مما لا شك فيه بأن العالم كله يقف على عتبة حقبة جديدة في العلاقات الدولية. حقبة تتطلب التوقف لحظة, وإعادة وضع الأولويات والعمل على تنفيذ هذه الأولويات, بخطة زمنية قد تطول وقد تقصر تبعا لمدى الفوضى الفكرية التي وصلت إليها المجتمعات. نجاح ترامب الساحق في الإنتخابات. وخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروربي. ’ينذر بأننا على عتبة حقبة جديدة خاصة وإذا ما فاز اليمين المتطرف في دول الإتحاد الأخرى والتي مخطط لها في ربيع السنة القادمة.. الكل يتحسب لما هو قادم, مشاعر متضاربة. ويبقى السؤال الأهم.. هل ستعود أوروبا إلى سابق عهدها, هل ستعود الدول الغربية إلى حقبة ما بين الحربين الأولى والثانية من إشعال للحروب وبحث عن مناطق تمول حروبها ويقتات منها مواطنيها, وليذهب بقية فقراء هذا العالم إلى؟ لقد جربت هذه الدول فكرة قبول الآخر والتعايش معه تحت مسمى التعددية الثقافية. ولكن هذه التعددية فشلت وأكدت أنه من الصعوبة إنصهار الأفكار والتعايش بينها لتخلق مجتمع منفتح ومتصالح مع نفسه لا يرفض التعايش مع الآخر المستوى الفكري الذي وصل إليه سكانها بعد ويلات الحروب. لقد جربت العولمة, وأيقنت أن النتيجة الحتمية لها بالرغم من إستفادة جزء كبير من سكان العالم أجمع إلا انها أعطت أكثر وأكثر للأغنياء فقط. بحيث خلقت فوارقا طبقيه أصبح من المستحيل ردمها حتى وإن فرضت ضرائب أكثر على الأغنياء. ولكننا لا نستطيع غض النظر عن الإيجابية الكبرى للعولمة والتي ربطت سكان دول العالم بأواصر جديدة لم تعهدها سابقا. رابطة العطاء وحب الخير التي تظهر جليا في العطاء عند وقوع كوارث طبيعية او بفعل حروب. 
’ترى إلى أين نحن جميعا سائرون في ظل صعود اليمين المتطرف في الغرب وترويج الخطاب الديني المتشدد في بؤر الصراعات؟
خلال الستة اشهر السابقة. شاء حظي التعس ان أشاهد وثائقيين.. 
الأول بعنوان "مابين المؤمنين" https://www.youtube.com/watch?v=MSklZY_VCIM 
أما الأخر قفد رأيته قبل يومين فقط وإن كانت قناة الجزيرة اخرجتها عام 2014 بعنوان ""بنات طالبان ""
http://www.aljazeera.com/programmes/specialseries/2014/12/girls-taliban-2014121716718177928.html
لن أحدثك عزيزي القارىء عن فحوى كلا ها تين الوثائقيتين. سأترك لك خيار الحكم فيما وصلنا إليه من تهديد لأنفسنا وللعالم من حولنا وأحد أهم أسباب الخوف من الهجرة ومن وجود الجاليات التي عاشت وتعيش في المجتمعات الغربية.
ولكني سأعود لأكمل كتابتي عن العالم الغربي ونيته التي ظهرت من خلال فوز الرئيس الجديد لأكبر دولة في العالم وخروج بريطانيا من الإتحاد.. 
كلا الحدثين لا يعني العودة إلى حقبة حروب كما حدث في الماضي. لأن الفترة السابقة وبرغم العديد من سلبياتها إلا أنها بينت أن لا أحد يستطيع الحياة بمعزل عن الآخر. وبرغم سياسات الحماية التي ستاخذ بها العديد من هذه الدول.. لأمرين حماية أمن وسلامة مواطنها وإستقراراه النفسي وخروجه من الخوف.. وإعادة تشغيل إقتصادها لضمان الإستقرار الإقتصادي بشكل يعود بثرواتها على مواطنها.. مترافقا مع ضمان الأمن الغذائي أولآ لأن هذا ما ’يقوي من قدرة الدولة على التفاوض في أي إتفاقية من منطلق مصلحتها وأمنها.. 
لن تلجأ أي منها لمحاربة الدولة الأخرى. لأن الفترة السابقة علمتها أن خسائر الحروب أكثر من قدرتها على تحملها. إضافة إلى تعزيز القيمة الإنسانية لفردها وعدم قبول التضحية به لأي سبب كان؟؟ ستدخل في معاهدات وإتفاقيات ومفاوضات مهما كانت لها من قيمة زمنية او مادية. سندخل عالما جديدا يؤكد ترابطنا ولكنه أيضا يؤكد ويعمل على إستقلالية قرارات الدول وقدرتها على الحماية. عالما لن تتشابك فيه المصالح إلا بإتفاقيات واضحه تحمل في بنودها تكافؤ الطرفين المعنوي ومصلحة الطرفين.. 
في الحقبة السابقة أي ما تلت الحرب العالمية الثانية وفي ظل ثورة الإتصالات والثورات التكنولوجية المتلاحقة, ومحاولة كل دولة مواكبة وملاحقة كل ذلك, سقطت الحدود ولكن سقط معها الإحساس بمسؤولية الكلمة. وسقط الإعلام حين سقط الإحساس بالمسؤولية عن الكلمة وحل محله اللهث وراء الخبر والربح.. ستحل محله حقبة تأخذ على عاتقها مسؤولية هذا الإعلام ونقل الخبر ولكن بدون لهث. خطاب سياسي غربي يعي ويعني ما يقول.
كلنا في هذا العالم سنمر بمرحلة إنتقالية ما بين العولمة وعهد جديد سيقنن هذه العولمة. 
الرئيس الجديد وكل دول الإتحاد الأوروبي وبريطانيا ستعمل معا وستقضي على آلة حرب داعش. ولكنه س’يصر على مسؤولية الدول الشرق أوسطية في القضاء على الأفكار التي ’تبث من خلال المنابر الإعلامية الأخرى وسيتدخل في تعديل المناهج الدراسية التي تبث هذه الأفكار. لن يمكن لأي دولة شرق أوسطية التأثير على سياسة الرئيس بأي شكل من الأشكال إلا إذا كانت مترافقة مع خطوات جذرية لمحو تلك الأفكار.. لن يسمح لأي من الدول العربية بالتعاطي المنفرد معه لأنه لن يستمع لنصيحة أحد.. وسيتعامل مع الدول الشرق أوسطية ككل بعد إثبات جديتهم في التعاطي مع الغرب بأسلوب جديد وأفكار بناءه. هو الذي قال في إحدى المقابلات التلفزيونية قبل أن يفكّر في الرئاسة " بأن اميركا من جعلت منهم ملوكا وأصحاب مال وعليهم دفع ثمن ذلك.. ولكنه سيضيف إلى فاتورة الدفع المالي شرطا آخرآ تغاضت عنه الإدارات الغربية سابقا. وهو العمل على تغيير جذري يصل إلى الثقافة العالمية لحقوق الإنسان والمرأة كشرط ’مسبق لأي حماية أو إتفاقية أو أي إرتباط. وإلا فمهما كانت قيمة هذه المصالح , ستفض الولايات المتحدة يدها من دول لا تحمل سوى التدمير لنفسها وللعالم من حولها؟؟ سيعمل على التهجير سواء مع اللاتينيين أو مع العرب المتطرفين والمقيمين بصورة غير شرعية.. لقد فضحت داعش الأيديلوجية وفضحت أهدافهم ولن ’يتعب نفسه في محاولة التمييز بين الإسلام المعتدل او أي شكل آخر من أشكال الإسلام.. 
التعيين الأخير لمنصب كبير المخططين الاستراتيجيين، ستيف بانون متعمد ولكن ليس لمعاداة المسلمين.. ولكن لمعاداة أي شكل من أشكال التطرف الديني. إنتقاد منظمات مثل مجلس العلاقات الأميركية-الاسلامية وأمين عالم المنظمات الإسلامية لهذا التعيين سيزيد الطين بلّه لأنه لن يستمع لنصيحة أي من المنظمات التي تمثل المسلمين خاصة وأن هناك سابقة هجومهم على مستشاره لشؤون السياسة الخارجية السيد وليد فارس اللبناني الأصل. سيستمع فقط لمن سيعمل على تجميع كلمة المواطنين الأميركيين بغض النظر عن الدين أو العرق لأن هذا ما سيثبت مصداقيته في الحفاظ على الديمقراطية الأميركية.. نعم سياسة إدارته ستختلف كليا عن إدارة أوباما. الحزم في امور معينه كالتطرف والإرهاب لن يكون فيها مجالآ للتجميل او الديبلوماسية وهي ما تفتقده شخصية الرئيس الجديد كليا. ومن يدري فرب ضارة نافعه؟؟؟ وربما ستكون الصحوة الحقيقية للمنطقة العربية!
العولمة التي حلمنا بها قد تأتي لا حقا ولكن بعد تغير هذا العالم إلى إعلاء الإنسانية المشتركة خاصة وبين شعوب منطقة الشرق أوسطية لوقف الإنزلاق إلى الهاوية أكثر وأكثر.

أحلام أكرم