هاني نقشبندي
الكاتب او الأديب هو افضل سفير لبلاده.
إنه كمسحوق غسيل قوي الفعالية في غسل كل ما قد يشوب سمعة وطنه.
وهذا يقودني الى الحديث عن السعودية التي تتعرض دوما لهجمات عالمية تتهمها بالانغلاق والتطرف.
صيت كهذا لن تزيله حملات التسويق الاعلاني ولا المؤتمرات والندوات، بقدر ما يزيلها نجاح كاتب سعودي يصل الى العالمية من خلال الأدب. ولن يتحقق ذلك دون رعاية للأدب والأديب.
السعودية مليئة بالأدباء، لكن معظمهم يعيش في الظل.
لنأخذ معرض الرياض للكتاب. انه واحد من أكثر المعارض أهمية لدور النشر العربية.
فهو الأكبر في عدد زواره والأكثر مبيعا مقارنة ببقية المعارض.
إلا ان هذه المناسبة على حجمها ومكانتها تحتاج الى ما هو أكبر من المساحة وأكثر من عدد الزوار.
معرض الرياض للكتاب مناسبة مهمة تظهر فيها السعودية انفتاحها على الفكر والأدب بلا تحفظات.
لكن ما يحدث هو العكس.
فقد منعت كتب ادبية سعودية كثيرة من المشاركة.
لماذا هذا المنع في الوقت الذي تفاخر دول العالم بغزارة انتاج ابنائها؟
حتى الدول المحيطة بالسعودية، واللصيقة بها، تملك حضورا نوعيا للكتاب السعودي اكثر من معرض الرياض.
ربما يقول البعض ان للسعودية خصوصية مميزة دينيا واجتماعيا. لكني ارد على ذلك بالقول ان الاعلام العربي اليوم، سيما المرئي منه، هو في معظمه ممول من رأس مال سعودي.
هذا الاعلام هو ذاته الذي يعرض القبلة والكأس والفخذ والافكار الدينية واللادينية على انواعها.
وكلنا يعلم ان الاعلام، والمرئي منه تحديدا، لا يقل تاثيرا عن أي كتاب.
وفوق هذا المنع للأدب السعودي من التواجد على ترابه، يجد الكتاب السعوديين انفسهم في آخر قائمة المدعوين الى معارض بلادهم.
معرض الرياض مناسبة فريدة كي تقدم السعودية ابناءها من الروائيين للعالم، لا ان تدفنهم في ادراج الممنوع والمحضور.
كنت في رحلة الى اسبانيا. كنت في رحلة الى فرنسا. كنت في كل مكان. وزرت الكثير من المؤسسات الثقافية. لم يسمع كثيرون بالأدب السعودي. حتى في المعارض العربية يندر حضور هذا الأدب بما يلائم حجم غزارته.
هل هو خطأ الأدباء والمفكرين؟
لا.. بل هو خطأ المجتمع الذي بدلا من ان يقف مع كتابه، ويدفع بهم ليكونوا مرآته امام العالم، يحضر كتبهم، ويتجاهل وجودهم.
لكل دولة سفرائها ودبلوماسييها الذين يعكسون صورتها امام العالم، وليس أفضل من الأدب سفيرا، ولا سفارة افضل من كتاب.