قبل ساعات من إجرائها وبينما يستعد العالم لمتابعة الإنتخابات ومن سيكون الفائز ترامب أم السيدة كلينتون، نتساءل نحن أبناء الشرق الذي تتداوله الحروب والأزمات وتعصف به أسئلة الوجود ورياح التهديدات؛ ماذا سيحمل الرئيس الأمريكي الجديد للعراق وأزماته العميقة وحروبه المستمرة، وكذلك للمنطقة المشتعلة بحرائق كارثية منذ خمس سنوات..؟
قراءتنا تعتمد استحضار ذاكرة الأحداث التي نزفنا فيها دماءا وأرواحا وفقدنا فيها المدن والأحلام، تلك سنضعها امام الدور الأمريكي، الذي تناوب على المنطقة وههو بعهدة رئيس(جمهوري) ورئيس آخر ( ديمقراطي) وكل منهما أمضى دورتين أي ثمانية أعوام على رأس الأدارة الأمريكية.

فوز الجمهوريين يعني أن المنطقة سوف تزداد فيها الحرائق، كما يصبح في حكم الوارد أن تقوم امريكا بضربات جوية وصاروخية في سوريا بهدف تصعيد الموقف، وصولا الى تسوية ولأثبات الدور والحضور في الشرق الأوسط بعد التردد والتراجع والضعف الذي ظهرت به إبان حكم باراك أوباما..!
وسينتهي العراق الى المزيد من الفوضى وتمدد دول الجوار والعصابات الإرهابية والميليشيات التي تكاد تشكل حكومات الظل منذ سنوات، كما يتعذر على الولايات المتحدة الأمريكية إعادة إحتلال العراق مرة اخرى نظرا ً للكلفة الباهضة وهيمنة إيران على مقاليد الأمور السياسية والحربية في الداخل العراق..!
وربما يحصل العراق على مزيد من نهب ثروته النفطية من خلال بعض العمليات الإحتكارية والإستلابية، كما أوعد بذلك المرشح الجمهوري (ترامب) في أول مناظرة تلفزيونية عندما قال ؛" يجب السيطرة على نفط العراق".

أما القراءة التي تذهب الى فوز(السيدة كلنتون) عن الحزب الديمقراطي، فسوف تستمر إيقاع الأحداث في تراجع تدريجي للدور الأمريكي والحضور الإستعراضي للقوة غير الفاعلة، مع التأكيد على مبدأ الدبلوماسية والحوار والقوة الناعمة، وفي هذا الأمر سيحدث تكريسا لمبدأ القوة التي جاءت بها روسيا الى المنطقة بكل حزم وتحدي، ولعل كلام وزير الدفاع الروسي الأخير ؛ " أنتهى زمن الحوار والدبلوماسية وبدأ زمن القوة "، ومراجعة أحداث السنتين الأخيرتين من عمر الأزمة تأكيد على أولوية الدور الروسي، يقابله تراجع الدور الأمريكي الى درجة العجز وفقدان المبادرة والحلول، واللجوء الى الدبلوماسية والإعلام ومواقف سياسية غير مجدية داخل مجلس الأمن والأمم المتحدة..!
أما على المستوى الوضع العراقي، فأن الديمقراطيين الذين أهملوا الملف العراقي بعد الخراب الهائل الذي تركه سلفهم الجمهوريين، فلا حلول تبدو في الأفق سوى العودة الى مشروع(جوزيف بايدن) في تقسيم العراق، أو تقديم بعض المقترحات والمساعدات في تسكين الأمور داخليا ً ودفعها للأمام بلا استراتيجة لحلول ناجزة..!
هكذا تفضي القراءات الواقعية التي جعلت من مشاعر العراقيين تتكأ على اليأس وتوجيه اللعنات لأمريكا، لأنها دمرت البلاد وسلمته لأحزاب الإسلام السياسي الفاسدة والإرهاب ومافيات المال والجريمة ومليشيات وأجندات دول الجوار.

لكي نقطع الطريق على من يتهمنا بالنظرة التشاؤمية نقول؛ العراق يخوض معركة تحرير الموصل منذ شهر تقريبا، وهي معركة مفتوحة الآفاق زمنيا ً، لكن لم يبدر أي موقف أو رؤيا لكل من الجمهوريين أوالديمقراطيين أزاء مايحدث بعد طرد "داعش" من الموصل..؟
الشي الآخر الجدير بالذكر ان الأزمة الدائرة بين تركيا والعراق بشأن الموصل وتواجد القوات التركية والتهديد بالحرب بين البلدين، لم يظهر أي موقف جاد وحازم لأي من الجمهوريين أو الديمقراطيين من تواجد القوات التركية، رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من تقوم التحالف الدولي لمحاربة "داعش" ولها اليد الطولى في هذا الأمر.