قالت لي غالية، وهي شابة مصرية، مؤخراً: "كل امرأة لديها القدرة على تغيير العالم نحو الأفضل، والأمر متروك لنا للمساعدة في جعل هذه القدرة واقعاً ملموساً."

وأنا أتفق تماماً مع غالية.

وتمثل الدراسات الأخيرة التي أجراها صندوق الأمم المتحدة للسكان حالة واضحة للاستثمار في الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية للحد من الفقر، وتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير الفرص للجميع.

وتتزوج أكثر من فتاة واحدة من كل خمس فتيات في المنطقة العربية قبل سن 18 عاماً. وهذا انتهاك خطير لحقوق الإنسان، وعائق كبير للاقتصادات. ومع ذلك، تظهر دراساتنا أن كل دولار يتم إنفاقه على مكافحة زواج الأطفال في البلدان العربية الأكثر تضررا يمكن أن يدر أكثر من 35 دولارا في المقابل، حيث تمكن من تحقيق ملايين الفتيات أحلامهن وحياتهن ومستقبلهن.

وتعاني حوالي 50 مليون فتاة في المنطقة العربية من تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، والقضية الأخلاقية لمكافحة هذا الختان الوحشي واضحة. ومع ذلك، هناك أيضاً مكاسب اقتصادية كبيرة يمكن تحقيقها، مع تحقيق عائد بأكثر من 10 دولارات في مقابل كل دولار ينفق على جهود الحد من تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، وحصول المزيد من النساء على سنوات صحية من الحياة، وانخفاض عدد الفتيات اللاتي يعانين من الإعاقة أو يعانين من مضاعفات الولادة الخطيرة والمكلفة.

إن تعزيز المساواة بين الجنسين من خلال الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية، والاستثمار في التعليم، ومكافحة الممارسات الضارة، وتعزيز المعايير المنصفة بين الجنسين، من شأنه أن يؤدي إلى أسر أكثر صحة، واقتصادات أقوى، ومجتمعات أكثر مرونة.

وكما توضح سيرين، وهي امرأة من وادي البقاع في لبنان، فإن "الاستثمار في النساء هو الطريق إلى مجتمعات أقوى وأكثر توازناً".

وقد حقق العالم العربي تقدما كبيرا، حيث انخفضت الوفيات النفاسية إلى النصف تقريبا في المنطقة في السنوات الثلاثين الماضية، ويتمتع عدد متزايد من النساء والفتيات باستقلاليتهن وحقوقهن وخياراتهن. ومع ذلك، فقد تم استبعاد النساء والفتيات المهمشات، وخاصة أولئك الائي يعشن حيث الأزمات والسياقات الإنسانية.

ومن سوريا إلى السودان واليمن وفلسطين، تواجه النساء والفتيات العالقات في الصراعات والكوارث مخاطر عالية ومتزايدة من خلال انقطاع خدمات تنظيم الأسرة، والتعرض للعنف القائم على النوع الاجتماعي، والإجبار على الزواج المبكر والقسري، والوفاة أثناء الولادة.

تقول ميس، وهي امرأة من فلسطين: "ستكون هناك دائمًا قوى تعمل على تقويض حقوق المرأة وتقدمها، لكنني أرفض السماح لها بالفوز".

وفي حين أن المنطقة العربية تتأثر بالأزمات المتعددة والاتجاهات الكبرى الناشئة - من الحرب إلى الفقر وتغير المناخ الذي يغذي الكوارث، فإن تكلفة التقاعس عن العمل مرتفعة للغاية. إن جهودنا الجماعية ضرورية لتحقيق الوعد بالاستقرار والنمو والازدهار للنساء والفتيات، والذي ينشأ من تحقيق المساواة بين الجنسين ويوفر الأمل والفرصة للجميع. إن الاستثمار في صحة النساء والفتيات أمر بالغ الأهمية لمنع إهدار إمكانات الأفراد والمجتمعات وتسريع التقدم نحو عالم تتاح فيه لكل فرد فرصة لتحقيق إمكاناته الكاملة من خلال التزامه بالكرامة الفردية وحقوق الإنسان.

قبل ثلاثين عاما، في المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، اتحد العالم خلف رؤية تعتبر فيها حقوق النساء والفتيات في قلب التنمية العالمية.

واليوم، في اليوم العالمي للمرأة، أصبحت رسالة الأمل والتقدم والفرص المشتركة هذه صحيحة وحاسمة وجذابة كما كانت دائمًا.

إن النساء والفتيات يحملن المفتاح إلى عالم عربي ينعم بالسلام والرخاء، ويتعين علينا أن نمهد الطريق لهن من خلال الاستثمار في الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية.