الضريبة (أو الجباية) هي مبلغ نقدي تتقاضاه الدولة من الأشخاص والمؤسسات بهدف تمويل نفقات الدولة، أي بهدف تمويل كل القطاعات التي تصرف عليها الدولة كالتعليم متمثلا في المدارس والمعاهد والجامعات ورواتب المدرسين، والوزارات ورواتب موظفيها وعمالها وصولا إلى عمال النظافة الحكومية، والسياسات الاقتصادية كدعم السلع الضرورية وقطاعات اقتصادية معينة،والصرف على البنية التحتية كبناء الطرق والجسور والسدود، أو التأمين على البطالة. في الأنظمة الديمقراطية يتم تحديد قيمة الضريبة بقوانين يتم المصادقة عليها من ممثلي الشعب، وعادة ما تعهد وظيفة جمع الضرائب وتوزيعها على القطاعات المختلفة إلى وزارة المالية بعد تحديد الميزانية. (المصدر: ويكيبيديا – الموسوعة الحرة).
يستند النظام الضريبي الى قاعدة معروفة ومشهورة هي "لا ضرائب من دون تمثيل – No Taxation Without Representation” والمقصود بالتمثيل هنا هو مشاركة الشعب عبر ممثليه المنتخبين في سلطة اتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة شؤون الدولة والمجتمع، لأنه من غير المعقول ان يساهم المواطنون بالجزء الأكبر في تمويل ميزانية الدولة من دون ان يكون لهم رأي ودور في ادارتها وطريقة توجيهها بما يلبي احتايجاتهم.
أول من رفع شعار "لا ضرائب من دون تمثيل – “No Taxation Without Representation هم قادة الثورة الأمريكية في عام 1775م، وذلك بهدف إرساء أٌسس واضحة ومحددة تنظم العلاقة بين طرفي المعادلة، أي بين الحكام والحكومين. هذه الأسس ما زالت قائمة الى يومنا هذا، وهي:
• سيادة القانون، بحيث يخضع له الجميع حكاما ومحكومين.
• التمثيل العادل في النظام السياسي لكل الفئات والشرائح المكونة للمجتمع.
• التدوال السلمي للسلطة عبر الانتخابات الدورية الحرة والنزيهة.
• تعزيز مفهوم المواطنة والحكم الرشيد.
تعتمد دول مجلس التعاون الخليجي (منذ سنوات طويلة) الى حد كبير على عائدات قطاعي النفط والغاز لتمويل ميزانياتها، لكن مع تفاقم هبوط اسعار النفط منذ منتصف العام الماضي، عاد الحديث مجددا من قبل الحكومات الخليجية حول موضوع فرض الضرائب، والتي قد يكون من ضمنها ضريبة على دخل الفرد لتعويض تلك الخسائر المالية الناتجة من هبوط اسعار النفط.
في الواقع، بدأت الحكومات الخليجية فرض الضرائب ولكن بطريقة غير مباشرة وعلى مراحل، أولها رفع الدعم عن بعض السلع الغذائية، ورفع الرسوم الادارية على الكثير من الخدمات، ورفع سعر المحروقات بنسب مختلفة وصل بعضها الى حوالي 60%. كما أقرت الحكومات فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% على ان يبدأ تطبيقها ابتداء من العام 2018م وذلك بهدف سد العجز وتعزيز إستدامة التدفقات المالية.
النظام الضريبي العادل والمتطور يتطلب وجود نظام حكم ديمقراطي يتم من خلاله التداول السلمي للسلطة، والفصل الواضح بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وحماية الحريات الفكرية والشخصية، والادارة الرشيدة لموارد الدولة وثرواتها. أما في الأنطمة الاستبدادية والتسلطية حيث يستشري الفساد السياسي والمالي والاداري، تكون السلطة والثروة محتكرة من قبل فئة قليلة، وتوجه الميزانية العامة للدولة لخدمة هذه الفئة المتسلطة ومن يدور في فلكها.
شعوب دول الخليج العربي، كباقي شعوب العالم المتحضر يتطلعون الى ان يكونوا مشاركون حقيقيون في بناء اوطانهم وإدارتها مقابل ما يدفعون من ضرائب سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة. والمشاركة الحقيقية لا تتحقق إلا عبر انتخابات برلمانية حرة ونزيهةتمكنهم من مساءلة ومحاسبة ومراقبة السلطة التنفيذية والمشاركة فيها، إضافة الى اصدار التشريعات والقوانين المنظمة لشؤون دولهم. كما تتطلع هذه الشعوب الى ان تكون العدالة الاجتماعية أساس النظام الضريبي، بحيث تكون الضرائب تصاعدية – اي كلما ارتفع دخل الفرد إرتفعت الضريبة عليه – مع اعفاء اصحاب الدخل المنخفض من الضرائب.
آخر الكلام: كنت اتحدث مع شخص بريطاني تربطني به علاقة عمل. سألته: هل انت مقتنع من دفع الضريبة على دخلك وممتلكاتك؟ قال نعم، لأني اراها بوضوح كل صباح حين خروجي للعمل. أراها في الشوارع الواسعة والنظيفة، ووسائل المواصلات السريعة والمريحة، والمدارس والجامعات والمستوى العالي للتعليم،والمستشفيات والمراكز الصحية والخدمات الطبية المتطورة، والضمان ضد التعطل. وما هو أهم من كل ذلك الحرية الشخصية وحرية التعبير. نحن – اي الشعب البريطاني – من نأتي بالحكومة، ونحن من نغيرها، ونحن من ندفع رواتب الوزراء وكبار الموظفين، وهم جميعا في خدمتنا.
التعليقات