بالأمس انسحب فريق فنربخشة من مباراة كأس السوبر أمام منافسه التاريخي غلطة سراي بعد مرور 50 ثانية فقط على بداية المباراة، وهو انسحاب مخطط له قبل بداية المواجهة، وبدء فريق فنربخشة المباراة بفريق الشباب تحت 19 عاماً، إمعاناً في تأكيد رسالته بأنه لا يرغب في الاستمرار في المنافسات أو احترام اتحاد الكرة.

عنف واستعراض نفوذ
قضية الكرة التركية تبدو أكبر من "فضيحة الأمس"، فالكرة التركية تقع تحت طائلة الفضائح المتعلقة بالعنف والانسحابات وغيرها من أشكال الفوضى، ولمن لا يعرف تفاصيل ما يحدث فالأمر يرتبط في الأساس بالتعصب الجماهيري الذي لا مثيل له في ملاعب العالم، والذي يتم استغلاله سياسياً، كما أن غالبية رؤساء الأندية من رجال الأعمال والسياسيين وأصحاب النفوذ.

ثقافة مجتمع؟
الأمر على هذا النحو ما هو إلا فوضى، واستعراض عضلات، ولعب سياسي على نغمة التعصب الجماهيري، ويحاول رؤساء الأندية وإداراتها إظهار قوتهم على حساب "الدولة"، وبالرغم من أنَّ التجربة التركية في الاقتصاد كان لها نجاحاتها في السنوات الأخيرة، وحدث تطور مذهل في كافة مناحي الحياة، إلا أن "الثقافة التركية" القائمة في جزء منها على "التعصب والعصبية"، وإظهار القوة والنفوذ حتى لو كان ذلك على حساب القوانين، وقوة الدولة لا تزال هي السبب الأكبر في فوضى وفضائح الكرة التركية.

مطية السياسة
ومثلما يحدث في كثير من دول الشرق الأوسط، فإن كرة القدم هي "المطية" لرجال السياسة والمال، وهي كذلك "مطية الحكومات" حيث يتم استغلالها في "لعبة الإلهاء" مع ترك هامش من حرية "العنف" و"التعصب"، وهو سيناريو مكرر في غالبية دول الشرق الأوسط، مما يدفعنا للقول إن حكومات هذه الدول ليست بهذا الضعف، ولكن الأمر برمته يبدو متعمداً لامتصاص الطاقات السلبية في المجتمع.

أجيال التمرد
يجب الانتباه إلى أن ترك المجال للعنف اللفظي والجسدي والانسحابات وتحدي القوانين في ملاعب كرة القدم من جانب الجماهير وإدارات الأندية، من شأنه أن يصنع ما يسمى بـ "أجيال التمرد"، فمن المحتمل أن تنتقل شرارة العنف "اللفظي على الأقل" من الملعب إلى الشارع، وإلى تفاصيل الحياة بصفة عامة.

مسارح أوروبا
في جميع الأحوال يجب أن يكون النموذج الأوروبي في كرة القدم حاضراً في أذهان الجميع، فقد كانت تجربة القارة العجوز قاسية وصولاً للصورة المثالية الحالية، حيث "المتعة الكروية" وتنفيذ القانون، ومواجهة كافة أشكال العنف الجماهيري، مما جعل الملاعب الأوروبية تتحول إلى ما يشبه المسارح التي تعرض أعمالاً فنية، وليست ساحات عنف وشتائم وتحدي للقوانين كما هو الحال "شرق أوسطياً".