وأنا أستمع لما قاله أبن الشاه المخلوع يوم الثلاثاء الماضي في البرلمان البلجيکي خلال إجاباته على أسئلة مختلفة بشأن الاوضاع في إيران ومآلاتها، والذي يبدو واضحا فيه سعيه من أجل طرح نفسه کبديل لنظام الملالي وجعل نفسه صاحب کل النضال والصراع المرير الذي تم خوضه ضد هذا النظام، تذکرت مقولة مأثورة لجيفارا والتي قال فيها: "الثورة يخطط لها العظماء يصنعها الأبطال ويستفيد منها الجبناء"!

أکثر ما يبعث على السخرية والتهکم إن أبن الشاه المخلوع الذي أسقط الشعب الايراني نظام والده وغادر إيران ملوما مدحورا، قد منح الحق لنفسه بتوزيع الادوار وترتيبها على من يشاء وأطلق للسانه العنان وهو يتحدث عن الديمقراطية وکأن إيران في عهد نظام والده المباد کانت جنة الديمقراطية، بل وحتى أکثر من ذلك يريد أن يذکر الشعب الايراني بأنهم أسقطوا نظاما ديمقراطيا وسمحوا بقيام نظام دکتاتوري، مع إن نظام والده ونظام الملالي هما في الحقيقة وجهان لعملة واحدة مع إختلاف في الشکل وتطابق کامل من حيث المضمون.

التحامل المقصود والاکثر من واضح لأبن الشاه في البرلمان البلجيکي على منظمة مجاهدي خلق والسعي لإظهارها بصورة بالغة السلبية وتوجيه التهم المختلفة لها جزافا، والذي قد تمادى فيها الى الحد الذي تصورت فيه بأن أحد أرکان نظام الملالي من يتکلم وقطعا فإنه لايبدو هناك من أي إختلاف من هذه الناحية، ولاسيما وإن مجاهدي خلق قد واجهت حملات شرسة جدا من النظامين (نظام الشاه ونظام الملالي) وکلاهما کانا يعتبران المنظمة عدوها اللدود رقم واحد.

"إذا أردتم معرفة حقيقة مجاهدي خلق فإذهبوا واسئلوا الاعضاء السابقين في المنظمة"، هکذا طلب أبن الشاه من الصحفيين مع ملاحظة إن معظم هٶلاء قد تم تجنيدهم من قبل المخابرات الايرانية وهناك "جوقة" منهم في باريس بشکل خاص يقدمون خدماتهم بهذا الصدد حيث يقولون کل ما يريده نظام الملالي ضد مجاهدي خلق مع ملاحظة يجب أخذها بنظر الاعتبار وهي إن نظام الشاه المباد يحمل نفس الدرجة من العقد والکراهية ضد المنظمة فلاعجب إن وافق شن طبقه!

من ضمن التهم التي قام أبن الشاه بتسويقها ضد مجاهدي خلق، إنها کانت مشارکة الى جنب نظام حزب البعث في شن الهجوم الکيميائي على مدينة حلبجة، وهي تهمة ليست باطلة بل وحتى يمکن وصفها بالسخيفة جدا، وأود هنا أن أذکر بأنني شخصيا قد أجريت تحقيقا صحفيا عن القصف الکيميائي لحلبجة نشرته في إيلاف في 16 آذار 2007، وأترك رابطه أدناه لمن يريد الاطلاع على تفاصيله، وفيه أکد لي مسٶول کبير في الاتحاد الوطني الکردستاني، إشترط عدم ذکر اسمه بأن: "الجيش الايراني کان بإمکانه ان يحذر الاهالي ليدفعهم للخروج من المدينة الى الاراضي المفتوحة حيث يقل تأثير الغازات السامة تبعا لذلك خصوصا مع وجود حرکة رياح نسبية، لکن ايران ومن خلال الحرکة الاسلامية دفعت الاهالي للبقاء في المدينة فيما قامت هي والحرکة الاسلامية بالانسحاب ليشهدوا من بعيد المأساة ومن ثم يعودوا ليستغلوا ذلك ولما بادرناه بالتساؤل هل ان ايران استغلت الکارثة کاستغلال البعض لقميص عثمان، فاستطرد: سبق وان بينت لکم، ايران کانت بحاجة الى ورقة ما ضد الحکومة العراقية، وجاء القصف الکيماوي بمثابة هبة من السماء"، هذا من جانب وإذا ما إعدنا الى الاذهان ما کانت قد بثته قناة "آرتە" الفرنسية يوم 27 أيلول2005، في برنامج تناول محاكمة صدام حسين، تصريحات المحامي الفرنسي امانوئل لودو، المدافع عن رئيس النظام العراقي السابق، حيث کشف فيه أن سفير النظام الايراني في فرنسا قد دعاه إلى سفارة النظام في فرنسا واقترح عليه أن تكف إيران والعراق عن توجيه التهم بعضهما ضد البعض بشأن القصف الكيمياوي في حلبجه وفي المقابل يتم توجيه التهمة ضد مجاهدي خلق الايرانية من قبل الطرفين.

ويبدو أن من بات في عجلة من أمره لکي يرکب موجة الاحداث والتطورات في إيران، قد أدى الخدمة التي سبق وأن طلبها ملالي إيران من المحامي الفرنسي، وبجرة لسان إتهم مجاهدي خلق بالضلوع في القصف الکيميائي على حلبجة!

ليست المرة الاولى التي تتعرض لها منظمة مجاهدي خلق لهکذا تهم باطلة وقطعا لن تکون الاخيرة، غير إن الذي يجب الانتباه له وأخذه بنظر الاعتبار هو توقيت توجيه هذه التهم وکذلك الشخص الذي يقوم بتوجيهها ومن الذي يستفيد منها، فذلك وحده يفسر ويکشف مافي جعبة أبن الشاه!