالغبن لديهم يولد نتائج سلبيه و بعكسه يعتبر اشتراك الكرد عاملاَ مهماَ في ايجاد دولة مستقرة منفتحة على الافاق الرحبة للتطور و الازدهار من عدمها، و هذا ليس تذكيراَ بل انه دعوة لاعادة التفكير و اعادة تقييم ما تم بناؤه طيلة السنوات الخمس الماضية، ومن ثم اعادة النظر في أليات اتخاذ القرارات ذات الطابع المعقد خاصة تلك التي تضر بالتحالفات الاستراتيجية و بمعنى الشراكة، لان النتائج و تداعيات أ و حتى مستقبل الشراكة المنقوصة تبقى منقوصة و تبقى شراكة منقوضة كما شاهدناها في تموز الماضى.


ازاد جندياني