مالاتستطيع أن تفعل هو تغيير حديث الرسول الأعظم " لايُؤمنُ أحدكم حتى يُحبُّ لأخيه مايُحب لنفسه " .
وإذا كان القرآن وأحاديث الرسول هي دليل العمل والأيمان، فأين الخلل في مجتمعاتنا ومنها العراق موضوع صفحتي ؟
الشيء المعروف أن الدول تستخدمنا لمصالحها . منها دول إقليمية ومنها دولية . والمعروف أن الطبقة السياسية العراقية مخلصة الولاء لهذه الدول&أرضاءاً للنفس والشهرة وتهريب المال ، و لغرور يشفى الصدور دون حساب للمصلحة الوطنية وما يحققونه لمواطنيهم. وهنا لا أريد لنقدي أن يتحور ويُشوه لأن الدلائل ثابتة وسياسة&إرضاء&النفس&والغرور&ليست&شتيمة&تخص شخصية معينة ،&لكنها&توضح&بعض&علل&المجتمعاتالتي&ساد&حكامها&وطبقتها&السياسية&منتهى&الفشلوالنقمة واليأس&.&وما&عليك&إلا&أن&تتطلع&الى&تاريخ هذه الشخصيات وسجلها&وطرق&إرتكازها&على&أحاديث&دينية ولوي معانيها لصالحهم&.&مُلكية أرض العراق تُقررها دول الخارج والمؤسسات والمنظمات الدولية وشركات صناعية وهندسية وطبية وعسكرية لها عقود تجارية مع العراق ، ويثور بعض الفاشلين بين الحين والحين للمطالبة بحصة أكبر لخدماتهم وعروضهم السرية &الخاصة ، وعادة ً ماتكون النقمة الشعبية ضدهم " ثورة في فنجان مثقوب".&
فهل ياترى أن الشعب المتبرم والساخط والغاضب له اللغة واللهجة والكلمة الأولى الموحدة &لوحدة تربة العراق ومياهه وموارده وطاقاته البشرية ؟ وهل ينال غضب العراقيين من ساستهم أي إعتبار؟
إنتابتي&حالة&الألم عند معرفة قيام القوات العراقية بتفجير الجسور الخمسة التي تربط جوانب مدينة الوصول بعملية لايتبعها أي جيش نظامي له وحدات هندسية مهمتها إزالة العوائق والمتفجرات من الطرق والجسور&والمستشفيات&والأبنية . &&&
وتنتابني حالة التذمر واليأس من التجربة&السياسية &لبناء الدولة العراقية بطريقة التخريب والدمار أولاً وعمليات عسكرية عشوائية غير منسقة لتحرير أرض وادي الرافدين . لقد استمر غرض بناء الدولة العراقية بحدودها &الراهنة منذ&عام 1921 ، ويبدو أن من حافظ وابقى على هذا الغرض و وحدة أرضه&موحدة&دونتشظي&تعود الى&ارادة&دول&الخارج كما يرى البعض&، ويوقولبها آخرون على أنها&"وحدة&قسرية"&منذ&العهدالملكي ومنح بريطانيا إستقلالا وهمياً للعراق.&
ولاشك إن أسهل الطرق لتقسيم أرض العراق من جديد تتمثل في&اثارة&الصراع&المذهبي والقومي والصراع على مصادر الثروة ، وبالتالي تبني طبقة سياسية عراقية لاتفكر لهذا التقسيم .
وكباحث بعيد عن الطبقة السياسية العراقية ولا أنتمي إليها ، أود إيضاح ونشر الصورة الأقرب الى أهمية إجتثاث فكرة التقسيم وسبب عدم ملائمتها وصلاحيتها لأي مكون عنصري ديني مذهبي أو قومي وبالأخص فيما يطمح له بعض القادة الكرد .
ولكي نرعى السلام والحرية&والديمقراطية والأستجابة لطموح أهل العراق بقيم الحضارة والمدنية ،لابد من الأشارة الى أبشع&الجرائم&والمذابح&التي عرفتها&الخليقة تقع حال إنفصال أي بقعة أرض ملكيتها تعود للدولة المرسومة الحدود دولياً . وأغلب الظن ان الشعب العراقي على دراية كافية&بأرض الرافدين . وإذا إتبعنا وجارينا سياسة الفشل العام &ورعاية حرية الكلمة بالأصغاء الى مايروج له أعداء التربة العراقية قد نصل الى فهم عام لحقيقة&عدائهم وغباءهم وعدم إدراكهم&.
لا أملك وسيلة أو درجة عالية من الثقافة ولا وسيلة خاصة للإقناع ، إلا أني أمتكك المعرفة بطبيعة الجغرافية السياسية للمنطقة وسكانها &وملكية أهل العراق لأرضهم .
فسواء أمنت أسرة البارزاني أو رئاسة كردستان بالخروج عن القيم العراقية وتخطيط حدود نزاع جديدة ، وقررتً لشعبنا الكردي الأنفصال وترجمته على أنه " التحرروالأستقلال" كما نقلته العديد من وسائل الإعلام العربية وعزته لغرض الأثارة ، الى خطب رئيس الإقليم مسعود البارزاني ومقابلات أفراد أسرته مع الإعلام الغربي ، فأني على يقين بأن رئاسة كردستان والقادة الكرد يهمهم إدامة الأستقرار وألامان وإزدهار أرض العراق والتمسك بالقيم العراقية بإعادة السلام الى تربته وضمان مستقبل أبنائه بسياقات بعيدة عن التعنصر القومي.
وللتوسع في الموضوع وإعطائه طابع البحث السياسي الذي نُدرّسه في أكاديميات تختص بالعلاقات الدولية وطبيعتها في المنطقة فأن إقامة دولة كردية لم يكتب لها أي نجاح بل وستتعرض الى تهديد يطيح بها &في فترة قصيرة من حكومات المنطقة نفسها .&
وماعليك إلا فحص النقاط التالية دون تعصب .فسياسة " العصا لمن عصا " هي السياسة التركية القائمة تاريخياً ضد الأقليات ( مذابح الأرمن والأكراد ) ولازات قائمة الى اليوم تحت راية حزب العدالة والتنمية التركي. والأقليم الكردي&والتجمع السكاني فيه&هو&أجواء وأراضي &محصورة&سكانياً وجغرافياً&بين تركيا وإيران والعراق وسوريا&(Land Lacked&(&و&التطلع لإنشاء دولة&وتوسعها&وسط هذه الدول سيثير&حفيظة القوميات الأخرى&وتجابهها بالتهديد العسكري المباشر وقد يؤدي الى فرض عقوبات وقيود على أكثر من 14 مليون من أكراد تركيا&. ومن الصعوبة أن تقوم أي حكومة بالأعتراف الرسمي بالكيان الجديد&المحاصر براً وجواً &أو وصفه بنبوءات الساسة والميثولوجيا المُحرّفة&مع أن تاريخ الكرد يعود الى أكثر من 300 ألف سنة وتعايشت قومياته بتآخي مع القوميات الأخرى.&وقد&تخطئ&القيادات الكردية العراقية &الهدف بقراءة استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية&بأنها ستساند مثل هذه الخطوة .&فالسياسة الخارجية الأمريكية&ستتُجنب الاحتكاك المباشر&وإيقاف الدمار المحتمل&وصعوبات منطقة معقدة حساسة ومنافسات شديدة بدأت بخلافات كردية ومطالبات بحل رئاسة الأقليم&.&لقد حقق الأقليم الكردي منذ سقوط نظام البعث ، حققَ الكثير ولازال يحقق للقومية الكردية الأمان والسلام والأزدهار&. فلماذا تنوي بعض العقول الكردية تعريض الشعب الكردي الى مآسي ودمار جديد ؟
يقدر عدد السكان الأكراد&6.5&مليون&فى&ايران&،&و&6مليون&فى&العراق،&أي 19بالمئة من سكان العراق&و&مليونفى&سوريا &. وإذا إعتبر السكان&الاكراد&&في&العراقانفسهم&عراقيين ولهم نفس الحقوق والواجبات والأمتيازات والحريات التي منحها الدستور ، فذلك هو عين النجاح وقمة الصواب السياسي . فالسجل التاريخي العراقي شهد حملات&التهجير&القسري والقمع الوحشي ضد الشيعة من الكرد (الفيلية)التي بلغت مليون مُهجّر ، وتم إعدام أكثر من 26 ألف منهم عام 1980 بموجب قرارت نظام البعث الصدامي وماتلاها .&
ومع أن نسبة السكان الأكراد في تركيا يبلغ 19 مليون ، فأن&"طارهان&أردم"؛&رئيس&هيئة&لجنة&الحكماء&بمنطقةبحر&إيجة&غرب&تركيا،&يقول إن&عدد&المواطنين&ذويالأصول&الكردية&يتراوح&ما&بين&12&–&14&مليون&نسمة.كما أن حكومة أوردغان تريد أن تجري إستفتاءاً بشأن انضمام&تركيا&للاتحاد&الأوروبي.&ولايخفى أن الرئيس &التركي و&حزبه&" العدالة&والتنمية"،&يخشيان&التطلعات الكردية ، حيث تعرض الأكراد الى صنوف&من&التمييزالعنصري&والقمع&القومي&منذ عهد الرئيس كمال أتاتورك ،&وقد &وضع&أوردغان قادة&حزب&الشعوب&الديموقراطيالمؤيد&للأكراد&قيد&الاحتجاز&والمراقبة&في&إطار&"مكافحةالارهاب"&وعلاقة&عدد منهم بحزب&العمال&الكردستاني ، الأمر الذي يزيد من خطورة الأوضاع &وتعقيدها بين العراق وتركيا وخاصة وأن القوات العراقية والبيشمركة الكردية يخوضان معركة دامية &في محافظة نينوى ضد داعش جنوب تركيا&.&
وكان لتصريح&رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الأثر الجيد على لحمة الأخوة العربية الكردية وبيانه &بأن الاتفاق بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان بشأن تحرير نينوى ثابتا ولا يوجد فيه أي تغيير، فيما أشار الى أن البيشمركة انسحبت من بعض المناطق المحررة وفقا للاتفاق.
مبادرات&نزع&فتيل&الصراع&نهائيا وقبول الأكراد بالهوية الوطنية العراقية تتكرر . والخوف المتجدد&يتجدد&بشعور الحكومة&التركية&بنمو&القدرات&العسكرية&لحزب&العمالالكردستاني. ففي عام&2008 وصلت&ذروة&الصراع&الكردي - التركي،&باجتياح&عشرة&آلاف&جندي&تركي&لشمالالعراق،&لتدمير&القدرات&العسكرية&لحزب&العمال،وبموافقة&الولايات&المتحدة،&التي&قدمت&معلوماتاستخبارية&عن&مواقع&حزب&العمال&في&العراق.&
ومع&ذلك&ورُغْمه،&فإن&المتابع&للمسألة&الكردية&التركية،يشهد&تطوراً&في&توجه&غالبية&الأكراد&نحو&الاندماجالسياسي&في&تركيا،&بسبب&عدة&عوامل منها&
أن&المناطق&الكردية،&شهدت&طفرة&اقتصادية&كبيرة في السنوات الأخيرة ،&مع&تدهور&الأوضاع&وسوءها في&بقية مناطق العراق &منذعام&2003&،&فشاحنات ومركبات النقلالتركية،&وغالبيتها&مملوكة&للأكراد&الأتراك،&منذ&ذلكالتاريخ&وحتى&الآن،&تحمل&معظم&واردات&وصادرات العراق،&وهو&ما&حقق&للأكراد&أرباحاً&طائلة ببيع المواد النفطية الخام،&ورافقه&نمو&اقتصادي&لتركيا&الدولة. &جاء ذلك نتيجة التألف&بين&الطبقة&الوسطى&الكردية في الأقليم الكردي&وطبقة&رجال&الأعمال&بالدولة&العراقية والتركية المركزية،&وخفت&على ضوئها صوت&المقاومةوالمطالبات&العرقية بألإنفصال.&ولم&يبق&إلا&فصائل&كرديةمحدودة،&ترفض&الاندماج&في&المجتمع&التركي والأنتماء العراقي ،&وتعارض&العمل&السياسي،&وتعمل&علىالانفصال وليس التعايش مع&معطيات الواقع. ويبرز&قول الرسول الأعظم كجزء مهم&في هذا الحقل&" لايُؤمنُ أحدكم حتى يُحبُّ لأخيه مايحب لنفسه ".
ضياء الحكيم&
باحث وكاتب سياسي
التعليقات