أخيرا إكتمل نصاب البرلمان اللبناني وحضر النواب الـ 127 – العدد الفعلي 128، المكان الشاغر للنائب روبير فاضل نائب طرابلس المستقيل الذي لم ينتخب بعد من يحل محله – بعد فشل أكثر من 45 جلسة دعا إليها نبيه بري علي امتداد عامين ونصف في إختيار راس الدولة اللبنانية..
وبعد إقتراعين متتالين أنتخب النائب ميشيل عون " زعيم التيار الوطني " رئيساً للجمهورية بتأييد من 83 نائب وإعتراض 36 عبروا عن موقفهم بوضع أوراق بيضاء لا تعبر عن حقيقة أصحابها..
مرت العملية سهلة ويسر لأن حزب الله الذي عطل نوابه وحلفائهم هذه الخطوة الإستحقاقية عن قصد لأكثر من ثلاثين شهر، خطط لإتمامها في هذا التوقيت قبل أن تنتهي فترة التمديد التي منحت للبرلمان خارج الصندوق!! ولكي يستعد مع مؤيدوه لخوض الإنتخابات النيابية القادمة لضمان الفوز بنفس أعداد العضوية المؤيدة لسياساته في الداخل وفي الخارج، أو ربما بأكثر منها..
مرت العملية بسهولة ويسر وفق حسابات الحزب علي مستوي الملف السوري، لأن حسم معركة حلب لصالح دمشق وطهران – الذي تقول موسكو أنه في الطريق - سيعزز من فرص تحالفات الدوائر النيابية ومن ترسيخ هيمنة الحزب علي المؤسسات اللبنانية.. وهنا تقع مشكلة سعد الحريري الذي وافقت معظم الكتل النيابية، ما عدا حزب الله – علي أن يترأس الحكومة اللبنانية القادمة، عندما يبدأ إستشارت ومفاوضات الكواليس لتشكيل حكومة لبنان القادمة..
لماذا؟؟ لأن..
المحاصصة هي المحور الأساسي الذي تدور حولة كافة التفاهمات داخل الغرف المغلقة والتى ستمثل صخرة الإنتحار التى يعمل الكل علي الإبتعاد عنها والعمل علي الإلتفاف حولها لتفاديها، إلا حزب الله الذي سيحرص علي وضع مطالبه علي الطاولة بلا حرج وسيعمل علي تحقيقها بكل السبل..
التوازنات هي المحور الثاني الذي سيحاول سعد الحريري ورئيس الجمهورية العمل علي الحفاظ عليه بقدر الإستطاعة، خاصة وأن كلاهما يعي تماماً حرفية هذا المصطلح الذي كثيرا ما قرب لبنان من حافة الهاوية وأدي إلي إغتيال رفيق الحريري ونفي ميشيل عون إلي فرنسا..
أيضا ًالتعهدات التى وردت في سياق الخطاب الذي القاه الرئيس المنتخب ميشيل عون تحت قبة البرلمان، سيكون لها تأثيرها المباشر داخلياً وخارجياً..
فعلي سبيل المثال لا الحصر..
* هل ستبقي سياسات بيروت الخارجية متعارضة مع توجهات دول الخليج ومؤيدة لمواقف طهران – وفق رؤية حزب الله - كما شاهدنا مؤخراً علي يد وزير الخارجية جبران باسيل ( صهر رئيس الجمهورية الحالي )!!..
* هل سيبقي الإلتزم بإتفاق الطائف في نفس مكانته الإستراتيجية؟؟ أم سيهبط إلي أدني مستوي؟؟ وإذا تعرض لتغيير ما، كيف سيكون الموقف من الدستور اللبناني الذي صيغ في ضوءه؟؟..
* ولمن ستكون الغلبة علي مستوي علاقة الدولة اللبنانية بالدولة السورية، المؤسسات المسئولة عن العلاقات الخارجية وتلك التي تدير الحالة الأمنية للبلاد داخلياً وخارجياً!! أم لرؤية حزب الله المنغمس بالكلية في الحرب السورية؟؟..
* ومن الذي سيُمول تسليح الجيش اللبناني وتطوير معداته القتالية، بعد ان جمدت الرياض مساهمتها في هذا الخصوص؟؟ وهل توافق باريس وواشنطن ان تقوم طهران بهذا الدور بدلاً منها؟؟..
* وكيف سيعمل الرئيس عون علي تفعيل وقوف الولايات المتحدة إلي جانب لبنان وإلتزامها دعم قواته المسلحة لمواجهة الإرهاب و تعزيز الإستقرار في ربوع البلاد، بينما يري البيت الأبيض ان حزب الله منظمة إرهابية؟؟..
مصاعب جمة تعترض طريق تشكيل سعد الحريري لوزارة " الوفاق الوطني " كما سماها بعد تكليفة.. لذلك يتوقع البعض ان تستمر حكومة تسيير الأعمال الحالية لفترة أطول مما هو متوقع.. ويتنبأ آخرون أن يتم تشكيل الحكومة الجديدة بشكل موسع يرضي كافة الاطراف التى تطمع ان يكون لها نصيب من مقاعدها، لحين التعرف علي النتيجة النهائية للأنتخابات البرلمانية التى سيحين موعدها بعد أشهر قليلة.. بعدها يكون للمقام المنتخب القول الذي يتناسب مع قوته وإفرازاته..
أي من هذه السيناريوهات إذا وقع علية الإختيار، سيكون مضطراً للإهتمام بالملف الإقتصادي بالدرجة الأولي والثانية لكي يُبتعد الوطن اللبناني – في أقرب وقت - عن مواقع الإنفجار التى من شأنها أن تزيد الملفات العالقة قدراً إضافياً من الإحتقانات التى تهدد بنقل النيران القريبة من الحدود إلي الداخل..
تبقي قضية سلاح حزب الله الشائكة..
سعد الحريري كرئيس للوزراء مضطر للتعامل معها.. فهل يتوافق مع رئيس الجمهورية والرئيس نبيه بري الذان يريان ضرورة التغاضي عن هذا العتاد العسكري " لأنه موجه لمقاومة العدو الإسرائيلي " أم سيتصدي لهما؟؟.. وإذا ما تعارضت الرؤيتان – الحكومية والرئاسية المدعونة نيابياً – وتحزب ميشيل عون لرأية، فهل يقال سعد الحريري من منصب رئاسة الوزارة، أم يتقدم هو بإستقالة مسببة؟؟..
التعليقات