طوال تاريخه، استخدم النظام الإيراني بشكل متكرر أساليب احتجاز الرهائن والإرهاب للتلاعب بالآخرين والحفاظ على سلطته محليًا. وكثيراً ما دفعت هذه الاستراتيجية المتعمدة المجتمع الدولي إلى الاستسلام لمطالب طهران، ومنح تنازلات تعزز نفوذ النظام وتشجع اعتداءاته. على العكس من ذلك، في المناسبات النادرة التي واجهت فيها طهران معارضة قوية، لم تؤد إلى الحرب، بل أجبرت النظام على التراجع وإعادة التفكير في نهجه.

حالة تاريخية من أخذ الرهائن
في آذار (مارس) 2007، ألقت القوات الإيرانية القبض على خمسة عشر من أفراد البحرية الملكية في الخليج العربي. وبينما أصرت حكومة المملكة المتحدة على أن البحارة كانوا في المياه العراقية، زعمت إيران أنهم كانوا في الأراضي الإيرانية. وحذرت المملكة المتحدة من اتخاذ إجراءات "صارمة" ضد المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي وعززت وجودها العسكري في الخليج العربي. وبعد 13 يومًا، أطلقت إيران سراح البحارة، وأشرف الرئيس محمود أحمدي نجاد شخصيًا على مغادرتهم طهران.

أنماط السلوك
تشير هذه الحادثة إلى أن النظام الإيراني متردد في المخاطرة بمواجهة مباشرة مع الجيش الأمريكي أو القوى الغربية الأخرى. كما يظهر أن النظام لا يستجيب إلا للغة القوة وسيتراجع عندما يواجه سياسة حاسمة وحازمة.

سياسة الاسترضاء الغربية
إن التهديد الذي يشكله النظام الإيراني في الشرق الأوسط لا يرجع إلى قوته المتأصلة، بل إلى فشل الغرب في معالجته بفعالية. وعلى مدى أكثر من أربعة عقود، كانت السياسات الغربية تعتمد إلى حد كبير على الاسترضاء، مما مكن النظام من أن يصبح قوة مهمة في المنطقة.

دور الاسترضاء الغربي
لقد أتاحت عقود من الاسترضاء الغربي للنظام الإيراني فرصًا كبيرة للانخراط في أنشطة تخريبية في المنطقة. لقد كان الرضا التاريخي الذي أبداه الغرب سببا في تسهيل الإرهاب الذي ترعاه إيران.

عواقب الاسترضاء
إن تاريخ أربعة عقود اتسم باحتجاز الرهائن والإرهاب يوضح أن الاستسلام للدولة الرائدة في رعاية الإرهاب لا يؤدي إلا إلى تقوية النظام الفاسد والمتطرف. منذ أوائل الثمانينيات، دأبت المقاومة الإيرانية على تحذير العالم من الطبيعة الخطيرة للنظام وأجندته. وعلى الرغم من هذه التحذيرات، فقد سمح المجتمع الدولي لهذا الكيان الخطير بالنمو دون رادع، والتسلل إلى أعماق المجتمعات المختلفة. وفي المقابل، واجهت حركة المقاومة قمعًا شديدًا من القوى الغربية.

الحاجة إلى نهج حاسم
إن التصدي للنظام الإيراني يتطلب نهجا حاسما لا ينطوي على حرب، بل ينهي سياسة الاسترضاء ويتخذ موقفا حازما ضد النظام.

المفاهيم الخاطئة حول المواجهة
هناك اعتقاد شائع بأن القوة الكبيرة التي يتمتع بها النظام الإيراني، والمستمدة من موقعه الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط ذات الأغلبية المسلمة، تردع المجتمع الدولي عن تحميله المسؤولية. ومع ذلك، فقد ساهمت طهران في غرس هذا المفهوم الخاطئ بعناية على مدى أكثر من ثلاثة عقود.

التلاعب بالرأي العام
استخدم النظام الإيراني استراتيجيات مختلفة لتعزيز السرد القائل بأن السياسات الصارمة ضده ستؤدي إلى صراع عسكري واسع النطاق. وقد تم تسهيل ذلك من قبل جماعات الضغط التابعة للنظام في الغرب والأفراد الذين يدعون خبرتهم في إيران. وكانت هذه الشخصيات نشطة في وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية والخطاب العام، وغالبا ما تصور نفسها على أنها دعاة للسلام وعدم التدخل.

آلة الدعاية الإيرانية
وتنطوي استراتيجية التواصل الخاصة بهم على المبالغة في القوة العسكرية للنظام، والتعتيم على نقاط ضعفه، وتضخيم الأهمية السياسية لقواته الوكيلة. فهي تقدم سيناريوهات مفرطة في التفاؤل فيما يتعلق بالدبلوماسية مع طهران وتضخيم الدعم المحلي المتصور للنظام، مما يثبط الإجراءات ضده.

أمثلة على الدعاية الإيرانية
وفي تقرير صدر في ديسمبر 2018، حددت رويترز أكثر من 70 موقعًا إلكترونيًا تنشر الدعاية الإيرانية في 15 دولة. وهذه المواقع، التي يزورها أكثر من نصف مليون شخص شهريًا، يتم الترويج لها من خلال حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي يتابعها أكثر من مليون شخص. في مايو 2019، كشفت FireEye عن حملة إعلامية إيرانية باستخدام حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي تتظاهر بأنها أمريكية، حتى أنها نشرت مقالات رأي في وسائل إعلام أمريكية تحت شخصيات مزيفة. وكشف الرئيس السابق حسن روحاني، في اجتماع لمجلس الوزراء في آذار (مارس) 2020، عن جهود طهران للتأثير على الرأي العام ضد العقوبات واستعادة الأموال المصادرة.

حرب الظل الإيرانية
لقد أتقن القادة الإيرانيون إدارة حرب الظل، معتمدين على قوات بالوكالة في الخارج وعملاء أجانب في الغرب للتأثير على السياسات لصالحهم. إنهم يستغلون المدافعين العالميين للتهرب من المساءلة وتعزيز السرد القائل بأن التسوية هي الطريقة الوحيدة لتجنب الحرب.

هناك حاجة إلى تحول استراتيجي
إن التصدي للتهديد المستمر الذي يشكله النظام الإيراني يتطلب تحولاً استراتيجياً يتجاوز الاحتواء التقليدي والاستجابات العسكرية التكتيكية. ومن الأهمية بمكان أن نفهم أن تصرفات طهران العدوانية هي استراتيجية بقاء متجذرة في نقاط الضعف الداخلية، وليست سعياً للهيمنة العالمية.

استراتيجية النظام المزدوجة
إن بقاء النظام الإيراني يعتمد على القمع الداخلي وخلق الأزمات في الخارج. ومع ذلك، فإن تعزيز الأزمات لا يعني بالضرورة الدخول في حرب مباشرة مع الولايات المتحدة أو الغرب. فالصراع المباشر مع الولايات المتحدة من شأنه أن يؤدي إلى هزيمة النظام، وهو ما يتناقض مع نهجه الاستراتيجي في الحفاظ على الذات.

مواجهة النظام
إن الادعاء بأن المواجهة الحاسمة مع النظام سوف تتصاعد إلى الحرب لا أساس له من الصحة. وتظهر الأمثلة التاريخية أن العمل الحاسم يجبر النظام على التراجع، في حين أن النهج الأكثر ليونة يشجعه. إن استقرار النظام يعتمد على الفوضى في أماكن أخرى، والحل الحقيقي للسلام والاستقرار الدائمين يتطلب معالجة استراتيجيات بقاء النظام بشكل مباشر.