هذه العبارة التي وضعتها عنوانا لمقالي، كان لها ان تؤدي في فترة ما، الى الحكم بخروجي عن الدين، او في احسن الظروف، ارتكابي خطيئة تستوجب التوبة.
خطيئتي هي أن دعوت بالخير لصديق قديم من لندن اسمه جورج، توفي مؤخرا.
بالنسبة لي كمسلم فلا يجوز، بل هو محرم ان ادعو بالرحمة لمسيحي. هكذا قال لي جميعهم: استاذي في المدرسة، وشيخنا في المسجد، والجار الملاصق لبيتنا، وحتى بعض بيتنا. فالدعاء بالخير يكونا للمسلمين فقط. هم وحدهم من يستحقون الخير في الدنيا، والثواب في الآخرة. ومعنى هذا، انه ينبغي علي، أنا المسلم الذي يملك الكثير من الاصدقاء المسيحيين واليهود وحتى هندوس، ان أدعو عليهم بالخراب والثبور والموت، وليذهبوا الى أسفل السافلين. حتى لو رأيت احدهم يتلوى من الألم، فلن ادعو له بالشفاء. ولو مات دفاعا عن مبادئه، او حتى دفاعا عن مسلم، فيجب ان اقول: اذهب يا صديقي الى الجحيم.
لماذا؟
لأنه كافر؟
لماذا هو كافر؟
لأنه لا يؤمن بما أؤمن به.
هذا المعتقد الذي نشأت عليه، واعتقدت لفترة انه اندثر، رأيته متجسدا منذ ايام أمام عيني.
فقد زرت قريبة صديق لي بعد عملية جراحية صعبة. وجدتها، وهي العجوز المسلمة المتحجبة، تكيل الدعاء لطبيبها الفرنسي المعالج، وقد كان مسيحيا كما دل على ذلك اسمه.
كانت معها ابنة لها، فقالت لأمها: انه مسيحي فكيف تدعين له كما المسلم؟ ترددت الأم لحظة، ثم اتبعت قائلة، ليغفر الله لي وله، فكلنا مؤمن بالله.
هذه السيدة، وهي من جيل يكاد يندثر، أظهرت انها أكثر انفتاحا من ابنتها، وهي من جيل حديث وأم جيل قادم.
فهل معنى هذا ان أجيالنا القادمة ستكون اكثر تطرفا ورفضا للآخر؟
في رأيي ان ما قالته العجوز المريضة شيء عظيم. فكلنا مؤمن بالله، وقبل الإيمان، فكلنا بشر يستحق ان يحيا في محبة. كلنا يستحق ان تحفظ كرامته بصرف النظر عما يؤمن به. فالإيمان معتقد شخصي، ولكل الحق في معتقده.
واذا كان الدين المعاملة كما تقول احاديثنا وأمثالنا،، فالنعلم أننا لسنا أفضل الناس في التعامل مع بعضنا ومع الآخرين. فهل نستحق الثواب والجزاء على سوء معاملتنا، في حين يتسحق المسيحي والهندوسي واليهودي والبوذي ان يترملوا ويسحقوا لأنهم غير مسلمين ولو كان تعاملهم كله صدقا وأمانة؟
ليس عدلا ترضى به السماء ان كانت الاجابة بنعم. فالله العادل، لم يخلق المحبة لنا وحدنا، ولا الآثام للآخرين وحدهم. وكلنا أمامه سواء.

[email protected]