لم تشهد منطقة الشرق الأوسط خصوصاً والعالم عموماً، على وجه الإطلاق، نظاماً يلجأ إلى ممارسة الکذب والخداع والتضليل وحرف الحقائق وقلبها رأساً على عقب كالنظام الايراني، لا سيما أنه يلجأ دائماً إلى التصرف وفق القولين المأثورين "ضربني وبکى سبقني واشتکى"، و"يقتل القتيل ويمشي في جنازته"، والأنکى من ذلك أنه يتصرف بطريقة تثير ليس السخرية فقط، بل وحتى الاستهجان، عندما يرفض الأخذ بالحقائق المسلم بها التي تدينه ويصر على آراء لا يمکن أن يصدقها لبيب، لکون التمويه والتضليل والضبابية تغلب عليها.

منذ أن بدأ الحوثيون في اليمن بمهاجمة خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وارتكاب ما يمکن وصفه بانتهاکات تصل إلى حد الجرائم بحق السفن، ويصعب إيجاد من يمکن أن يصدق، في العالم کله، أن الحوثيين يقومون بهذه النشاطات المريبة والمخلة بالأمن والملاحة الدولية من تلقاء أنفسهم، حيث أصابع الاتهام کلها تشير إلى النظام الإيراني، لا سيما أنَّ الحوثيين، وکما أثبتت الأحداث والتطورات، ليسوا إلا إحدى أدواته في المنطقة.

بعد مضمون الجلسة العامة الأخيرة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن، والتي عقدت قبل أيام في إطار جدول أعمال الوضع في الشرق الأوسط، والتي أشارت بوضوح إلى ضلوع النظام الإيراني في دفع الحوثيين إلى القيام بالنشاطات المخلة بالأمن الملاحي في البحر الاحمر، لا سيَّما أنَّ معظم الصواريخ والطائرات المسيرة والأسلحة الثقيلة الأخرى التي يمتلکها الحوثيون تأتيهم من النظام الإيراني، وبعد اعتراض وإيقاف أکثر من سفينة تحمل أسلحة إيرانية لهذه العصابة المتسلطة على اليمن، ذکرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا) أن مندوب النظام الإيراني لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، أعلن فيما يتعلق بالوضع في البحر الأحمر واليمن، عن رفض نظامه القاطع للاتهامات التي لا أساس لها من الصحة!

هذا الأسلوب التمويهي الضال المضلل الذي لجأ ويلجأ إليه النظام الإيراني في مواجهة المعلومات الدامغة التي تدينه وتفضحه وتکشف عن دوره المشبوه في إثارة الحروب والقلاقل والدفع باتجاه زيادة التوترات في المناطق المضطربة أساساً، لا يمکن اعتباره أبداً بالأمر الجديد والطارئ على هذا النظام، بل يمثل ويجسد ديدنه، إذ يعرف عنه ارتکاب نشاطات مشبوهة مباشرة أو عبر وکلائه وأدواته في المنطقة، ومن ثم التنصل من مسؤولية ارتکابها بل وحتى رفض الاعتراف بضلوعه فيها، بالرغم من أنَّ معظم الادلة تدينه.

في مواجهة الدور المشبوه الذي يقوم به هذا النظام، ولا سيَّما خلال العقود الثلاثة الأخيرة في بلدان المنطقة، ووجود آلاف الأدلة التي تبرهن على ذلك وتدين تورطه فيها بمختلف الطرق، يواصل النظام الإيراني، وخلافاً للعقل والمنطق، ممارسة الکذب والخداع والتضليل، ويصر على براءته من دفع وتحفيز وکلائه في المنطقة من أجل القيام بنشاطات مشبوهة مزعزعة للأمن والاستقرار، في وقت يعتبر هٶلاء الوکلاء أعضاء في ما يسميه "جبهة المقاومة والممانعة"، والأکثر سخرية من کل ذلك أنه يريد من العالم کله أن لا يأخذه بأفعاله وإنما بأقواله، المستندة على الکذب والخداع والتضليل!