البداوة المقنعة
في مقالنا السابق في ايلاف حول quot;الهجرة من الريف وترييف المدنquot; تطرقنا الى اسباب النزوح الجماعي من الريف الى المدن وعوامل الدفع والجذب وكذلك الى المشاكل والتوترات التي ترتبت على ذلك.
فالهجرة من الريف الى المدن هي ليست مجرد انتقال جغرافي من مكان الى آخر، لأن الانتقال من المجتمع الريفي بقيمه وتقاليده واعرافه وعصبياته الى المجتمع الحضري دون المرور بفترة انتقالية يتم فيها تفكيك تلك القيم والاعراف، هو عملية معقدة وتحتاج الى ظروف وشروط اجتماعية واقتصادية وثقافية تساعد على التأقلم والانسجام والتحضر وفي مقدمتها تحويل الانتماء من العشيرة الى المجتمع الحضري والولاء للدولة والمجتمع المدني ومن ثم الخضوع الى سلطة القانون المدني وليس الاعراف والقيم القبلية، والذي ينعكس في البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وبخاصة في العلاقات العائلية والتعليمية والمهنية، التي تتأثر بدورها بطرائق التفكير والعمل والسلوك للريفين النازحين الى المدن من جهة، وحدوث تغير وتبدل وتحول في نمط الحياة والسلوك والعلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تضطر النازحين الى الاندماج والتأقلم النسبي في حياة المدن، مثلما تضطرهم الى الاندماج القسري في العلاقات الرسمية وغير الرسمية والخضوع الطوعي لوسائل الضبط الاجتماعية الوضعية والعرفية من جهة اخرى، وتحولهم بعد حين الى مجرد افراد تمتلخهم المدن من جذورهم وثقافتهم لتلقي بهم في شوارع المدن المزدحمة والمعامل والاسواق والاعمال الخدمية والترفيهية. وسرعان ما تصطدم هذه الفئات المضطهدة مع السلطة من جهة، ومع سكان الاحياء السكنية والفئات الاجتماعية المرفهة وتنتهز الفرص وتتدافع للدخول من أية ثغرة ممكنة الى الحياة المدينية ومن ثم تحاول التحكم فيها، من خلال ثقلها الكمي وليس النوعي، لتنخرط في الاخير في الحركات والاحزاب السياسية، أي كانت، لتصير في الاخير وقود هذه الحركات وضحيتها في آن.
واذا اختفت او ضعفت بعض المظاهر الخارجية للقيم والعلاقات العشائرية فان القيم والاعراف والعصبيات المتولدة من مركب quot; التغالبquot; البدوي تبقى عميقة الجذور في السلوك الاجتماعي ndash; الحضري، بفعل ترييف المدن، لتظهر بين آونة واخرى في السلوك اليومي مغلفة في احيان كثيرة بغلاف من التحضر السطحي الذي سرعان ما ينكشف في الممارسات العملية، عندما تضعف الدولة وتتغلب القيم والعادات العشائرية والطائفية على القيم الحضرية، وهو ما اطلق عليه محمد جابر الانصاري بظاهرة quot; البداوة المقنعةquot; التي رافقت ترييف المدن العربية.
في مقالنا السابق في ايلاف حول quot;الهجرة من الريف وترييف المدنquot; تطرقنا الى اسباب النزوح الجماعي من الريف الى المدن وعوامل الدفع والجذب وكذلك الى المشاكل والتوترات التي ترتبت على ذلك.
فالهجرة من الريف الى المدن هي ليست مجرد انتقال جغرافي من مكان الى آخر، لأن الانتقال من المجتمع الريفي بقيمه وتقاليده واعرافه وعصبياته الى المجتمع الحضري دون المرور بفترة انتقالية يتم فيها تفكيك تلك القيم والاعراف، هو عملية معقدة وتحتاج الى ظروف وشروط اجتماعية واقتصادية وثقافية تساعد على التأقلم والانسجام والتحضر وفي مقدمتها تحويل الانتماء من العشيرة الى المجتمع الحضري والولاء للدولة والمجتمع المدني ومن ثم الخضوع الى سلطة القانون المدني وليس الاعراف والقيم القبلية، والذي ينعكس في البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وبخاصة في العلاقات العائلية والتعليمية والمهنية، التي تتأثر بدورها بطرائق التفكير والعمل والسلوك للريفين النازحين الى المدن من جهة، وحدوث تغير وتبدل وتحول في نمط الحياة والسلوك والعلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تضطر النازحين الى الاندماج والتأقلم النسبي في حياة المدن، مثلما تضطرهم الى الاندماج القسري في العلاقات الرسمية وغير الرسمية والخضوع الطوعي لوسائل الضبط الاجتماعية الوضعية والعرفية من جهة اخرى، وتحولهم بعد حين الى مجرد افراد تمتلخهم المدن من جذورهم وثقافتهم لتلقي بهم في شوارع المدن المزدحمة والمعامل والاسواق والاعمال الخدمية والترفيهية. وسرعان ما تصطدم هذه الفئات المضطهدة مع السلطة من جهة، ومع سكان الاحياء السكنية والفئات الاجتماعية المرفهة وتنتهز الفرص وتتدافع للدخول من أية ثغرة ممكنة الى الحياة المدينية ومن ثم تحاول التحكم فيها، من خلال ثقلها الكمي وليس النوعي، لتنخرط في الاخير في الحركات والاحزاب السياسية، أي كانت، لتصير في الاخير وقود هذه الحركات وضحيتها في آن.
واذا اختفت او ضعفت بعض المظاهر الخارجية للقيم والعلاقات العشائرية فان القيم والاعراف والعصبيات المتولدة من مركب quot; التغالبquot; البدوي تبقى عميقة الجذور في السلوك الاجتماعي ndash; الحضري، بفعل ترييف المدن، لتظهر بين آونة واخرى في السلوك اليومي مغلفة في احيان كثيرة بغلاف من التحضر السطحي الذي سرعان ما ينكشف في الممارسات العملية، عندما تضعف الدولة وتتغلب القيم والعادات العشائرية والطائفية على القيم الحضرية، وهو ما اطلق عليه محمد جابر الانصاري بظاهرة quot; البداوة المقنعةquot; التي رافقت ترييف المدن العربية.
لقد ساعد النزوح الريفي الى المدن على احداث تبدلات اجتماعية واقتصادية وسياسية واخلاقية بفعل ما يحمله النازحون من قيم واعراف وعصبيات من جهة، وتعطشهم لحياة المدينة وترفها وملذاتها المادية والمعنوية التي كانوا يحلمون بها من جهة اخرى، وكذلك اصطدامهم بمشاكل المدينة وعقباتها وصراعهم مع quot; مترفي quot; الاحياء الراقية التي دخلوها عنوة ليحدثوا في حياة المدينة خللا وفوضى اجتماعية واقتصادية وحتى سياسية، وفي العلاقات الاجتماعية تفككا، وفي توزيع الادوار والمكانات الاجتماعية تدميرا، خصوصا في حالة غياب أمن اجتماعي واستقرار سياسي وتخطيط تنموي علمي وعدم وجود مؤسسات مدنية قوية وثابتة، مما شجع على احياء المتخلف من قيم المدينة والريف ليرفد بها عصبيات قبلية ومذهبية وطائفية ومهنية كانت مطمورة تحت سطح المجتمع، وهوما سبب تآكلا في دور المدينة واستقرارها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. وقد تجاوزت هذه العصبيات الحياة المدينية، مما سهل صعود كثير من متخلفي الريف وشقاوات المدن والمهمشين منهما الى الحركات والاحزاب السياسية الثورية، ودفعت بنفسها شيئا فشيئا الى الخطوط الامامية. وما ارتداد عدد من الحركات والاحزاب السياسية والتنظيمات القبلية والدينية والاجتماعية الى عصبياتها العشائرية الا مؤشرا على عودتها الى قيمها واعرافها الكامنة، وهي في ذات الوقت، سببا من اسباب ضعف قيم التحضر وعدم وجود هامش من الحرية والتعددية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان وعدم الوعي بها وصعوبة ممارستها في الواقع الاجتماعي.
ان القيم والاعراف والعصبيات العشائرية والطائفية، التي تتعارض مع قيم ومعايير التمدن والتحضروالتعددية والديمقراطية، تحاصر المدن اليوم من جميع جوانبها وتتداخل مع قيمها ومعايرها وثقافتها وتضغط بكثافة عصبياتها على البنيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية عن طريق العشائر والعوائل والطوائف والاحزاب وتهجم بكثافتها الكمية وليس النوعية وتخترق المؤسسات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية وتنتهز أية فرصة للتسلق الى قممها وتتحول الى قوة ضاربة quot;تضعف الدولة quot; التي لم تكتمل وتنضج، وكذلك مؤسساتها المدنية الوليدة مستخدمة بذلك احدث الوسائل والادوات التقنية التي تساعدها على تثبيت ارجلها وترفع شعارات براقة للدفاع عن الامة والوحدة والوطن لاضفاء الشرعية والقداسة على اعمالها وتبريرها وحماية ذاتها وتحويلها الى quot;مشيخاتquot; وquot;طوائفquot; و quot;عوائل quot; وquot;ميليشياتquot;، مثلما تحولت بعض مؤسسات الدولة الى quot; دواوينquot;، مستخدمة في ذلك احدث الوسائل التكنولوجية التي تساعدها على تثبيت ارجلها في السلطة وترفع شعارات اسلامية وقومية ووطنية براقة لاضفاء الشرعية على سلطتها وتبريرها وحماية ذاتها. ومما يزيد في هذه quot;الردة الحضاريةquot; تشجيع بعض اصحاب القرار لها في اعادة انتاج القيم والاعراف والعصبيات العشائرية والطائفية، التي اخذ بعض منها بالتفكك والانحلال وترسيخها من جديد، بعد ان عجزت عن تأسيس دولة القانون والمجتمع المدني وتوفير هامش من الحرية واحترام الرأي والرأي الآخر.
مدن الضواحي الرثة
ومنذ مطلع الستينيات بدأت اولى مدن الضواحي في بغداد بالنمو حيث اخذت مدينة الثورة تتطور كمنطقة سكنية بائسة كانت تعرفquot; بصرائف خلف السدةquot; في شرق بغداد، التي بنيت من الطين والقصب والصفائح المعدنية، حيث كان يسكن في كل صريفة منها عدد كبير يتراوح بين خمسة وعشرة اشخاص. وقد بلغ عدد صرائف خلف السدة 16413 صريفة موزعة على تسع مناطق تضم 92174 نسمة وقد اقيمت في موقع كانت بلدية بغداد تستخدمه كمدفن للفضلات البشرية والنفايات والحيوانات الميتة. والواقع لم تتخذ الحكومات منذ العهد الملكي أية اجراءات ملموسة للتخفيف من معاناة النازحين، بالرغم مما تعكسه الحياة البائسة في الصرائف من فقر وجهل ومرض. فلم يكن في اغلب هذه الصرائف ماء جار ولا كهرباء. كما ان هذه الاكواخ البسيطة والفقيرة بالاثاث ولوازم الحياة الضرورية لا تستطيع الصمود امام برد الشتاء وامطاره ورياحه، ولذلك كانت وما زالت مصدرا لقلق سياسي مستمر وذلك لوعهم بفقرهم وبمكانتهم الاجتماعية.
وفي منتصف الخمسينات كلفت الحكومة العراقية مؤسسة دوكسياكس الاميركية باقامة مشروع سكني وطني للبناء والاعمار وتدريب المهندسين من بينها مشروع جامعة بغداد وبناء دار الاوبرا في بغداد، اللذين لم ينجزا.وقامت المؤسسة بوضع مخطط لتطويق مدينة بغداد بوحدات سكنية جاهزة، متعامدة ومنفصلة، تمتد على ضفتي نهر دجلة وتتألف من اربعين قطاعا وتبلغ مساحتها حوالي كيلومترين مربعين، تفصلها عن بعضها طرق مرور عريضة. وقد قسمت هذه المناطق بدورها الى وحدات quot;بلديةquot; بمراكز صغيرة وأحياء سكنية تابعة لها، ووضعت تحت منظومة من الطرق المقفلة. ويتألف كل مركز بلدي من سوق ومسجد ومرافق عامة. وقد صممت البيوت المتلاصقة باسلوب يوفر لسكان البلديات الصغيرة اماكن للالتقاءات المفتوحة التي تستند الى التقاليد العراقية المعروفة وتنسجم مع المناخ الحار وفي ذات الوقت، صمم اسلوب العمارة بطراز حديث متحفظ تواليا، حيث تتخلله لمسات محلية مزينة بالنقوش العربية تتضمن بدورها التكافل الاجتماعي، لئلا يشعر المهاجرون الجدد الى المدن والقادمون من المناطق الريفية بالنفور من نمط الحياة المدينية او quot;الوقوع ضحية التصورات الغيبية أو الافكار الشيوعية quot; وغيرها.
ان مشروع دوكسيادس لبناء مشاريع سكنية كان يهدف في الحقيقة الى تأسيس مدن ذات quot;آليات للتحررquot; تنتمي الى قائمة التحديث الاميركية والرامية الى بناء مؤسسات ديمقراطية تقوم على نظام السوق الحر، ولذلك لم يستعن بالتقنيات المحلية ولم يعبأ كثيرا بالهوية المحلية والتقاليد الثقافية العريقة للبلد.
ومنذ مطلع الستينيات بدأت اولى مدن الضواحي في بغداد بالنمو حيث اخذت مدينة الثورة تتطور كمنطقة سكنية بائسة كانت تعرفquot; بصرائف خلف السدةquot; في شرق بغداد، التي بنيت من الطين والقصب والصفائح المعدنية، حيث كان يسكن في كل صريفة منها عدد كبير يتراوح بين خمسة وعشرة اشخاص. وقد بلغ عدد صرائف خلف السدة 16413 صريفة موزعة على تسع مناطق تضم 92174 نسمة وقد اقيمت في موقع كانت بلدية بغداد تستخدمه كمدفن للفضلات البشرية والنفايات والحيوانات الميتة. والواقع لم تتخذ الحكومات منذ العهد الملكي أية اجراءات ملموسة للتخفيف من معاناة النازحين، بالرغم مما تعكسه الحياة البائسة في الصرائف من فقر وجهل ومرض. فلم يكن في اغلب هذه الصرائف ماء جار ولا كهرباء. كما ان هذه الاكواخ البسيطة والفقيرة بالاثاث ولوازم الحياة الضرورية لا تستطيع الصمود امام برد الشتاء وامطاره ورياحه، ولذلك كانت وما زالت مصدرا لقلق سياسي مستمر وذلك لوعهم بفقرهم وبمكانتهم الاجتماعية.
وفي منتصف الخمسينات كلفت الحكومة العراقية مؤسسة دوكسياكس الاميركية باقامة مشروع سكني وطني للبناء والاعمار وتدريب المهندسين من بينها مشروع جامعة بغداد وبناء دار الاوبرا في بغداد، اللذين لم ينجزا.وقامت المؤسسة بوضع مخطط لتطويق مدينة بغداد بوحدات سكنية جاهزة، متعامدة ومنفصلة، تمتد على ضفتي نهر دجلة وتتألف من اربعين قطاعا وتبلغ مساحتها حوالي كيلومترين مربعين، تفصلها عن بعضها طرق مرور عريضة. وقد قسمت هذه المناطق بدورها الى وحدات quot;بلديةquot; بمراكز صغيرة وأحياء سكنية تابعة لها، ووضعت تحت منظومة من الطرق المقفلة. ويتألف كل مركز بلدي من سوق ومسجد ومرافق عامة. وقد صممت البيوت المتلاصقة باسلوب يوفر لسكان البلديات الصغيرة اماكن للالتقاءات المفتوحة التي تستند الى التقاليد العراقية المعروفة وتنسجم مع المناخ الحار وفي ذات الوقت، صمم اسلوب العمارة بطراز حديث متحفظ تواليا، حيث تتخلله لمسات محلية مزينة بالنقوش العربية تتضمن بدورها التكافل الاجتماعي، لئلا يشعر المهاجرون الجدد الى المدن والقادمون من المناطق الريفية بالنفور من نمط الحياة المدينية او quot;الوقوع ضحية التصورات الغيبية أو الافكار الشيوعية quot; وغيرها.
ان مشروع دوكسيادس لبناء مشاريع سكنية كان يهدف في الحقيقة الى تأسيس مدن ذات quot;آليات للتحررquot; تنتمي الى قائمة التحديث الاميركية والرامية الى بناء مؤسسات ديمقراطية تقوم على نظام السوق الحر، ولذلك لم يستعن بالتقنيات المحلية ولم يعبأ كثيرا بالهوية المحلية والتقاليد الثقافية العريقة للبلد.
مدينة الثورة (الصدر)
وقد حاولت الحكومة العراقية ولأول مرة بعد ثورة تموز 1958 التخفيف من صعوبات السكن في الصرائف عن طريق دمج سكانها في المدن ومحاولة منع الهجرة من الريف الى المدن واكمال أهم مشروع انجزه دوكسيادس وهو مشروع quot;مدينة الثورةquot;، الذي هو عبارة عن مربعات متكررة الى ما لا نهاية من بنايات ذات طابق واحد أو طابقين وبشوارع وأزقة ضيقة وتكون قطاعات سكنية متعددة يضم كل قطاع منها ألف دار أو اكثر.
وكانت اجراءات الحكومة العملية قد اقتصرت على القضاء على الصرائف عن طريق تهديم الاكواخ والبيوت القصديرية وتسليم اصحاب الصرائف قطع ارض صغيرة تتراوح مساحاتها بين 60 و100 متر مربع من الحكومة وكذلك تسليمهم قروضا مالية من البنك العقاري لبناء دور سكن صغيرة لهم. وسرعان ما نمت مساكن شعبية عديدة ومن مناطق جديدة في اطراف بغداد امتلأت بكثافة سكانية عالية وذلك لان اكثر من عائلة واحدة اضطرت للسكن في بيت شعبي صغير. وهكذا تكونت في شرق وغرب بغداد احياء سكنية شعبية، كمدينة الثورة التي توسعت حتى اصبح عدد سكانها اكثر من مليوني نسمة، معظمهم من الشيعة العراقيين النازحين من المدن الجنوبية. كما توسعت الشعلة والقاهرة والشعب وغيرها من الاحياء الشعبية الكبيرة. وكان اغلب سكان الصرائف من منطقة الشاكرية بكرادة مريم غربي بغداد ومن منطقة خلف السدة شرقي بغداد.
وبعد انقلاب شباط 1963 توسعت مدينة الثورة وازدادت شوارعها واسواقها وازقتها الترابية المملوءة بالاوساخ والاوحال. كما تبدل اسمها في زمن عبد السلام عارف الى quot;حي الرافدينquot;. وقد وفرت مدينة الثورة اعدادا كبيرة من العمال والمزارعين وموظفي الخدمات والحراس، الى جانب اعداد من الادباء والفنانين والشعراء والشعراء الشعبيين وغيرهم. كما كانت مدينة الثورة ارضا خصبة لمنظمات الحزب الشيوعي والاحزاب الاسلامية الشيعية على وجه الخصوص وكذلك ارضا خصبة لتوليد العصابات والنشالين والهامشيين والمتسكعين. وعند مجىء صدام حسين الى السلطة حاول الالتفاف حولها وكسب رضا سكانها وبدل اسمها الى quot;مدينة صدامquot; واخذ بتحسين احوالها ومن ثم الدخول اليها ونشر مبادىء حزب البعث بين شبابها، بحيث اضطر تلاميذ الثانويات الى الانتساب الى حزب البعث. غير ان مآسي الحروب والحصار الاقتصادي والدمار الذي حل بالعراق حول ولاء أهل الثورة الى القوى الدينية الجديدة وتحولت الى منطقة quot;غيتوquot; معزولة نسبيا ومعقلا من معاقل التمرد والمقاومة. كما تبدل اسمها الى quot; مدينة الصدرquot;، بعد سقوط النظام السابق واحتلال بغداد من قبل قوات الاحتلال عام 2003.
كما عانت المحافظات الواقعة على طول نهر الفرات من شحة المياه أثر عليها تأثيرا سلبيا وكذلك على المردود الزراعي والاقتصادي وذلك بسبب العلاقات السياسية المتردية مع سوريا وتركيا. فقد قطعت سوريا المياه عن الجنوب وعرضت الاراضي الزراعية للتصحر من جهة، وقامت تركيا ببناء مشروع يتضمن 22 سدا ضخما في أعالي نهري دجلة والفرات و19 محطة توليد كهربائية، مما سبب انخفاض مياه نهر الفرات بمقدار 15 مليار متر مكعب. كما استعمل نهر الفرات من قبل سوريا وتركيا معا كورقة ضغط على العراق خلال الحرب العراقية ـ الايرانية وهو ما سبب تغيرا ديمغرافيا كبيرا وذلك بسبب معاناة سكان المدن الواقعة على اعالي الفرات من شحة المياه واضطرار الكثير منهم الى النزوح القسري الى المدن الكبرى وخاصة بغداد.
التعليقات